المرأة الفلسطينية توثق نضالها عبر مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة
انطلق مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة وسط الدمار ليُبرز نضال المرأة الفلسطينية وصمودها خلال الحرب، ويوثق معاناتها عبر الفن كرسالة إنسانية للعالم، حيث يشكل منصة نسائية فريدة تُعيد للمرأة صوتها في توثيق واقعها.
رفيف اسليم
غزة ـ المشاركات في مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، تروين وجعهن ونضالهن عبر الفن، ويثبتن أن صوت المرأة لا يُكسر حتى تحت القصف، وأنهن من بين الخيام والدمار، تعدن بناء ذواتهن ومجتمعهن، ويُطلق سينما تُجسّد واقعهن.
انطلقت مساء أمس الأحد 26 تشرين الأول/أكتوبر فعاليات الدورة الأولى من مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، تحت شعار "نساء ماجدات في زمن الإبادة" وسط حضور نسوي وشعبي واسع، ليكون أول حدث فني يُقام بعد حرب استمرت عامين، افتُتحت الدورة بعرض فيلم "صوت هند رجب"، المرشح لجائزة الأوسكار، على أن تستمر العروض السينمائية حتى 31 من الشهر ذاته، احتفاءً بصمود المرأة الفلسطينية وتوثيق نضالها عبر الفن.
"السجادة الحمراء اليوم تُفرش بين الخيام وهذا أعظم تعبير عن الإصرار"
أوضحت المخرجة الفلسطينية ريما محمود، عضوة في لجنة مشاهدة وتحكيم مهرجان المرأة، أن المهرجان يقام بنسخته الأولى في ظل الدمار والإبادة ليتحدث عن شريكة الرجل بالنضال والمقاومة طوال الحرب على غزة، مركز على آلامها التي لا بد من توثيقها عبر الفن ليراها العالم.
وأكدت أن المهرجان كان بتنظيم نسائي، لتكون قضاياهن ظاهرة للعيان، كون لا أحد يستطيع التعبير عن المرأة سوى ذاتها خاصة بعد ما عاشته أحداث وظروف وحتى التفاصيل الصغيرة، لافتةً إلى أن حضورهن يوصل للعالم رسالة أن المرأة ما تزال حاضرة وبقوة في جميع المجالات وستنهض من تحت الركام لتعيد بناء نفسها ومجتمعها.
وسيتناول المهرجان، بحسب ريما محمود، سلسة من عروض الأفلام التي تركز على قضايا المرأة خاصة الفلسطينية وقضيتها كونها العنصر الأضعف والأقوى، من جهة تأثرت بحرب الإبادة وأنهكتها من كافة النواحي، ومن جهة أخرى صمدت في حماية القضية والهوية طوال تلك الفترة.
وعن الصعوبات، قالت إنها "عندما قررت إطلاق المهرجان كان هناك غياب كامل لمقومات المهرجان الدولي، فقبل الحرب كان هناك مسارح وتنظيم بما يليق بالسجادة الحمراء، لكن اليوم تقدم غزة ذلك المهرجان بالإمكانيات البسيطة المتاحة من قلب مخيمات النزوح، وهذا يدل على الإصرار على النجاح، فالسجادة الحمراء اليوم تفرش بين الخيام وليس بين الإضاءة والكاميرات".
وأكدت أن "فيلم "صوت هند رجب" حاصل على جوائز دولية ومرشح لنيل الأوسكار، "وهي قصة واقعية ركزت على التفاصيل وصوت الطفلة هند رجب الذي أعاد القضية للصدارة من جديد وساهم في تسليط الضوء على الكثير من القضايا المشابهة التي ربما ظن إسرائيل أن العالم قد نسيها".
"استمرار الفعاليات النسائية هو ضمان لحقوقنا وصوتنا"
بدوها، قالت رنا اليازجي، إحدى منظمات مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، إن هذا المهرجان يعكس واقع المرأة الفلسطينية التي واجهت ويلات الحرب، وضحّت بجسدها وأطفالها وبيتها، لكنها واصلت طريقها بقوة وعزيمة تلهم نساء العالم، مضيفةً أنها فقدت زوجها، إلا أن تلك التجربة علمتها كيف تنهض من جديد، تواصل حياتها، وتربي أطفالها بإصرار لا ينكسر.
