حقوقيات تطالبن بمراجعة القرارات التي تعيق وصول النساء للقضاء

نظمت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوارية بعنوان "العدالة للنساء في ظل التحديات الاقتصادية والقانونية"، بحضور لفيف من الفئات المعنية وعلى رأسهم المحاميات والمحامين.

أسماء فتحي

القاهرة ـ رفع رسوم الإجراءات القانونية واحد من أهم الأزمات التي سيتحمل تكلفتها المجتمع المصري وفي مقدمته النساء كونهن الأكثر تضرراً من ارتفاع تكلفة التقاضي ليتقاطع ذلك مع أزمات الأحوال الشخصية ومسارات التقاضي فيها بعد الطلاق والتي تجعل الكثيرات غير قادرات على استكمالها بسبب التعثر الاقتصادي والأعباء الاجتماعية.

ناقشت مائدة "العدالة للنساء في ظل التحديات الاقتصادية والقانونية"، بإشراف مؤسسة قضايا المرأة المصرية اليوم الأربعاء 21 أيار/مايو، أثر رفع رسوم الإجراءات القانونية على النساء خاصة في ظل العزوف الذي حدث مؤخراً عن سلك مسارات الإجراءات القانونية بسبب تكلفتها، كما استعرض الحضور أثر ذلك على الثقة في منظومة العدالة خاصة أن زيادة الرسوم لا يتم إلا بقانون وما حدث مجرد قرار بدأ بشكل فردي ثم تم تعميمه بزيادات لا يمكن أن تتحملها الجهات التي تتعامل مع منظومة العدالة والأفراد، معتبرين أن هذه القضية باتت تطال كل مواطن مصري.

وترتب على ارتفاع الرسوم الكثير من الأزمات بل وصفه البعض بأنه يتعارض مع ما يكفله الدستور للمصريين والمصريات في الوصول للعدالة مما سيتعذر معه القدرة على ذلك، واتجهت أغلب الآراء إلى الضغط من خلال الدعوة المنعقدة للجمعية العمومية المقررة في 21 حزيران/يونيو المقبل والمنتظر خلالها البت في أزمات التقاضي المتنوعة.

 

الأهداف التي تسعى إليها المائدة الحوارية

وعلى هامش المائدة الحوارية، قالت جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، أن المائدة تستهدف مناقشة تأثير زيادة الرسوم القضائية على النساء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، فضلاً عن وضع النساء داخل قانون الإجراءات الجنائية.

ولفتت إلى أن زيادة الرسوم القضائية عادة ما تدفع ضريبتها النساء والفئات المهمشة لأن الكثير منهن يرغبن في سلك مسار التقاضي خاصة في قضايا الأحوال الشخصية والزيادة وصلت لـ 500% وهو ما يعيق وصول النساء للعدالة ومن ناحية أخرى الدستور المصري يكفل حق التقاضي للجميع وبمثل هذه القرارات يتأزم الوضع في مسار التقاضي ويعرقل المسار القضائي.

 

تفاقم الأوضاع الاقتصادية للنساء

وأوضحت أن الدعوة للمائدة شملت قطاع كبير من المحامين والمحاميات ممثلين عن نقابة المحامين كونهم الأكثر تماساً مع هذه القرارات للتفكير فيما سيتم فعله على أرض الواقع فلا زيادة إلا بقانون ومع ذلك محكمة الاستئناف أصدرت قرارها بالزيادة مما عطل الكثير من إجراءات التقاضي.

ومن واقع تجارب المؤسسة مع إجراءات التقاضي للنساء خاصة الغير قادرات على الإنفاق عليها، فقد لفتت جواهر الطاهر، إلى أن المؤسسة تعمل منذ نحو 30 عاماً على تقديم الدعم القانوني للنساء ولديها الكثير من القضايا وتحتك بالوضع الاقتصادي للنساء عن قرب وارتفع معدل الحالات الواردة للمؤسسة خاصة فيما يتعلق بالنفقة خلال الفترة الأخيرة وبالتالي هناك أثر واضح وكبير على النساء وملموس كذلك.

واعتبرت أن القرار يحتاج أن يتحول لقانون وفي حال الاستمرار في تنفيذه لابد من وجود استثناءات خاصة أن نحو ثلث المجتمع نساء معيلات وهناك أخريات لا يمكنهن الوصول لإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية تحديداً نتيجة أوضاعهن الاقتصادية.

 

 

 

ضعف الثقة بالمؤسسات التي تسمى بالعدالة

وعن رفع رسوم إجراءات التقاضي وتسببها بزيادة العزوف عنه وتأثيرها على الثقة في منظومة العدالة، أكدت هبة عادل، محامية النقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، أن المؤتمر يتزامن مع نهاية حملة تمت بالشراكة مع مؤسسة قضايا المرأة المصرية ومؤسسة القاهرة للتنمية والقانون متزامنة مع زيادة الرسوم القضائية التي تعتبر عبء كبير اقتصادي واجتماعي للنساء خاصة وللمجتمع ككل، مما استدعى نقاش تلك القضية خاصة في ظل تراجع نسب الإبلاغ والتعامل مع المؤسسات القضائية ودور العدالة.

 

ولفتت إلى أن تكلفة التقاضي ليست قاصرة فقط على الرسوم التي تدفع في التقاضي بل إنها تكلفة متعددة تشمل أجر المحامين والمحكمين والمساعدين القضائيين الذين يقومون بأدوار مختلفة، فضلاً عن الرسوم الأساسية والضرائب المفروضة على الطباعة، إلى جانب تكلفة الطباعة واستخراج المستندات وغيرها مما يجعل الكثير من النساء يتراجعن عن التقاضي وتأثير ذلك على الثقة في مؤسسات العدالة ولذلك يجب أن تكون هناك مراجعة لمثل هذه القرارات لأن الأصل أن يكون الوصول للعدالة مجانياً للجميع.

