العيادة القانونية تسعى لبناء مجتمع ضليع بالقوانين لدعم العدالة للنساء
أكدت المشاركات في العيادة القانونية، أن التدريبات ركزت على دراسة آليات حماية النساء من الابتزاز الإلكتروني الذي تتعرضن له، مشددات على أنهن بعد التدريبات التي تلقينها لن تدعن المجتمع أو السلطة الأبوية تؤثر عليهن وتمنعهن من رفع صوت النساء.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ تهدف العيادة القانونية دعم مجموعة من الشبان/ات، وطلاب حقوق ومحامين/ات، ليكونوا قادرين على التعاطي مع القوانين من وجهة نظر إنسانية ونسوية، لبناء مجتمع قانوني ضليع بالقوانين المحلية والدولية لدعم العدالة للنساء والأطفال.
أقامت منظمة "فيميل" و"لوياك" مساء أمس الاثنين الرابع من آذار/مارس لقاء تشبيك قانوني جرى خلاله حفل لتخريج الدفعة الأولى من 13 محامية ومحام واحد في مشروع العيادة القانونية، وهي مجموعة من التدريبات والدورات بالتعاون مع منظمات نسوية وحقوقية، وذلك في بيت المحامي في العاصمة اللبنانية بيروت.
وتناول التدريب الذي خضع إليه المتدربين/ات آليات مواجهة العنف التي تتعرض له النساء بكافة أشكاله وكان اختيار المتدربين/ات في اللقاء على قضية العنف والابتزاز الإلكتروني، حيث عرضوا القوانين المتعلقة بالعنف والابتزاز الإلكتروني وإحصائيات تتعلق به، والعقوبات الحالية لهذا الجرم وآليات مواجهته، وأختتم الحفل بتوزيع الشهادات على المشاركين/ات في البرنامج، وتهدف العيادة القانونية إلى بناء مجتمع قانوني في لبنان ضليع بالقوانين المحلية والدولية لدعم العدالة للنساء والأطفال.
وقالت رئيسة لجنة المرأة في نقابة المحامين، المحامية أسمى داغر حمادة "التقينا اليوم في لقاء تشبيك قانوني لمناقشة العنف الالكتروني، وكان في الوقت نفسه حفلة لتخريج محامين/ات في العيادة القانونية في مجال العنف التي تتعرض له المرأة بجميع أشكاله، مشيرةً إلى أن العنف الإلكتروني موضوع خطير ومن المهم إلقاء الضوء عليه، وأنه يجب دراسة آليات الحماية من الابتزاز الالكتروني وحماية النساء والفتيات".
ولفتت إلى أن ما يشكل خطراً كبيراً الأن هو موضوع الفتيان/ات الذين يبقون الهاتف في أياديهم نتيجة التطور التكنولوجي، ويدخلون إلى مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب بدون رقابة ولا محاسبة، ليعرضهم كل ذلك للابتزاز الالكتروني ويوقعهم في العديد من المشاكل، خاصةً النفسية والجسدية والتي يمكن أن تقضي على مستقبلهم، كما أنها قد تعرضهم لمواضيع خطرة دون أن يعلموا أبعادها أو يحسبوا لها حساباً".
وأوضحت أن "العيادة القانونية شملت دراسة الحماية من عمليات الابتزاز الالكتروني، وموضوع الزواج المبكر، والتحرش الجنسي، وكل القوانين التي تشكل خطراً على المجتمع، وغيرها والمفروض أن يعرفوا ما هي الآلية التي تمكنهم من حماية أنفسهم، فضلاً عن عملية توعية اجتماعية وتوعية نفسية من عدم التعرض لهذه المواضيع والمشاكل المحتمل أن تواجههم في حياتهم العملية".
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لجمعية "لوياك" ناديا أحمد "تم تأسيس العيادة القانونية لتمكين المحامين/ات في المساهمة بمناصرة حقوق المرأة والطفل، واليوم سيقدم المتخرجون مقترحاتهم لتطوير قانون الابتزاز الالكتروني، ليأخذ بها النواب كاقتراح قانون "نريد أن نرى تطوراً ومناصرة في قوانين ولا سيما الخاصة بالمرأة والطفل، وهذا هو هدف مشروع العيادة القانونية".
وأكدت أنه يجب على كل امرأة تعاني من الابتزاز والعنف الإلكتروني ومن عنف جسدي وجنسي أن تتحدث، كما عليهن التوجه إلى المؤسسات والجمعيات المختصة في مجال العنف ضد المرأة، ورفع صوتهن والتكلم عما تتعرضن له "نحن بحاجة للأصوات وأن تتحدث النساء عما يواجهن في هذه القضايا".
من جانبها قالت رئيسة جمعية فيميل والناشطة النسوية حياة مرشاد أن العيادة القانونية ثمرة تعاون مشترك بين جمعيتي "فيميل" و"لوياك" والهدف منها تمكين ودعم مجموعة من الشبان/ات، وطلاب الحقوق والمحامين/ات المتدرجين باعتبارهم سيكونون محامين وقضاة المستقبل، ليكونوا قادرين على التعاطي مع القوانين من وجهة نظر حقوق الانسان ومن وجهة نظر نسوية، مضيفةً أن البرنامج تضمن عشرين جلسة تدرب خلالها المشتركون مع مجموعة كبيرة من الخبيرات والمختصات في مجالات مختلفة، ليستمر البرنامج نحو مجموعة أكبر ليكون لهم دوراً لاحقاً في مناصرة قضايا وحقوق النساء ودعم الجهود القائمة في هذا الإطار".
