في العيد الوطني للمرأة المغربية… مطالبات بمدونة أسرة ضامنة لحقوق النساء

في سياق يتسم بالانتظار والترقب لصدور مدونة الأسرة بعد انتهاء اللجنة المكلفة بمراجعتها بعد سلسلة من اللقاءات مع الناشطين والهيئات السياسية بالمغرب، طالبت مشاركات في ندوة تفاعلية بالإسراع في إخراج مدونة أسرة ضامنة لتعزيز المساواة بين الجنسين.

رجاء خيرات

المغرب ـ أكدت مشاركات في ندوة تفاعلية على ضرورة إصدار مدونة أسرة جديدة تراعي المصلحة الفضلى لجميع أفراد الأسرة وتستجيب لتحولات المجتمع المغربي، مع التأكيد على أهمية ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان لضمان حقوق النساء والأطفال أثناء النزاعات الزوجية.

بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية الذي يصادف العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، نظم اتحاد العمل النسائي بالتنسيق مع العيادة القانونية للدراسات والأبحاث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أمس الجمعة، ندوة تفاعلية سلطت الضوء على أهم مطالب الحركة النسائية والمحطات النضالية التي اتسمت بسلسلة من الترافعات والنضالات بشأن بعض التحفظات على مضامين مدونة الأسرة، وذلك منذ المطلب الأول لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية لعام 1957، والتي توجت بصدور مدونة الأسرة عام 2004.

كما طالب المشاركون والمشاركات من طلبة وطالبات باحثين وباحثات وأعضاء بالعيادة القانونية بالإسراع بإخراج مدونة للأسرة تراعي المصلحة الفضلى لجميع أفراد الأسرة، في ظل التحولات والتحديات المطروحة والحراك الاجتماعي الذي يقوده مجموعة من الشبان والشابات بما بات يعرف بـ "مجموعة Z" المطالبين بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية خاصةً في مجالات التعليم والصحة وتوفير العمل.

وتم خلال المداخلات الدعوة إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في أوساط القضاة والمحامين والعاملين في المجال كخلايا العنف، ضماناً لحقوق النساء والأطفال، خاصة أثناء النزاعات والخلافات الزوجية، معتبرين أن هناك العديد من المكتسبات الحقوقية المهمة التي شملها التعديل لكنها تبقى غير كافية لصون كرامة النساء وضمان حقوقهن الإنسانية.

 

مسيرة نضالية طويلة

وقالت عضوة اتحاد العمل النسائي فرع مراكش ومنسقة العيادة القانونية نعيمة أقداد، أنه تزامناً مع احتفال المرأة المغربية بعيدها الوطني، تم تنظيم هذه الندوة التفاعلية مع طلاب العيادة القانونية حول موضوع "مدونة الأسرة : المقترحات والانتظارات".

وتطرقت للمسار التاريخي ولأهم المحطات النضالية التي خاضها اتحاد العمل النسائي منذ نشأته عام 1983، وتحديداً مع صدور جريدة "8 مارس" التي شكلت الأرضية الأولى لميلاد هذا الإطار المدني كمنظمة غير حكومية تناضل من أجل النهوض بالأوضاع الإنسانية للنساء وإقرار المساواة كمبدأ أساسي وتعزيز الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للنساء.

وبشأن البرامج التي اعتمدها الاتحاد أوضحت، أن التوعية شكلت محطة مهمة في المسيرة النضالية للاتحاد، حيث طالب عام 1993 بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية التي كانت قد صدرت في عام 1957 ولم تعد تتلاءم مع التحولات التي عرفها المجتمع المغربي، ثم تلتها حملات ترافعية عديدة على مراحل تخص مناهضة العنف ضد النساء، فضلاً عن حملات أخرى لتمكين النساء سياسياً وغيرها من الحملات لتعزيز حقوق النساء، وهو ما أفضى إلى جانب نضالات باقي مكونات الحركة النسائية والحقوقية إلى صدور مدونة الأسرة في عام 2004.

