في ذكرى مجزرة شنكال... المطلوب خطوات حقيقية تُسهم في إعادة بناء حياتهم

أكدت ليلى إبراهيم الرئاسة المشتركة للبيت الإيزيدي بمقاطعة الجزيرة في إقليم شمال وشرق سوريا، على أن آثار الفرمان الـ74 لا تزال تعيش في تفاصيل الحياة اليومية للإيزيديين، وأن ما جرى لم يكن مجرد مأساة عابرة بل محاولة ممنهجة لطمس هوية شعبٍ عريق.

مالفا محمد

مركز الأخبار ـ رغم الإهمال الدولي والمحلي وعدم الاعتراف بالإبادة الجماعية التي تعرضوا لها على يد داعش، أعاد الإيزيديون تشكيل أنفسهم دفاعاً عن وجودهم وتاريخهم.

منذ عقود، شكل الوجود الإيزيدي في العراق وسوريا نموذجاً للتنوع الثقافي والديني، إلا أن هذا المكون الأصيل تعرض لسلسلة من الانتهاكات الممنهجة التي وصلت ذروتها في عام 2014، مع اجتياح شنكال وما تبعه من إبادة جماعية وتشريد آلاف العائلات، وعلى الرغم من مرور سنوات، لا تزال تبعات هذه الجرائم تضع ثقلها على المجتمع الإيزيدي الذي يناضل من أجل الاعتراف بحقوقه وضمان عدم تكرار المأساة.

تقول الرئيسة المشتركة للبيت الإيزيدي بمقاطعة الجزيرة ليلى إبراهيم، أن آثار الهجمات التي تعرض لها الإيزيديون في شنكال لا تزال حاضرة في حياتهم اليومية، بعد أن شهدت المنطقة موجات مروعة من القتل والدمار، إثر هجمات ممنهجة استهدفت المكون الإيزيدي بشكل مباشر، وراح ضحيتها الآلاف بين قتيل ومهجر.

ووصفت الفرمان الـ 74 الذي تعرض له الإيزيديين في شنكال بـ "محاولة لطمس وجود وهوية هذا الشعب العريق"، مشيرةً إلى أنه رغم مرور سنوات على هذه الكارثة، فإن تبعاتها ما زالت تلقي بظلالها الثقيلة على المجتمع الإيزيدي، الذي واجه تاريخاً من الاضطهاد والإبادة لمجرد انتمائه الديني والثقافي.

وأوضحت أنه منذ عام 2014، تعرض الإيزيديون لهجمات منظمة أدت إلى تهجيرهم إلى مخيمات، وسط ظروف إنسانية صعبة وغياب الدعم الدولي الكافي، لافتةً إلى أن الشعب الإيزيدي حافظ على لغته وثقافته وعاداته لآلاف السنين مما يجعله مكوناً أصيلاً وليس مجرد أقلية مهمشة بلا حقوق.

وأضافت "للأسف من نجى من الفرمان اضطر للخروج من المنطقة والتوجه إلى الدول الأوروبية وكذلك إلى إقليم شمال وشرق سوريا، هناك العشرات من المخيمات التي تضم الإيزيديين، ولكن لا يزال الآلاف منهم دون مأوى"، مشيرةً إلى أن من يرغب في العودة إلى أرضه لا زالت لديه مخاوف ما إذا كان سيتعرض لفرمان آخر. 

وحول عمل البيت الإيزيدي في إقليم شمال وشرق سوريا تقول "تعرضت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات خلال الفرمان للخطف والسبي، وقد تم أخذهن إلى مدينة الرقة، ونحن الآن بدورنا نعمل على تحرير اللواتي لا زلن في قبضة داعش، كما أن هناك العديد منهن في مخيم الهول، لم يتم الكشف عن هوياتهن بعد"، مشيرة إلى أن بعض الإيزيديات اللواتي تم اختطافهن وهن صغيرات في السن لا تردن العودة إلى ديارهن لأنهن لا تتذكرن شيئاً ولا تعرفن عائلاتهن.

وشددت على أن أبناء شنكال يستحقون الاعتراف الكامل بمكانتهم وحقوقهم والإبادة التي تعرضوا لها "لقد شعر الإيزيدييون بالخذلان بعدما تجاهلت الجهات الرسمية مناشداتهم المتكررة، فرغم المحاولات المستمرة لطلب الحماية من الحكومة العراقية، لم تجد تلك الأصوات من يصغي إليها".

ولفتت إلى أنه غلب على الموقف ردود فعل سلبية اتسمت بالتجاهل، وكأن البعض قد أقر ضمنياً بما حدث من انتهاكات، ويُشير الإيزيديون إلى أنه لو توفرت إرادة سياسية حقيقية في حينها، لكان بالإمكان إنقاذهم من الإبادة والتهجير، لكن الخطوات الفعالة لم تُتخذ "ما حدث في شنكال لم يكن مجرد مأساة، بل كان خيانة للإنسانية، يجب أن يُعاد النظر في كل ما جرى، وأن يُحاسب من تسبب في تلك الكارثة".

وأكدت على أنه رغم ما تعرضوا باتوا أقوى من ذي قبل "لقد قام الإيزيديون في شنكال بتنظيم أنفسهم وتشكيل قواتهم الخاصة بهم، وباتوا يدافعون عن أنفسهم وأرضهم، كما أنهم قاموا بتأسيس إدارتهم الذاتية".

ونوهت ليلى إبراهيم إلى أنه إذا كانت هناك نية حقيقية لمعالجة ما جرى في السنوات الماضية لا بد أن ينطلق ذلك من إعادة الاعتبار للإيزيديين، والاعتراف بما تعرضوا له من ظلم ممنهج وإبادة جماعية، لا تكفي الشعارات الرنانة، بل المطلوب خطوات حقيقية تُسهم في إعادة بناء حياتهم، وتضمن عدم تكرار الكارثة.