أيام المسرح يختتم مهرجان المرأة الفلسطينية "لعيونها"

لخلق مساحات نسوية واستحضار التاريخ الشفوي، شاركت مجموعة من مخرجات ومنتجات الأفلام الوثائقية الطويلة منها والقصيرة، بمهرجان "لعيونها".

رفيف اسليم

غزة ـ حاولت المخرجات الفلسطينيات المشاركة بمهرجان "لعيونها" بأفلام تركز على الحياة اليومية الواقعية للنساء من خلال تأريخ القصص الشفوية.

اختتمت مؤسسة أيام المسرح في قطاع غزة، أمس الخميس 13 تموز/يوليو، اليوم الثالث من المهرجان الختامي لمشروع المرأة والديمقراطية "لعيونها"، فيما ستستمر الفعاليات المتمثلة بجلسات اليوغا ومعرض منتجات النساء وعروض الأفلام في كلاً من مدينة رام الله، وطولكرم، ونابلس حتى اليوم السادس عشر من الشهر الحالي.

وقالت المديرة التنفيذية لمؤسسة أيام المسرح تانيا مرتجى، أنه تم تنظيم المهرجان في إطار مشروع مبادرة "المرأة والديموقراطية"، لخلق مساحات نسوية وممارسات تحولية ومشاركة سياسية للنساء وذوات الإعاقة منهن، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الفلسطينية كمركز المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية وراديو نساء أف أم.

وأوضحت أن المبادرة تهدف إلى الترويج للممارسات الإيجابية المتعلقة بالمشاركة الاجتماعية والسياسية للمرأة وتعزيز المجال الثقافي والفني والتمكين الذاتي، والتغيرات الاجتماعية والسلوكية كذلك، بغرض تمتع النساء والفتيات بكامل حقوقهن وتسهيل الوصول لمساحات نسوية للتواصل بشأن قضاياهن، ولتوسيع الحوار بين الجنسين ومؤسسات المجتمع المدني ودعم حقوق المرأة والخطاب النسوي في فلسطين.

وعن أنشطة المهرجان بينت أن 200 عرض مسرحي قدم على مدار الثلاثة أعوام الماضية، عبر مساحات وفرتها مؤسسة أيام المسرح، ليتم اختتام تلك العروض بمسرحية" قصة مريضة"، والتي تركز على الحياة اليومية الواقعية للنساء من خلال تأريخ القصص، ومحاولة دمج بعض الحكايات الخيالية عبر تقديمها من خلال رجل وامرأة يقفان على خشبة المسرح ويروون قصص النساء وقضاياهن من وجهتي نظر مختلفتين في محاولة الوصول لحل.

وأشارت إلى أن النساء لا تعشن في المجتمع وحدهن لذلك تم الاستعانة بحكواتي رجل لرواية القضايا المختلفة من عنف ومشكلات أسرية وطلاق وغيرها، مضيفة أن ذلك التحول هو تطور لمسه المشروع فمنذ البداية كان الحكواتي مرأة والجمهور نساء، وفي السنة الثانية كانت الحكواتيين نساء والجمهور رجال ونساء، بينما في السنة الثالثة التي عرضت بها "قصة مريضة" كان مقدمي العرض رجال ونساء والحضور كذلك أيضاً بهدف خلق مساحات أوسع من الحوار بعد العرض.

من جانبها أوضحت مساعد منسق المشروع في مؤسسة أيام المسرح دعاء أبو عبده، أن نشاطات المهرجان لا تقتصر على العرض المسرحي بل سيتم تقديم مجموعة من الأفلام التي أخرجتها نساء من الضفة الغربية، وذلك لكسر الهيمنة الذكورية على مجال صناعة الأفلام، لافتةً إلى أنه سيتبع العرض كما المسرحية نقاش مع الجمهور لمشاركة الحديث في قضايا تهم النساء وتمس حياتهن اليومية، وتتعلق أيضاً بصناعة تلك الأفلام.

وأكدت على أن النساء بحاجة لإنتاج المزيد من تلك الأفلام التي توصل الصوت النسوي وتقاوم تجزئة المدن الفلسطينية، مشيرةً إلى أن أنشطة المهرجان قد تم اختتامها في غزة، لكنها مستمرة في الضفة الغربية لتقديم المزيد من الأفلام وإقامة معرض يحتوي على مشغولات يدوية للنساء والمزيد من جلسات اليوغا التي تعزز الصحة النفسية للمرأة.

واختتم المهرجان بعرض ثلاثة أفلام أولها كان للمخرجة ساهرة درباس، وهي مخرجة ومنتجة ومحرر سيناريو وباحثة في التاريخ الشفوي للنساء، أخرجت 12 فيلماً ما بين الوثائقي والطويل، تدور موضوعاتها حول التاريخ الشفوي وحقوق المرأة، وقامت بتدريب النساء والشابات لتمكينهن من خلال إخراج الأفلام القصيرة، كما شاركت أفلامها في مهرجات دولية لتحصد عدة جوائز.

روت المخرجة ساهرة درباس، من خلال فيلمها "هند الحسيني وأطفال دير ياسين"، قصة هند الحسيني التي جمعت أطفال دير ياسين الذي بلغ عددهم 55 طفلاً، وأنشأت لهم دار ومدرسة في عام 1996، مواجهةً عدة صعوبات خلال إعداد الفيلم وهو كيفية جمع المعلومات وبطلة القصة متوفاة والمصادر متضاربة، لكن استطاعت الحصول على مقابلة صوتية مسجلة لهند الحسيني من الأرشيف وفيديو توثيقي قامت بشراء حقوق ملكيته ليصبح الفيلم جاهز للعرض.

