هيفا العربو... رمز من رموز ثورة المرأة

هيفا العربو، التي استشهدت إثر هجوم شنته الدولة التركية في 27 كانون الثاني/يناير الماضي، شاركت في ثورة المرأة التي انطلقت في إقليم شمال وشرق سوريا وأصبحت رمزاً من رموزها.

بروين أمارا

قامشلو ـ الثورة تُبنى بشخصيات نموذجية تبذل حياتها وتضحي بنفسها في سبيل الحرية، وثورة المرأة غنية بهذه الشخصيات النسائية اللاتي تناضلن من أجل حرية الشعوب والنساء، وقد أصبحت مصدر إلهام للحرية والنجاح لجميع نساء العالم.

عُرفت ثورة الشعب والمرأة بإقليم شمال وشرق سوريا بنضال وقيادة النساء، فقد كرسن حياتهن لتحرير هذه الأرض بدون تردد، وتمت حماية منجزات ومكتسبات هذا الشعب بقيادة النساء اللاتي تُعرف الثورة اليوم بصوتهن ولونهن.

 

خطوات نحو الثورة

كانت هيفا العربو المعروفة باسم صالحة فيان، واحدة من هؤلاء النساء الرائدات، من مواليد عام 1981 من مدينة الدرباسية التابعة لمدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، عرفت النضال من أجل حرية كردستان في سن مبكرة ونشأت على هذا الفكر، عندما كان عمرها 16 عاماً، شاركت في الأنشطة السياسية. كما شاركت في أنشطة وأعمال تنظيم الشعب، لتصبح شخصية ريادية وتحصل على هوية المرأة الحرة توجهت في عام 2000 إلى جبال كردستان، وبنضالها وتضحياتها على مر السنين، أصبحت قدوة لجميع رفيقاتها.

 

"بتضحياتها أصبحت قدوة ومثالاً لجميع النساء"

لقد بذلت هيفا العربو الكثير من الجهود والتضحيات خلال ثورة روج آفا، وقامت في بداية الثورة بالعديد من الأعمال المهمة والقيمة التي تصب في صالح المرأة، وكامرأة كردية، قامت بالكثير من العمل ليس فقط من أجل الكرديات، بل عملت أيضاً بعد تحرير منبج والرقة والطبقة ودير الزور، من أجل أن تحصل المرأة العربية على هويتها ويتم الاعتراف بإرادتها.

كانت من بين مؤسسي الإدارة الذاتية الذين عملوا من أجل هوية كافة المكونات، إلى جانب مشاركتها في مجلس المرأة بمقاطعة الجزيرة وتولت منصب الرئاسة المشتركة لمقاطعة الجزيرة، ومؤخراً، بدأت العمل في مؤتمر ستار وتم انتخابها كعضوة منسقية في المؤتمر الأخير، ومن بين هذه النضالات عملت باستمرار من أجل مستقبل جميع النساء وبتفانيها وتواضعها احتلت مكانها في قلوب نظيراتها، لكن في 27 كانون الثاني/يناير 2025، استهدفتها طائرة مسيّرة تابعة للدولة التركية سيارة في بلدة جارقورن التابعة لمحافظة رانيا بإقليم كردستان، ما أدى إلى استشهادها مع أثنين من رفاقها.

 

"كانت تحلم دائماً أن تكون من الرائدات"

وعن شخصيتها ومسيرتها وكفاحها، قالت والدتها زكية العربو "منذ أن تعرفت ابنتي على حركة التحرر الكردستانية، كانت تحلم دائماً أن تصبح رائدة وقد حققت حلمها، ونظراً لوطنية العائلة، كان رفاقها يأتون إلى منزلنا ويزوروننا كثيراً، كانت فرحتها عارمة، في كل مرة أشعر بانتمائها إليهم".

 

"تطلعاتها في الحياة كانت كبيرة جداً"

وحول تطلعات هيفا العربو، أوضحت "كانت لا تزال صغيرة، لكن تطلعاتها في الحياة كبيرة، وحتى قبل انضمامها، كانت تقول إني أثق بنفسي، وأستطيع القيام بهذا الواجب، كان لديها مثل هذه الطاقة التي لمست قلب الجميع، وأنا كوالدتها أقول إنني فخورةً بها وبتضحياتها، ولسنا نادمين أبداً لأنها سلكت هذا الطريق".

 

تركت إرثاً عظيماً للنساء

بدورها قالت أمينة عمر إحدى صديقات هيفا العربو، إنهما تعرفتا على بعضهما أثناء تأسيس الإدارة الذاتية، واصفةً كفاحها وتضحياتها "عندما رأيتها لأول مرة، احتلت وعلى الفور مكانة في قلبي، لقد عملنا معاً في مجلس المرأة لمدة عامين، كانت روح الصداقة لديها عالية جداً، وتتعامل دائماً مع جميع أصدقائها ورفاقها بمسؤولية وتشارك تجاربها معهم، كانت تتمتع بروح معنوية عالية وطاقة، كان لذلك تأثير جيد على عملنا أيضاً، لقد أولت أهمية كبيرة لأنشطة المرأة، وكانت تتحدث دائماً عن آلام ومعاناة النساء عبر التاريخ وحتى الآن، وتدعمهن".

 

"لقد تركت وراءها مسيرة مليئة بالنضال"

وأشارت إلى أن هيفا العربو كرست حياتها في سبيل النضال وحرية الشعوب المضطهدة "عملت من أجل المرأة في العديد من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، اهتمت ودعمت النساء اللاتي تعرضن لممارسات لاأخلاقية إبان سيطرة داعش، ليس فقط من أجل الكرديات فقط، لكن أيضاً من أجل جميع النساء، قامت بعمل عظيم في ثورة روج آفا، وحتى الآن فإن تأثيرها واضحاً على نساء تلك المناطق، فأسلوبها في التعامل مع الناس هو ذاته، لذلك أراد الجميع أن يكونوا قريبين منها، لم تكن تضيع وقتها أبداً، وأمضته في خدمة هذه الثورة".

 

"لن نترك مكانهم فارغاً"

وأكدت أمينة عمر على أنها ستسير على خطى رفيقتها "شخصيات كصالحة فيان يصبحون مصدر حزن لنا من جهة، وتزيد المسؤولية التي تقع على عاتقنا نحن النساء من جهة أخرى، لقد تركت وراءها مسيرة مليئاً بالنضال، وإن استشهاد مثل هؤلاء الرفاق الذين ضحوا بكل لحظات حياتهم من أجل حرية هذا الوطن يحزننا، ولكننا نؤكد أننا سنسير على خطاهم، وسنكمل الجهود التي بذلوها والنضال الذي قدموه في حياتهم، لن نترك مكانهم فارغاً أبداً".