وأضافت أنه في عام 2018 خاض اتحاد العمل النسائي حملة وطنية همت المطالبة بالتغيير الشامل والجذري لمدونة الأسرة تحت شعار "من أجل قانون أسري يضمن الملاءمة والمساواة" تلتها الحملة الثانية في عام 2022 والتي أفضت إلى تشكيل لجنة مكلفة بتعديل مضامين مدونة الأسرة، داعيةً إلى الإسراع بإخراج مدونة للأسرة تستجيب لمطالب الحركة النسائية وتراعي التطور الذي عرفته الأسرة والمجتمع المغربيين.

 

 

 مطالب بمدونة تستجيب للانتظارات

من جانبها أكدت الكاتبة العامة لفرع اتحاد العمل النسائي بمراكش سعيدة الوادي على أهمية هذه الندوة التي تأتي في سياق يتسم بترقب صدور مدونة الأسرة بعد المراجعة الشاملة والجذرية التي طالبت بها الفعاليات الحقوقية والنسائية طيلة العقود الأخيرة، وبعد عشرين عاماً على صدور مدونة الأسرة في عام 2004.

كما أشارت إلى أن هذه الندوة تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب باعتبار أن الطلاب خريجي العيادة القانونية و الذين يفترض أنهم سيصبحون قضاة ومحامون وفاعلون مستقبلاً من شأنهم المساهمة في النهوض بأوضاع النساء، إذا ما تشبعوا بثقافة حقوق الإنسان.

واعتبرت أن اللقاء شكل مناسبة لإحياء العيد الوطني للمرأة المغربية واستحضار لأهم المحطات النضالية التي خاضتها مكونات الحركة النسائية المغربية في الترافع حول الحقوق الإنسانية للنساء وإرساء مبدأ المساواة بين الجنسين وكذا إدماج مقاربة النوع في السياسات العمومية.

وأشارت إلى أن الحركة بجميع مكوناتها تترقب نتائج مراجعة مدونة الأسرة، التي جاءت أولى نسختها مخيبة للآمال، وتم إرجاعها للجنة مرة أخرى، في انتظار صدورها خاصة في ظل تفشي العنف وارتفاع نسبة الطلاق.

وطالبت بمدونة تستجيب للمطالب الحقوقية، وتحترم حقوق النساء كاملة، مع مراعاة كرامة النساء والمصلحة الفضلى للأطفال.

 

 

من أجل مدونة بدون اختلالات

وتساءلت إحدى المشاركات في الندوة وهي طالبة بسلك الدكتوراه في العلوم السياسية وعضوة العيادة القانونية بجامعة القاضي عياض بمراكش أمل محسن عن مدى استجابة مدونة الأسرة في النسخة المرتقبة لانتظارات الهيئات الحقوقية، التي ما زالت تطالب بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسرة المغربية.

وأشارت إلى أن الندوة سلطت الضوء على أهم المقترحات التي تخص بعض مضامين المدونة والتي تخص مؤسسة الزواج، كزواج القاصرات والذي أصبح فيه الاستثناء يشكل القاعدة، وكذلك اقتسام الممتلكات بعد الطلاق والمشاركة في الولاية على الأبناء وغيرها من البنود التي أثارت الكثير من التحفظات بشأنها.

ولفتت إلى أنه بعد عشرين عاماً من تطبيق مدونة الأسرة (منذ عام 2004)، كشف هذا التطبيق عن وجود اختلالات كثيرة تخص العديد من المواد التي لم تراعي المصلحة الفضلى لكل مكونات الأسرة، بما فيها الزوجة والأبناء، وهو ما أسفر عن تشكيل لجنة مكلفة بمراجعة مدونة أسرة جديدة في عام 2024، تستجيب لحاجيات وتطلعات المجتمع المغربي بما يتماشى والتطورات التي عرفتها الأسرة المغربية لتحقيق التنمية المستدامة.