"إشكالية مصطلح تمكين المرأة في الوطن العربي بين المساواة والظلم" حلقة نقاش في لبنان
أكدت مشاركات في حلقة نقاش تحت عنوان "إشكالية تعريف مصطلح تمكين المرأة في الوطن العربي بين المساواة والظلم"، أن مصطلح التمكين يشهد تحليلاً خاطئاً بين المساواة والعدل، ما ينعكس على تهميش وضع النساء في المجالات كافة.

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ نظمت الباحثة في العلوم التربوية ومختصة في مهارات ما وراء المعرفة Metacognition هبة سلام "حلقة نقاش تحت عنوان "إشكالية تعريف مصطلح تمكين المرأة في الوطن العربي بين المساواة والظلم"، شاركت فيها ناشطات في المجال الاجتماعي والنفسي، حيث أكدن أن هذا المصطلح يشهد صراعاً في إطار الاستقلالية والمساواة والعدالة، حيث لا تراعى الكفاءة في كثير من الأحيان، ومن ناحية أخرى، فإن مصطلح التمكين من أجل استقلالية المرأة يشهد تحليلاً خاطئاً ما يساهم في تهميش دور النساء وفي التفكك الأسري.
أدارت الحلقة التي نظمت أمس السبت 12 تموز/يوليو، هبة سلام الباحثة في العلوم التربوية والمختصة في مهارات ما وراء المعرفة والمديرة التنفيذية لـ Elemental Academy، وشاركت فيها علا القنطار وهي أكاديمية وخبيرة تربوية ورئيسة جمعية التحديث والتطوير التربوي، والمعالجة النفسية لانا قصقص، ومديرة وحدة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسمة غلاييني، والخبيرة الاجتماعية والأسرية المحلفة سهير الغالي.
بداية، قدمت هبة سلام، رؤية شاملة لمصطلح "ما وراء المعرفة" وأن التعلم يبدأ بالتصالح مع الذات، وأن هذه المهارات يجب أن تبدأ من الصغر ليتمكن الطفل من الإبداع في المجالات المختلفة، لافتةً إلى أن هذا الأمر يتطلب مهارات يمكن تعلمها، من خلال الوعي بنقاط القوة والضعف، والقدرة على التعرف على المشاعر وتنظيمها، وتقبل النقد البناء، وكذلك التفكير التأملي وضبط النفس والمراقبة الذاتية تحت شعار "فكر كيف تفكر"، لتتم برمجة اللاوعي لفهم أعمق للذات والتعلم الحقيقي الذي يخدم الاختلاف بين الأفراد ليكون التعلم أسلوب حياة عبر مراحل الحياة المختلفة، مشيرةً إلى أهمية "ما وراء المعرفة" خصوصاً للنساء عبر إعادة برمجة اللاوعي المتأثر بالعاطفة، وتعلم المهارات المختلفة للوصول إلى العدالة الحقيقية والتمكين للنساء.
أولى خطوات الوعي الذاتي
وفي هذا المجال، أوضحت هبة سلام لوكالتنا "كلنا بات يعلم كم أن اللاوعي والجهاز العاطفي الموجود في عقلنا يؤثران على وعينا، وبالتالي يؤثران على طريقة تفكيرنا وطريقة تصرفاتنا في المجتمع، وأن تصل إلى مرحلة في مقدورك أن تعرف وتقدر مصادر مشاعرك التي من الممكن أن تضايقك وتؤثر على طريقة تفكيرك فذلك يعني أنك بدأت أولى خطوات الوعي الذاتي، لكن بناء الوعي الذاتي الذي هو جزء من التنظيم الذاتي ينطلق من مهارات أساسية تركز على المراقبة الذاتية، التقييم الذاتي والتخطيط الذاتي، هذه المهارات نطلق عليها مهارات ما وراء المعرفة، التي تتيح للمتعلم بغض النظر عن العمر كيفية بناء إطار لمشاعرنا وحماية مشاعرنا وأفكارنا التي تؤثر على انفعالاتنا وتصرفاتنا في الحياة".
