المطالب الطلابية في تغيير البنية السياسية في إيران منذ أحداث 1999
في إيران وشرق كردستان أصبح القمع الشديد والتضييق الذي تعرض له المجتمع في الستينيات نقطة تحول للحركة الطلابية والديمقراطية في إيران، ويمكن اعتبار أحداث تموز/يوليو 1999 أو الهجوم على جامعة طهران أول مواجهة مباشرة بين الطلاب والسلطات.
سوروشا أمين
مركز الأخبار - أحداث تموز/يوليو 1999 أو الهجوم على حرم جامعة طهران، الذي وقع في الفترة ما بين 8 و23 تموز/يوليو 1999، عقب الاستيلاء على صحيفة السلام، اندلعت بين الطلاب وقوات نظامية تعرف باسم "أنصار حزب الله" والباسيج.
8 تموز/يوليو 1999 هو حدث يشار إليه في الأدبيات الرسمية للسلطات الإيرانية باسم "فوضى 18 يوليو" لكن في هذه السنوات وفي الأدبيات السياسية لمعارضي ومنتقدي النظام السياسي الإيراني، تم ذكر يوم 8 تموز/يوليو على أنه "القيامة" أو "نقطة تحول في الحركة الطلابية".
يمكن تسمية هذه الأحداث بالحدث الأول بعد الاحتجاجات الجماهيرية التي قامت بها جماعات المعارضة في حزيران/يونيو 1981، عندما شهد مثل هذه الاحتجاجات الشباب والطلاب في طهران وتبريز.
يعيش المجتمع الإيراني ظروفاً جديدة منذ منتصف السبعينيات وتحديداً منذ حزيران/يونيو 1997، في غضون ذلك، تحولت بعض المجموعات الطلابية الجديدة مثل "الجبهة الطلابية المتحدة"، جنباً إلى جنب مع المنظمات القديمة مثل "الجمعيات الإسلامية للجامعات في جميع أنحاء البلاد"، إلى خلق الخطاب والحضور اليومي النشط في المجتمع وتمكنت من تقديم نفسها على أنها مجموعات مرجعية.
وقد أدى هذا الجو إلى رفع مستوى المطالب الشعبية بسرعة كبيرة خلال العامين الأولين من رئاسة محمد خاتمي لدرجة أن الحديث عن تغيير البنية السياسية في إيران امتد إلى الجامعات، وتحدثت بعض المجموعات الطلابية عن ضرورة تغيير البنية السياسية في إيران في برامجها ومطبوعاتها.
كان السبب الرئيسي لاحتجاج طلاب جامعة طهران عام 1999 هو حظر صحيفة السلام لكن قبل التطرق إلى قصة الاستيلاء على صحيفة السلام، ينبغي أن نرى أن سياق أحداث مثل 8 تموز/يوليو مع الأخذ في الاعتبار التغيرات السريعة التي شهدها المجتمع الإيراني في تلك السنوات، أي بعد عامين فقط من بداية حكومة محمد خاتمي، حركة طلابية وفئة كبيرة من الشعب أصبحوا قلقين على المستقبل وشعروا أنه لا قدرة على التغيير والإصلاح دون وجود الناس في الشوارع والمطالب المجتمعية، في الواقع، كان ارتفاع مستوى المطالب والرغبة في التحول إلى "راديكاليين" هو السبب الرئيسي لاحتجاج الجامعة.
والحقيقة أن إغلاق صحيفة "السلام" كان الذريعة والسبب للحادثة التي استمرت في التعامل العنيف والوحشي مع الجزء المهيمن من قوات "أنصار الله" والباسيج.
في تلك الأيام، أصبحت الحركة الطلابية راديكالية، وازداد ابتعادها عن الخطاب الرسمي للنظام، وازدادت الفجوة حدة ونمت الحركة الطلابية مقارنة بالماضي واكتسبت سلطة داخل المجتمع بنفس القدر وفي الوقت نفسه، تمتعت بعلاقة جيدة مع المجتمع الإعلامي ومع أجزاء أخرى من المجتمع المدني الإيراني، وكذلك مع النخب، مما أدى إلى تحديد هذه الحركة الطلابية لحادثة 18 تموز/يوليو.