فيما تناولت قمر شبارو من نابلس عبر فيلها أهمية التوثيق خاصة حديث الجدات وقصصهن لذلك قامت بتسليط الضوء على الحمامات العربية كشاهد أثري وارتباط النساء بها وعادة صالون الاستقبال عبر فلمها "عقد الياسمين"، معتمدة على ذاكرة المرأة الفلسطينية كركيزة أساسية في إنتاج الفيلم لوصف نمط الحياة التي كانت سائدة في تلك الفترة خالي من الرفاهية ويعتمد على بابور الكاز أو الحطب لتسخين النار والاستحمام.

فيما سرد فيلم "سر الراعية" للمخرجة بسمة سويطي، حياة الراعيتان فاطمة وأم العبد وعن الصعوبات التي واجهتهما في الحقل والرعاية كراعيات بسبب التغيرات التاريخية والظروف الأسرية التي واجهنها، خاصة في ظل اختفاء ابن فاطمة الأكبر ومطاردة اسرائيل له.

وأعجبت دانة حبوب إحدى الحاضرات لعروض الأفلام بالمعلومات التي قدمتها الأفلام الثلاث والتي وصفت قوة المرأة الفلسطينية ومدى تحملها وخوفها على أبنائها مهما قست الظروف عليها، والعادات التي تناولها فيلم "عقد الياسمين" التي لا زال البعض منها مترسخاً في المجتمع، لافتةً إلى أن هند الحسيني امرأة مناضلة ويجب أن تدرس سيرتها الذاتية في المدارس ضمن المنهج الفلسطيني وعدم الاكتفاء بفيلم قصير عن إنجازاتها وحسب.

وبينت أن الأفلام الوثائقية قائمة على تجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات وهي بذات الوقت بمثابة إرث تاريخي لا يمكن الاستغناء عنه في مرحلة ما، كونها توثق وتؤرخ لفترة من الزمن ناقلة فكرها وثقافتها والعادات والتقاليد والكثير من التفاصيل التي تدور حول فكرة الفيلم، متمنيةً أن يزيد الاقبال على انتاجها، لترسيخ فكرة أن الكبار يرحلون لكنهم سيتركون دوماً إرث يذكر صغارهم بمسيرتهم.

 

 

وأفادت مدربة اليوغا تحرير مرتجى، أن الجلسات التي تستفيد منها النساء تهدف لتعريفهن باليوغا كرياضة ذهنية، فبالدرجة الأولى تساعد على تحقيق التوازن داخل الجسم من خلال السيطرة على المشاعر السلبية كالخوف والتوتر والقلق، وغيرها عبر تمارين التأمل للوصول إلى حالة السلام الداخلي، لافتةً إلى أنها تختلف عن الرياضات الحركية الأخرى الممارسة بالنوادي الرياضية.

وعن أهمية تلك التمارين أوصت تحرير مرتجي، بضرورة اعتمادها كأسلوب حياة، خاصة أن التأمل يساعد في النجاح على ممارسة تمارين التنفس بشكل أفضل للتغلب على عوامل الضغط النفسي، مشيرةً إلى أنها قد تمارس في صالات مخصصة ومن الممكن أن تقام في المكتب خلال العمل لدقائق أو في وسائل النقل، للتواصل مع الجسد وضمان تخليصه من كافة العوائق السلبية التي تحيط به سواء من ضغوطات العمل أو المنزل.

وبينت أن معظم المشتركات في تلك التمارين أمهات تلجأن لها لعزل أنفسهن عن العالم الخارجي من خلال استقطاع وقت خاص، لافتةً إلى أن المجتمع الغزي لم يتقبل اليوغا لربطها بالدين، لكنها لم تيأس واستمرت في إقناعه بأنها رياضة ذهنية ينصح بها العلم الحديث والطب النفسي لتخفيف القلق والتوتر، لتثمر جهودها من خلال زيادة الإقبال عليها كأسلوب دعم نفسي متقدم من قبل المؤسسات النسوية.

 

 

وتقول ياسمين الفيومي إحدى المشاركات في تدريب اليوغا الذي أتاحته أيام المسرح، أنه تدريب فكري ساعدها في التخلص من الأفكار السلبية والانخراط بالتأمل والايجابية، بهدف التخلص من الضغوطات التي يخلفها العمل أو القيود الاجتماعية، داعيةً جميع الفتيات إلى ممارسة تلك التدريبات وتشجيع أمهاتهن وأقرانهن على أدائها لنشر ثقافة التأمل والتخلص من الطاقة السلبية للنظر للمستقبل بأمل.

ولفتت إلى أنه خلال التدريب شعرت بالتواصل الذي حدث ما بين عقلها وجسدها واستطاعت تحديد مواضع الآلام الجسدية التي عانت منها منذ وقت طويل، مشيرةً إلى أن الاسترخاء لمدة 10 دقائق بصحبة الموسيقى يساعد على تنظيم النفس وتحريك الجسد بشكل أفضل خاصة للنساء المبتدئات واللواتي يؤدينها لأول مرة.

والجدير ذكره أنه من الأفلام التي من المقرر عرضها خلال الأيام المقبلة بالضفة الغربية "لو حكت أسماء" للمخرجة يافا عاطف، "تنكة مي" للمخرجة ربيحة علان، "وبصمة سوزان" للمخرجة زكية وحسام جدبة وشمس غريب، و"صمت 10 دقائق" للمخرجات ميار الجنيدي ونسرين أبو غنام، و"هيك القانون" للمخرجة فادية صلاح الدين، و"فرط رمان الدهب" للمخرجة غادة الطيراوي، وأخيراً "أولادي أحبائي" للمخرجة فادية صلاح الدين.