وأضافت "بما أن مهارات ما وراء المعرفة تساعدك على البدء في بناء وعيك الذاتي، فهناك مؤشرات يمكن التنبه لها من أجل أن تكتشف وتحاول أن تعالج معارك عشتها بينك وبين نفسك أو المجتمع وأوصلها إليك، إحدى هذه المعارك هي إثبات الوجود في مجتمعنا إلى حد ما، بمعنى أن هناك جدالاً حول إثبات كل شخص نفسه في المجتمع، وهناك أوقات تكون وسائل الافتراضي أو عدم تعريف مصطلح تمكين المرأة بكل اتجاهاته وسياقاته، وربط هذا التمكين بكيف يمكن أن نثبت أنفسنا ونلغي غيرنا، أو ألا تكون هناك مساواة أو عدل، وهذا الإشكالية نبعت من حاجة أساسية للجيل الجديد الصاعد لنظهر له ويعرف ما وراء المعرفة وما وراء هذا المصطلح، فأطلقنا هذه الإشكالية لنعرّف مصطلح تمكين المرأة من أين بدأ وكيف يتبلور في مجتمعنا، وكيف يمكننا تكييفه أكثر من أجل أن يتناسق معنا كمفهوم عربي ومجتمع عربي يركز على بناء القيم، وكذلك احتواء الأسرة لبناء الوعي الذاتي، لأن الوعي الذاتي يعتمد كثيراً على أن يكون هناك تكامل للأدوار في المجتمع وبأي مرحلة، وأطلقنا في ختام الندوة "مبادرة إصرار" لأن هناك إصراراً لنظهر المعنى الأصح أو الأعمق لتمكين المرأة، وإصرار المرأة للمرأة هو أيضاً التمكين".
التأكيد على الحقوق دون مراعاة الواجبات
بدورها قالت سهير الغالي "اللقاء كان مهماً وأساسياً لأننا أعدنا طرح موضوع أو مصطلح تمكين المرأة ونضعه في إطار إعادة الفهم، والفكرة أننا لا نأخذ موقفاً ضد أو مع، إنما نعيد طرح المصطلح بسياق اجتماعي وفي إطار منظومة الحقوق والواجبات المفروض أن تكون لدى كل المواطنين، سواء كامرأة أو رجل، وهنا تحدثنا أيضاً عن موضوع تمكين المرأة وصولاً إلى تمكين الأسرة".
وفي مداخلتها، أشارت إلى ضرورة تصويب نقاط القوة لدى النساء وصولاً للتمكين، حيث يتم التأكيد على الحقوق دون مراعاة الواجبات.
التمكين يبدأ داخل الأسرة
قالت الكاتبة مها جعفر والتي حضرت حلقة النقاش "في هذه الندوة، تعرفنا على مفاهيم جديدة أو حصلنا على رؤية جديدة حول تمكين المرأة من زوايا المعالجة التي تمت خلال الندوة، في البداية تنوع الخلفيات لدى المحاضرين الذين أدوا بطريقة سلسة وسط مشاركة الحضور، وكانت الندوة غنية جداً، إن كان من الجانب اللغوي، علم النفس، القانوني، التربوي، بالإضافة إلى الجانب الطبي أيضاً، هذا الأمر جعل الندوة شمولية فيها الكثير من المعلومات الشاملة والمفيدة التي من الممكن أن نخرج بها نحو أفكار وورش عمل وموضوعات بحث جديدة".
وأضافت "نحن معتادون دائماً على أن تمكين المرأة هو فقط تعليمها كيف تكون امرأة قوية وكيف تحقق ذاتها في مجال العمل، أو يتجه إلى الجانب النسوي على نطاق أوسع، بينما رأينا أن تمكين المرأة يبدأ داخل الأسرة وداخل المجتمع، بالإضافة إلى ذلك، التركيز على الابداعات الموجودة لدى النساء غير المتزوجات اللواتي يمكنهن أن يكنّ داعمات لهذا المجتمع، وأن يتمكن من معرفة حقوقهن وواجباتهن ومشاركتهن في الحياة العامة والحياة السياسية، وأيضاً في الحياة العاطفية، لأن الذكاء العاطفي هو نوع من التمكن الداخلي لدى الإنسان".
وأردفت أن "النقطة الثالثة تركزت حول دور العلاج النفسي أو دور الاستشارات النفسية، أو الخضوع للاستشارات النفسية لتمكين المرأة بما يمكنها من فهم ذاتها ومشاكلها، وأيضاً ليفهم الرجل تركيبة وتكوين هذه المرأة، والجميل في هذه الندوة أنها كانت ندوة جامعة لبناء إنسان، وليس ندوة للتفرقة وللتمييز".
تمكين المرأة بمفهوم حقيقي وواقعي
وقالت رانيا كاعين المرشحة السابقة للانتخابات الاختيارية والناشطة الاجتماعية والسياسية "كان لي شرف المشاركة في هذه الندوة المميزة، وهي ندوة تختلف عن جميع الندوات، كونها عرفتنا عن تمكين المرأة، وعن المصطلحات الحقيقية حول تمكين المرأة".
من جهتها، قالت المحامية هدى غازي "تحدثت الندوة عن تمكين المرأة بمفهوم حقيقي وواقعي، وليس بالتمييز بين حقوق المرأة والرجل وإنما بكونهما متكاملين بعضهم مع بعض، وكي تنجح المرأة عليها الاعتماد على نفسها والتشارك مع الرجل، وعلى دعم المرأة للمرأة، ومن هنا كانت الندوة قيمة جداً ضمت مجموعة من الأساتذة لفتوا نظرنا إلى الكثير من الأمور المهمة بما يمكننا من تطبيقها في عائلاتنا وعملنا".