بدورها أكدت عضو المكتب التنفيذي واللجنة القانونية في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية المحامية غادة جنبلاط "كهيئة وطنية لشؤون المرأة اللبنانية نعمل على إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة في جميع القوانين وعلى جميع الأصعدة "بالتأكيد هناك صعوبات كبيرة وتحديات أكبر لكن ما زلنا نواصل العمل وهناك أمور وإنجازات تتحقق، كما لا تزال هناك تحديات يجب أن نتغلب عليها وأن نصل إلى مرحلة تكون فيها المرأة والرجل يعملان على قدم المساواة، ولديهما حقوق وواجبات متساوية لننهض بهذا البلد الذي هو بحاجة إلى سواعد أبنائه وبناته للنهوض"، داعية النساء بالاستعانة بالجهات المختصة والإبلاغ عن أي عنف تتعرضن له.
وقالت إحدى الخريجات نور الحاج حسن وهي طالبة الماجستير في مجال القانون "اشتركت مع جمعيتي فيميل ولوياك في العيادة القانونية، والتي قدمت لنا برامج متنوعة من بينها جلسات التوعية أبرزها التي تناولت قضايا التحرش الجنسي والابتزاز الإلكتروني وتجارة الأعضاء".
ولفتت إلى أن الابتزاز الالكتروني يترك آثار جسدية ونفسية ومادية على الأشخاص الذين يتعرضون لها، وتترك آثار تتخطى أن يعاقب المجرم بالحبس لعام أو عامين فقط أو يدفع غرامة مالية، بل يجب أن تكون العقوبة رادعة أكثر لمن يفكر أن يتحرش أو أن يبتز "العقوبة التي سنها المشترع اللبناني (حق الدفاع المشروع ضد جميع جرائم) ولا توازي الضرر النفسي والجسدي الذي تتعرض له الضحية التي لا يمكنها في دقيقة واحدة أن تنسى كل ما حصل معها، والتي تترك تبعات نفسية على مدى سنوات".
من جهتها قالت مروة محمد فاعور الخريجة و(طالبة حقوق وسنة أخيرة لدرجة الماجستير) "ركزت الـجلسات في العيادة القانونية على أن المرأة في مجتمعنا لا صوت لها، وأنه بدأ صوتها يعلو الآن، دورنا أن نساعد في إعلاء ورفع هذا الصوت" مشيرةً إلى أنه بالتأكيد ليست المرأة وحدها تتعرض للابتزاز الالكتروني أو التحرش الجنسي، بمعنى أن ليس هناك جندرية في هذا الموضوع "كلنا معرضون وبالتالي هذا البرنامج كان من أجل أن نضيء على هذه القضايا لذلك بعد التدريبات التي تلقينها لن نسكت ولن ندع المجتمع أو السلطة الأبوية تؤثر علينا وتمنعنا من رفع صوت النساء".
وأوضحت أنه على الرغم من دراستها للحقوق في الجامعة ألا أنها لم تكن كافية، لأنه يجب تطبيقها في الحياة العملية "نجد أن هذه القوانين لم تطبق لأن هناك إجحاف وثغرات فيها، ولكننا تمكنا من الإضاءة على هذه الثغرات لنقول أنّه يجب معالجتها، بمعنى أن نقدم توصيات وتوعية للناس في هذا المجال، قوانيننا قديمة ويجب تحديثها لنتمكن من مواجهة كل هذه الأمور ليعلو صوت الجميع، وألا يكون هناك من يسكت خوفاً من المجتمع والأهل، ولذلك هذه القوانين نريد تحديثها حتى يلجأ الجميع الى القانون للحماية".
ولفتت إلى أن "العقوبات غير رادعة بحق مرتكبيها فمثلاً من يرتكب الجرم خصوصاً الجرم الالكتروني، وقد نص عليه قانون العقوبات الجديد بالتأكيد، لكن بشكل لا يردع الجريمة، ويمكن لأي كان أن يرتكب جريمة ويقول أدخل السجن لفترة وجيزة أو أدفع الغرامة، لذلك علينا أن نتكاتف جميعنا، كمحامين وطلاب حقوق وحقوقيين لسن قوانين رادعة".
أما زينب مشورب وهي طالبة حقوق وماستير في المنظمات الدولية في الجامعة اللبنانية وإحدى خريجات العيادة القانونية أوضحت أنه هدفنا أن ننمِّي ونطورَ من أنفسنا، ففي العيادة القانونية تعرفنا على العديد من القوانين الإصلاحية، وناقشنا في الكثير من اقتراحات القوانين التي يمكن أن نعمل عليها وننجزها، وفعلياً كانت تجربة مثمرة، ولم تقتصر على الشق النظري فحسب، وإنما طالت الجانب العملي ايضاً، كما تعرفنا على كل هذه الشخصيات المهمة والرائدة، ولا سيما في مجال حقوق المرأة والطفل، وقد جمعتنا المناصرة في مجال حقوق المرأة والطفل".