بداية حادثة 8 تموز/يوليو كانت عندما تم حظر صحيفة "السلام" ليلة 16 تموز/يوليو 1999 على خلفية نشر رسالة سرية لسعيد إمامي من نواب الرئيس ووزارة الإعلام (والتي طالبت بفرض قيود صارمة ومنهجية على الصحافة)، كما أفادت وسائل إعلام بإقرار قانون الصحافة الجديد في مجلس النواب وجاء القانون متماشياً مع رسالة سعيد إمامي المسربة بشأن ممارسة المزيد من الضغوط على الصحافة.
سعيد إمامي، الذي نُشرت تفاصيل انتحاره المشبوهة والمثيرة للجدل رسمياً قبل أسابيع قليلة من نشر رسالته السرية في صحيفة السلام، ونشر رسمياً خبر انتحاره المشبوه والمثير للجدل، وقبل أشهر اتهم بالتورط المباشر في قتل مجموعة من المنشقين تعرف باسم "جرائم القتل المتسلسلة"، وتم القبض عليه مع مجموعة أخرى من عملاء وزارة المخابرات، والآن يقال إنه انتحر في السجن بمواد التنظيف.
وأثارت سلسلة هذه الأحداث والأخبار الغضب المكبوت لدى الطلاب، ففي ليلة 7 تموز/يوليو 1999، خرجت مجموعة من الطلاب إلى الشوارع، وبعد ذلك تحركت وحدة من الحرس الثوري في طهران والباسيج واشتبكت معهم حتى صباح 8 تموز/يوليو 1999 مما تسببت في انتشار الاحتجاجات من حرم الجامعة إلى الشوارع المحيطة بها في الساعات الأولى من يوم 8 تموز/يوليو 1999 وفي الوقت نفسه، وصلت أيضاً قوات بملابس مدنية تُعرف باسم "أنصار حزب الله" إلى حرم الجامعة ومساكن الطلاب، وهاجمت مهاجع الطلاب، وشرعت في تدمير واسع النطاق لممتلكات الطلاب واعتدت عليهم بالضرب المبرح.
وفي الليلة نفسها، تم اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين من قبل "أنصار حزب الله" والباسيج وكانت احتجاجات الطلاب ليلة 9 تموز/يوليو بمثابة شرارة الصراع بين الطلاب والأهالي مع الباسيج والأشخاص المعروفين باسم "أنصار حزب الله"، والذي استمر حتى مساء الثالث والعشرين من تموز/يوليو 1999.
وتجدر الإشارة إلى أن الحادثة التي جعلت يوم 8 تموز/يوليو مميزاً وتاريخياً، هو الاعتداء الشنيع والتدمير والركل الوحشي والواسع النطاق للجسد الجامعي، مما أدى إلى إصابة الحركة الطلابية وظهرت الإمكانات التي تم إعدادها مسبقاً هناك.
وآنذاك أعلن مجلس الاعتصام الطلابي بالجامعة في بيان له عن مقتل عدد من الطلاب لكن الخبر تم نفيه بعد أيام قليلة وقيل أن "عزت إبراهيم نجاد"، الشخص الوحيد الذي قُتل في الأحداث، ورغم ذلك، وبعد أشهر، ذكر اسم "فرشت علي زاده" كضحية أخرى من ضحايا أحداث جامعة طهران، ومصير طالب آخر هو "سعيد زين علي"، الذي كان حاضراً في جامعة كوي ليلة 8 تموز/يوليو ولا توجد أخبار حتى الآن، كما تم اعتقال حوالي أربعة آلاف شخص في هذه الأحداث وحكم على عدة مئات من الأشخاص بالسجن أو الغرامة أو الإعدام.
وأدت قصة أخرى عن الهجوم على الحرم الجامعي إلى احتجاجات واسعة النطاق من قبل الطلاب والناس في طهران لعدة أيام وإلى جانب طهران، وقعت أيضاً اشتباكات في جامعة تبريز والأجزاء الوسطى من هذه المدينة في 20 تموز/يوليو أسفرت عن مقتل مواطن يدعى "محمد جواد فرهنكي".
في هذه الأثناء، وبعد أقل من شهر، في 5 آب/أغسطس، في خطاب ألقاه في همدان، وصف الرئيس محمد خاتمي احتجاجات الشوارع بأنها "أعمال شغب عمياء"، قائلاً إنها "بغيضة"، وفي تلك المرحلة أصبح ضعف حكومة خاتمي أكثر وضوحاً حيث فشلت في دعم الحركة الطلابية وتعاونت مع الحرس الثوري الإيراني وقمعت الحركة يومي 23 و24 تموز/يوليو ومنذ ذلك الحين، أصبح موقف الناس تجاه خاتمي أكثر وضوحاً وبعد تلك الأحداث استمر الوضع الأمني غير مستقر لعدة أشهر.