 

القرارات التي باتت عبئ على النساء

وعن دور المحاميين في رفض مثل هذه القرارات فقد أكدت هبة عادل، أن نقابة المحامين تتخذ عدد من الإجراءات التصاعدية منها الإضراب أمام محاكم الاستئناف بشكل جزئي ثم كامل وهناك دعوة لجمعية عمومية ستنعقد في 21 حزيران/يونيو القادم وهناك تواصل مع وزير العدل ومؤسسات العدالة بشأن هذا الموضوع، لافتةً إلى أن الربط بين مشكلة النساء ورسوم التقاضي يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية والأزمات التي تعاني منها النساء فهناك الكثير منهن في أزمة مع مسكن الحضانة خصوصاً بعد القرار الأخير بعدم إمكانيتها من المطالبة بأجر مسكن أو المطالبة به بعد بلوغ الصغير سن الـ 15 عام.

وأكدت أن هناك الكثير من المقيمات مع ذويهن بسبب أجر المسكن والحضانة الزهيد للغاية، معتبرةً أن التكلفة الاقتصادية للنساء محدودة والكثير منهن لا يمتلكن دخل مناسب مما يصعب الموقف ويجعل هذا القرار عبء على النساء، مؤكدةً أنه على المجتمع المدني دور في توصيل الأصوات حتى تذلل مثل هذه العقبات في إجراءات التقاضي وهو ما يحدث في الوقت الراهن في الحملة التي قاموا بها وكذلك مائدة الحوار الخاصة بتلك التكلفة.

 

 

التحديات التي تواجهها المرأة للوصول إلى العدالة والإنصاف

وحول أن النساء يتحملن التبعات الاجتماعية والاقتصادية لرفع قيمة رسوم التقاضي، قالت المحامية انتصار السعيد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إنها خلال مائدة الحوار تحدثت عن الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية المتسببة في عدم وصول النساء للعدالة وكيف تؤثر تلك القرارات على النساء خاصة المعيلات والأرامل وذوات الإعاقة وأزمة الانسداد القانوني التي تحول دون قدرة النساء على الوصول للعدالة بسبب ارتفاع تكلفة التقاضي.

وأضافت أن هناك نحو 40% من النساء العاملات وهن الأكثر تضرراً من مثل تلك الإجراءات، لافتةً إلى أن القرار سيؤثر على جميع أفراد المجتمع وبالتالي تتأثر منظومة العدالة، متمنيةً إلغاء القرار لكونه سيؤثر على الجميع، معتبرةً أن للأدوار الاجتماعية أثر في إعاقة قدرة النساء على التقاضي بذاتها أو حتى الوعي بإمكانية الوصول لمؤسسات المجتمع المدني التي يمكنها مساعدتها في الإجراءات وغيرها من الأمور التي تجعلها متضررة في ظل القرار الجديد.

وطالبت انتصار السعيد بتذليل العوائق التي تعرقل مسار التقاضي خاصة المالي منها حتى تتمكن النساء من التقاضي، فضلاً عن تبسيط إجراءات التقاضي وممكن أن تشارك التكنولوجيا في ذلك مع ضرورة تعزيز الدولة لشراكتها مع المجتمع المدني لكونهما أقرب للشريحة الأكثر تضرراً في هذا المجتمع، لافتةً إلى أن مثل تلك القرارات تحرم النساء من الوصول للعدالة والإنصاف، مشيرةً إلى أن العدالة ليست سلعة مجانية، فخدمات العدالة مبدأ دستوري يجب الحفاظ له مع ضرورة وقف أي إجراء يكرس تمييز طبقي في التعامل مع العدالة.

 

 

"النساء لا يجدن من يدعمهن في التقاضي"

"النساء بتن مهددات ولجوئهن للتقاضي بات على المحك"، بحسب سلوى جميل، المحامية والحاصلة على الدكتورة في القانون الجنائي من جامعة عين شمس، موضحةً أن الإجراءات القانونية موحدة على الرجال والنساء إلا أن تكلفة العدالة للنساء عادة ما تكون أعلى وذلك لما تتحمله من أعباء اجتماعية فضلاً عن اتباعها العديد من المسارات القضائية والإجرائية للحصول على مستحقاتها بعد الطلاق.

ولفتت إلى أن الكثير من النساء لا يجدن من يدعمهن في التقاضي والرسوم ارتفعت بشكل مبالغ فيه وبشكل لا يراعي الاحتياجات الخاصة بالنساء بما لا يكفل حق التقاضي ولا يضع اعتباراً لبدائل تساعد النساء فيما يتحملونه من أعباء اجتماعية واقتصادية خلال السنوات الأخيرة.

واعتبرت سلوى جميل أن الاستئناف القديم كان بتكلفة محددة وأماكن تلك المحاكم بعيدة عن الحيز السكني وبالتالي بعد ارتفاع الرسوم قد تتكبد النساء أكثر من ضعفي القيمة بسبب الإجراء الأخير والغالبية ستقتصر على دعوى من الدرجة الأولى وفي حال صدور حكم غير مناسب لن يتم استكمال التقاضي في محاولة الوصول لقيمة عادلة بسبب ارتفاع الرسوم وربما تتنازل بعض النساء عن حقوقهن لكونهن غير قادرات على تحمل التكاليف.