'العزلة المفروضة في إمرالي أحد أساليب التعذيب التي تتبعها تركيا'

أكدت المحامية رازية أوزتورك على أن الحكومة التركية بمواصلتها فرض العزلة المشددة على القائد عبد الله أوجلان، تخالف قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وتقارير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب.

بلين أوزكابتان

اسطنبول ـ لا تزال السلطات التركية مستمرة بفرض العزلة المشددة على القائد عبد الله أوجلان المحتجز في سجن إمرالي من النوع F شديد الحراسة، وقوبلت جميع طلبات اللقاء المقدمة من قبل محاميه والتي كانت آخرها في السابع من آب/أغسطس عام 2019.

أكدت المحامية رازية أوزتورك وهي من بين المحامين الذين تولوا ملف قضية القائد عبد الله أوجلان وكل من عمر خيري كونار وهاميلي يلدريم وويسي أكتاش المحتجزي كذلك في سجن إمرالي، والدفاع عنهم، أن العزلة المفروضة في إمرالي يمثل "نظام تعذيب"، مضيفةً "هذه حقيقة موضوعية وحالة تمت مناقشتها بكافة أبعادها في قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وفي تقارير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب".

وأوضحت "إن الوضع الحالي جسيم للغاية بحيث لا يمكن تفسيره بالعزلة فقط، لقد ظل القائد أوجلان يعيش في ظل عزلة شديدة في سجن بجزيرة إمرالي لمدة ٢٤ عاماً، وتم استخدام أساليب جديدة للتعذيب حتى وصلت إلى مرحلة الانعدام المطلق للتواصل على مدى أكثر من ٣٠ شهراً متواصلاً".

وحول المراحل العزلة التي فرضت في سجن إمرالي قالت "المرحلة الأولى بدأت بإنشاء نظام العزل في فترة ما بين (1999 ـ 2005)، والتي يعرفها المسؤولون الحكوميون باسم "التابوت"، أما المرحلة الثانية فكانت بين عامي (2005 ـ 2015)، حيث تم تشدد العزلة تدريجياً أي على شكل "القتل التدريجي" في ظل ظروف السجن السيئة التي تؤدي إلى تدهور الحالة الصحية".

وأشارت إلى أنه "في المرحلة الثالثة تم اتباع سياسة العزلة المطلقة وقطع التواصل مع العالم، باستثناء مكالمتين هاتفيتين وعدد قليل من الاجتماعات العائلية وخمسة اجتماعات مع المحامين بعد عام ٢٠١٥، والتي وصفها المسؤولون الحكوميون بـ "الدفن في إمرالي"، وبدأت المرحلة الرابعة مع آخر مكالمة هاتفية والتي كانت في 25 آذار عام 2021، وتشمل كافة طرق تواصل الوكلاء مع العالم الخارجي بما في ذلك الاتصالات (الهاتف والفاكس والرسائل والزيارة والاجتماعات العائلية والمحامين)"، لافتةً إلى أنه لم تردهم أي أنباء عن موكليهم القائد عبد الله أوجلان وويسي أكتاش، وعمر خيري كونار، وهاميلي يلدريم منذ الخامس والعشرين من آذار/مارس عام 2021.

 

"الهدف من المؤامرة الدولية إنهاء جهود الحل الديمقراطي"

وأكدت رازية أوزتورك أن هذا العزلة المفروضة هي استمرار لـ "المؤامرة الدولية"، قائلةً "الهدف الرئيسي من المؤامرة هو إنهاء جهود الحل الديمقراطي القائم على المساواة ووحدة الشعوب في تركيا والشرق الأوسط التي عمل القائد أوجلان على تطويرها منذ عام ١٩٩٣، وهناك هدف آخر للمؤامرة وهو مشروع الشرق الأوسط الكبير، والذي كان في نطاق تعميق الحرب التي ستتطور في المنطقة من خلال القائد أوجلان والشعب الكردي، ولكن القائد أوجلان قام بإفلاس المؤامرة إن كانت في عملية اختطافه إلى تركيا أو في المرحلة التي تلتها، واستمرت هذه المؤامرة بطرق وأساليب مختلفة عملت على تصفية القائد عبد الله وتطويقه وكسر إرادته".

 

"المؤسسات والمنظمات الأوروبية التزمت الصمت"

ولفتت رازية أوزتورك إلى أن المؤسسات والمنظمات الأوروبية المعنية بحماية حقوق الإنسان لا تزال تلتزم الصمت حيال الانتهاكات الممارسة في إمرالي، وقالت "على الرغم من كل الممارسات الغير قانونية، فإن القائد أوجلان واصل بشكل لائق النضال والعمل من أجل السلام والوحدة الديمقراطية للشعب، وهذا هو السبب الكامن وراء الارتباط المتين بين القائد أوجلان والشعب الذي سعوا لقطعه من خلال فرض العزلة عليه"، منوهةً إلى أن "إمرالي تحولت بماهيتها لمكان يتم فيه سن القوانين والممارسات المناهضة للديمقراطية".