مع بداية الثمانينات وبعد ظهور الخلافات في مكتب ترسيخ الوحدة باعتباره التنظيم الطلابي الأشمل في ذلك الوقت، وأيضاً بعد التعامل مع التنظيمات الطلابية التي لعبت بشكل ما دوراً في أحداث ما بعد 8 تموز/يوليو، أصبحت الظروف للنشاط الطلابي في تغير.
ومع ذلك، كان الطلاب لا يزالون في طليعة الاحتجاجات والحركات الاجتماعية، وقد صنعوا العديد من الملاحم في عقود مختلفة، كما هو الحال في انتفاضة " Jin Jiyan Azadî"، فقد نزلوا إلى الشوارع بأغلبية الناس وهتفوا بمطالبهم.
بدأ القمع غير المسبوق للطلاب في جميع أنحاء البلاد مع بداية انتفاضة " Jin Jiyan Azadî" بكثافة كبيرة من قبل المؤسسات الأمنية، لكن مشاركة العدد الأكبر من الجامعات في هذه الاحتجاجات والتنوع الكبير في الأعمال الطلابية جعلا من الصعب قمعها بالنسبة لقوات الأمن.
بدأ قمع الاحتجاجات الطلابية باعتقالات واسعة النطاق للطلاب النشطين، وخاصة الأعضاء الحاليين والسابقين في المنظمات الطلابية ومن الجدير بالذكر أن العديد من الشخصيات الأكثر شهرة إلى حد ما بين الناشطين الطلابيين تم اعتقالهم بسرعة في الأسابيع الأولى من الاحتجاجات.
لكن بعد نحو شهر من الإضراب وغياب الطلاب المحتجين عن قاعات الدراسة، بلغ اعتقال الطلاب ذروته مع اعتقال المئات من الأشخاص في الجامعة أو السكن الطلابي أو في المنزل وفي الطريق إلى الجامعة. أشخاص مثل "فهيمة سلطاني، إيليا طبيبي، بوان لطفي، ريحان ناصري، أزين سعيدي نسب، مطهارة غوني، مائدة أمير سيافي، ليلى حسين زاده، سارة نادري و..."، من الآن فصاعداً، لم تقتصر الاعتقالات بالضرورة على الناشطين الطلابيين وانتشرت دائرة الأشخاص الذين نشرت أسماؤهم كطلبة معتقلين.
وفي الوقت نفسه، بدأت أيضاً موجة غير مسبوقة من الحرمان من التعليم ومرافق الرعاية الاجتماعية والاستدعاء لحراسة الجامعات. الطلاب، على عكس السنوات السابقة، خلال الانتفاضة الثورية" Jin Jiyan Azadî" للتعبير عن أنفسهم لم يقتصر احتجاجهم على التجمعات والاعتصامات، وإصدار البيانات، فبشكل غير مسبوق، خرجت من الجامعة كل أنواع الفنون الاحتجاجية من موسيقى وفنون استعراضية.
وبلغ القمع ذروته في تركيب العديد من كاميرات المراقبة وتجنيد قوات جديدة ومتعددة للجامعات في هذه الفترة السلطات اضطرت إلى القيام بإجراءات جديدة من أجل السيطرة على تصرفات الطلاب المتنوعة بالإضافة إلى الاعتقال وضرب المتظاهرين بالجامعة.
وأجبرت كتلة الطلاب، التي خلق دخولها إلى ساحة الاحتجاج معادلات مختلفة للحكومة، بحسب تفسير المخابرات، بعض أساتذة الجامعات على الانضمام إليهم، على عكس السنوات السابقة الكردية، والتي تسببت في فصل المئات من الأساتذة المحتجين، وشكلت انعكاساً خارجياً لهذا التضامن بين بعض الأساتذة وطلابهم.
تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الجامعات مثل جامعة كردستان، احتج مجموعة من الأساتذة والطلبة على تدنيس الجامعة من قبل القوات الأمنية والقمع الشديد للاحتجاجات العامة وجاء اعتقال بعض أساتذة الجامعات الوطنية والمفتوحة وإيقاف مرتبات البعض الآخر، نتيجة تضامن عدد من الأساتذة مع الطلاب المحتجين.