في اليوم العالمي للفتاة... صرخة الأفغانيات تتحدى الصمت والقمع
بينما يحتفل العالم باليوم العالمي للفتاة، تبقى آلاف الفتيات في أفغانستان خلف أبواب مغلقة، محرومات من التعليم والعمل، حتى أن التنفس أصبح امتيازاً وليس حقاً مكتسباً.

بهاران لهيب
تخار ـ مرّت أربع سنوات على حكم طالبان، ولا يكاد يمر يوم دون أن تحمل أخباراً مؤلمة عن مصير الفتيات في أفغانستان، فتيات يُهانّ ويتعرضن للاعتداء بحجة عدم "عدم ارتداء الحجاب"، يُغتصبن أو يُختفين إلى الأبد، ومن تجرأن على رفع أصواتهن، باتت أسماؤهن اليوم ضمن قوائم المعتقلات أو المختفيات قسراً.
احتفل العالم باليوم العالمي للفتاة، أمس السبت 11 تشرين الأول/أكتوبر، وتزاحمت الشبكات الاجتماعية بالرسائل المفعمة بالألوان والشعارات المليئة بالأمل، لكن وسط هذا الزخم، لم تغب صور الفتيات في أفغانستان، اللواتي حُرمن حقهن في الذهاب إلى المدرسة، عيونهن تترقب العالم من خلف أبواب مغلقة، عالم لم يعد يرحب بهن ولا يمنحهن فرصة المشاركة فيه.
وعند التأمل في تاريخ أفغانستان، يتضح أن هذا الألم ليس وليد اللحظة؛ فالحرب والسياسة والدين والتقاليد تواطأت جميعاً لتضع النساء والفتيات في الصف الأول من الضحايا، فالحكومات التابعة، بقوانينها وبنادقها، والمجتمع الذكوري، بمفاهيم مثل "العار والشرف"، تكبّل حياة النساء، ففي البيت، وفي المدرسة، وفي الشارع؛ لم يكن هناك مكان آمن لهن، ولا حق محفوظ، حيث تقول النساء في أفغانستان "أن تكوني امرأة هنا هو الجريمة الكبرى".
ورغم القمع المتواصل، لم تُخمد أصوات النساء، فالجدران العالية والخوف لم يمنعا صدى المقاومة من التسرب إلى الفضاء العام، حيث تحدثتُ راحلة نور، فتاة أفغانية، بصوت هادئ، لكن كلماتها كانت دامية "يوم المرأة، يوم الأم، يوم الفتاة في أفغانستان لم تعد سوى مناسبات للتهنئة، لم يُبذل أي جهد لتحسين أوضاعنا، أشعر أنني محاصرة داخل جدران بيتي، أواجه ظلماً متعدد الطبقات، وأتلاشى تحت ثقله يوماً بعد يوم".
وقالت "لا أريد تهاني ولا هدايا في هذا اليوم، فقط دعوني أعيش بسلام، أتنفس بحرية، ولا يُنظر إليّ كأداة للإنجاب وخدمة المنزل"، كلماتها كانت مرآة لآلاف الفتيات اللواتي تعلّمن الصمت منذ الطفولة، لكن في أعماقهن يختبئ صراخ لا يُسمع.
اليوم العالمي للفتاة في أفغانستان ليس مناسبة للاحتفال، بل لحظة تذكير بالألم والصمود، ففي بلد تُحرم فيه الفتيات من التعليم والعمل والحرية، يفقد هذا اليوم معناه الحقيقي، ومع ذلك، وسط الظلام، لا يزال صوت الفتيات ينبض، يحمل في صمته صرخة حرية وإنسانية لا تُقهر.