 

"الضغط الممارس على المجتمع ناتج عن ثقافة التهديد"

وأوضحت أن "النظام المخالف للقانون وسياسات القمع التي حدثت في إمرالي وتم تطبيعها في الرأي العام ومستويات الإدارة أدى إلى بناء ثقافة سلبية"، ولفتت الانتباه إلى عواقب الصمت تجاه العزلة المفروضة قائلةً "اليوم في تركيا، مع إلغاء اتفاقية اسطنبول وقول النساء "لن نكون جزء من هذه الجريمة"، فإن الضغط والتهديد الذي يواجهه المثقفون/ات والأكاديميون/ات والسياسيون/ات والصحفيون/ات والأمناء وإرادة الشعب، هي نتيجة لهذه الثقافة".

انتهاك "الحق في الأمل"

 

وفي معرض تقييمها لقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن انتهاك "حق عبد الله أوجلان في الأمل"، قالت رازية أوزتورك "أنه في عام 2014 اجمعت الغرفة الكبرى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أن فرض السجن المؤبد المشدد دون إمكانية الإفراج المشروط يتعارض مع المادة ٣ من اتفاقية مناهضة التعذيب، وذكرت أنه يجب أن يكون لدى السجين بعض الأمل في الإفراج عنه من السجن".

وترى إنه بعد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي ينص على "الحق في الأمل"، ينبغي لتركيا إلغاء تطبيق نظام العزلة المشددة من خلال تعديل تشريعاتها القانونية وإنشاء آلية فعالة تتضمن "الحق في الأمل".

وحول الإجراءات التي يجب اتباعها لمنح السجناء الحق في الأمل، أوضحت أنه "يجب على القضاء إعادة تقييم وضعية الإفراج عن المعتقلين بعد مرور ٢٥ عاماً على سجنهم على أبعد تقدير، وإذا لم يتم الإفراج عنهم، فيجب تكرار هذه التقييمات على فترات محددة منتظمة"، إلا أنه على مدى السنوات التسع الماضية لم تقم تركيا بإجراء أي تغييرات على القضاء لهذا الانتهاك، كما لم تقم لجنة الوزراء المسؤولة عن مراقبة تنفيذ القرار بتدخلات فعالة، على حد قول رازية أوزتورك.

وأضافت "بالرغم من طلباتنا المتكررة المقدمة للجنة الوزراء، وضعت هذه القضية على جدول أعمالها لأول مرة قبل نحو 7 سنوات، ومع ذلك لم تقم باتخاذ أي قرار فعال حتى الآن، تستمر الحكومة التركية تطبيق نظامها المنتهك لكل من قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وتقارير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب لمنع التعذيب، حيث يتم تنفيذ أحكام السجن الصادرة بحق القائد أوجلان والآلاف من السجناء في ظل نظام التعذيب هذا".

 

"إن النضال المنظم أمر ضروري للمجتمع ضد الفاشية المتزايدة"

وذكرت أنه ليس هناك حل للنظام القائم حالياً "إن نظام إمرالي بني بشكل مخالف للقانون، وهم يحاولون المحافظة على استمراره بطرق غير قانونية، ولذلك فهو ليس في النطاق الذي يمكننا من تحسينه أو إيجاد حل له من خلال مطالب جزئية، وبالنتيجة يجب إلغاؤها"، مشيرةً إلى أن هذا الوضع غير القانوني لا يؤثر فقط على الكرد فحسب، بل على كافة الشعوب والمكونات، مشددةً على أهمية النضال المنظم للمجتمع.

وأضافت "لقد تحول التعبير عن الحقيقة إلى موضوع للأحكام العرفية، كما يتضح في قضية ميردان يانارداغ، لقد تم تطوير ذلك ضمن مفهوم الحرب الخاصة وإخفاء الحقائق عن المجتمع، لذا من الضروري للمجتمع بأكمله رفع مستوى الوعي وتنظيم النضال ضد الفاشية التي تشتد يوماً بعد يوم، وكما ذكرنا فإن محاولات العزل مستمرة كاستمرار للمؤامرة الدولية، ولذلك هناك حاجة ملحة لتوسيع رقعة النضال المشترك وتكثيف جهود الشرائح الديمقراطية والمعارضة على الساحة الدولية ضد هذا الخرق للقانون الدولي، فبذلك سيكون بالإمكان رفع العزلة، كما أن اتباع الأساليب السلمية والديمقراطية لن يجلب معه الحل للقضية الكردية فحسب، بل سيقضي أيضاً على الأزمات التي خلقتها الرأسمالية وتكبر وتزداد عمقاً يوماً بعد يوم في جميع أنحاء العالم".