الركود الاقتصادي في إيران يفاقم بطالة النساء ويعمق الفجوة بين الجنسين
بحسب تقرير صادر عن المركز الإحصائي الإيراني، فقدت أكثر من 170 ألف امرأة عاملة في القطاع الصناعي وظائفهن خلال العام الماضي، وهو رقم يزيد بنحو ثلاثة أضعاف عن معدل البطالة بين الرجال.

مركز الأخبار ـ تشهد إيران أزمة متفاقمة في سوق العمل، حيث تتصدر بطالة النساء المشهد الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ففي ظل الركود الاقتصادي وتراجع الاستثمار وتأثير العقوبات الدولية، ارتفعت معدلات البطالة بين النساء بشكل ملحوظ، خاصة في القطاع الصناعي.
في ظل معاناة الاقتصاد الإيراني من الركود وتقلبات أسعار العملات، يشير أحدث تقرير صادر عن مركز الإحصاء إلى زيادة مقلقة في البطالة في القطاع الصناعي، ففي العام الماضي وحده، فقدت أكثر من 176 ألف امرأة عاملة في القطاع الصناعي وظائفهن، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عدد الرجال العاطلين عن العمل في القطاع نفسه.
ويرجح الخبراء أن مزيجاً من "التحديات الاقتصادية والتمييز القانوني والحواجز الثقافية" أدى إلى تفاقم الفجوة بين الجنسين في سوق العمل الإيراني.
ووفقاً لتقرير مركز الإحصاء الإيراني حول تعداد القوى العاملة لصيف العام الجاري، انخفض إجمالي عدد العاملين في القطاع الصناعي بمقدار 230 ألف مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، ويُعدّ هذا الانخفاض في التوظيف مؤشراً واضحاً على الركود الاقتصادي في إيران، ونقص الاستثمار، وأزمة الوحدات الصناعية الصغيرة والمتوسطة.
ومع ذلك، فإن ما جذب انتباه المحللين هو ارتفاع معدل البطالة بين النساء العاملات في القطاع الصناعي، ففي حين فقد 53 ألف فقط من أصل 8 ملايين رجل عامل في القطاع الصناعي وظائفهم، أصبحت 176 ألف من أصل مليون امرأة عاملة في القطاع الصناعي عاطلات عن العمل، أي ما يُعادل حوالي خُمس إجمالي القوى العاملة النسائية في هذا القطاع.
وأشار عضو غرفة التجارة والصناعة الإيرانية، في مقابلة مع وسائل الإعلام المحلية الإيرانية، إلى انخفاض العمالة الصناعية، وتحدي التمويل، وزيادة تكاليف الإنتاج كعوامل رئيسية لهذه الأزمة قائلاً "أدت تقلبات أسعار الصرف، والعقوبات، والقيود المفروضة على الوصول إلى الخدمات المصرفية إلى انخفاض سيولة الشركات، وفي ظل هذه الظروف، اضطرت الصناعات الصغيرة والمتوسطة إلى تسريح عمالها".\
وأضاف "إن نقص التكنولوجيا المتقدمة، وضعف تدريب العمال، والسياسات النقدية الانكماشية، دفعت العديد من المصانع إلى خفض إنتاجها وتسريح عمالها بدلاً من تحديثها، ونتيجةً لذلك لا تُعدّ البطالة في القطاع الصناعي مجرد عواقب اقتصادية، بل تُشكل تهديداً اجتماعياً أيضاً".
ويبين تحليل البيانات أن ركود الاستثمار في الصناعات الإيرانية أثر بشكل مباشر على العمالة، وحوّل قطاع الخدمات إلى ملاذ للعمالة الصناعية العاطلة عن العمل.
بطالة النساء
وبحسب البيانات الرسمية فإن معدل البطالة بين النساء وصل إلى 15.2% في صيف العام الجاري، وهو ما يعادل 2.5 مرة معدل البطالة بين الرجال (5.8%) وتظهر الفجوة بشكل أكثر وضوحاً في الفئات العمرية الأصغر سنا، حيث وصل معدل البطالة بين النساء في الفئة العمرية ما بين 15 ـ 24 عام إلى 31.5%، في حين بلغ المعدل نفسه بين الرجال 10.6% فقط.
وأكدت السيدة نائبة رئيس المنظمة الوطنية لريادة الأعمال فاطمة مقيمي، في مقابلة مع صحيفة "دنيا اقتصاد"، أن "النساء هن أول من تستبعدن من دورة الإنتاج في أوقات الأزمات، وفرص حصولهن على وظائف محدودة، لذلك فإنهن أولى ضحايا موجات تسريح العمال".
الفجوة بين الجنسين في سوق العمل
وأعلن المركز الإحصائي الإيراني، أن معدل المشاركة الاقتصادية للنساء يبلغ 13.6% فقط، أي أن 13 امرأة فقط من بين كل 100 امرأة في سن العمل تعمل أو تبحث عن عمل، في المقابل تشير التقارير إلى أن معدل مشاركة الرجال يبلغ 68% بمعنى آخر، أصبح سوق العمل في إيران يهيمن عليه الرجال فعلياً. علاوة على ذلك، فإن 63.1% من النساء العاطلات عن العمل هن خريجات جامعيات مقارنة بـ 50.6% من الرجال.
ويبين تحليل هذه البيانات أن غالبية النساء المتعلمات إما لا تدخلن سوق العمل، أو بعد فترة من الوقت تخرجن من دورة العمل بسبب التمييز أو الركود الاقتصادي.
العواقب استبعاد المرأة من سوق العمل
إن إبعاد المرأة عن مجال الإنتاج والتوظيف يعني خسارة نصف رأس المال البشري للبلاد، ومن جهة أخرى، تسبب بطالة النساء آثاراً متسلسلة تشمل زيادة الفقر، وانخفاض القدرة الشرائية للأسر، وضغطاً متزايداً على صناديق التأمين، فضلاً عن ارتفاع معدلات الهجرة الداخلية والخارجية.
وتشير التقارير الرسمية وتحليلات الخبراء إلى أن ارتفاع معدلات البطالة بين النساء في القطاع الصناعي ليس مجرد ظاهرة اقتصادية، بل هو مؤشر على أزمة هيكلية وثقافية عميقة في سوق العمل الإيراني، إذا لم تُدرج سياسات دعم الصناعات الصغيرة، وحصول المرأة على القروض والتدريب على المهارات، وإصلاح القوانين التمييزية، على جدول الأعمال، فإن الفجوة بين الجنسين في التوظيف ستزداد بسرعة، وستُستبعد النساء، باعتبارهن نصف السكان، تماماً من الدورة الاقتصادية والتوظيفية.