وفيما يتعلق بإقامة المهرجان في المخيم الجزائري، أوضحت أنها تأمل أن تشعر النساء الجزائريات بالفخر والاعتزاز عند مشاهدتهن فعاليات المهرجان عبر وسائل الإعلام، خاصة وأن إحدى الجزائريات تقف إلى جانب ضحايا الحرب وتساهم في تنظيم العروض الفنية، مشددةً على أن استمرار هذه الفعاليات النسائية أمر بالغ الأهمية، لأن توقفها يعني ضياع حقوق النساء، مؤكدةً أن تحديات التنظيم لا تُقارن بقيمة النتائج التي تتحقق على أرض الواقع.
"الفن لا يحتاج ترجمة إنه يوقظ الضمير العالمي تجاه معاناتنا"
فاتن حرب، إحدى الداعمات لمهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، قالت إن شعورها هذا اليوم يحمل طابعاً خاصاً، إذ يتزامن انطلاق المهرجان مع اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية في 26 تشرين الأول/أكتوبر، مما يمنحه بعداً رمزياً يعزز من صمود المرأة الفلسطينية، ويُسلط الضوء على معاناتها خلال العامين الماضيين.
وأكدت أن الفن يُعد رسالة إنسانية نبيلة لا تحتاج إلى ترجمة، فهو يخاطب الحواس مباشرة ويوقظ الضمير العالمي تجاه معاناة الشعوب التي تعيش تحت وطأة الحرب، وعلى رأسها غزة.
وأوضحت فاتن حرب أن العالم ربما بات يملّ من مشاهد معاناة النساء الفلسطينيات التي تتكرر عبر نشرات الأخبار، ولهذا جاءت هذه الأفلام لتعيد تسليط الضوء على نضالهن وسعيهن المستمر لنيل حريتهن، ولكن بأسلوب مختلف وأكثر تأثيراً.
وأشارت إلى أن "هند رجب تمثل واحدة من آلاف النساء والأطفال الذين قُتلوا بدم بارد خلال حرب الإبادة، حيث استُهدفت بشكل مباشر من قبل الآليات الإسرائيلية أثناء نزوحها من منزلها في حي تل الهوى، لتُطلق عليها وعلى أفراد عائلتها مئات الطلقات بهدف التأكد من موتهم".
وأكدت أن "إسرائيل تنتهك بشكل صارخ جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية، مستغلة غياب أي جهة تجرؤ على محاسبتها"، مشيرةً إلى أن هند رجب وعائلتها كانوا من المدنيين الذين حاولوا الفرار بسيارتهم من منطقة صنفتها القوات الإسرائيلية منطقة حمراء، إلا أنها أقدمت على قتلهم في مكانهم دون تردد.
وشددت على أهمية مراقبة تنفيذ القوانين الدولية التي تكفل حماية النساء والأطفال، وضرورة فرض العقوبات على الجناة أينما كانوا، لضمان العدالة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.
"نُطلق سينما تُروى بعيوننا لأن قصتنا يجب ألا تُنسى"
وأوضحت نهاية جرادة إحدى المشاركات، أن مشاركتها جاءت تلبية لدعوة هي الأولى من نوعها لحضور فعالية فنية مخصصة للمرأة، مؤكدةً أنها حرصت على الحضور لدعم النساء ومساندتهن، والتأكيد على أهمية استمرار أدوارهن الفاعلة في المجتمع، سواء خلال الأزمات أو بعدها، لافتةً إلى أن المرأة في غزة أثبتت قدرتها على العمل والإبداع رغم كل الظروف الصعبة والتحديات التي تواجهها.
وقالت إن النساء والفتيات كنّ قبل الحرب يوثقن واقعهن من خلال أفلام وثائقية قصيرة، أما اليوم، فإن المهرجان يشكّل انطلاقة نحو سينما متكاملة تُروى بعيون النساء أنفسهن، والهدف من هذه السينما تمكين المرأة الفلسطينية من إنتاج أعمال تعبّر عن واقعها وتجسّد قضاياها، لأن كل قضية لا تُوثق مهددة بأن تُنسى، ولن يعرف العالم عنها شيئاً.
وبيّنت، أن دور المجتمع والعالم الآن يأتي بالتمكين أي تمكين المرأة الفلسطينية من أداء دورها المنوط بها، والمطالبة بحقوقها، لافتةً إلى أن مدينة غزة تحتاج المزيد من الفعاليات الفنية المشابهة التي تركز على المرأة أم القتيل والجريج وهي من اضطرت بأن تقوم بكافة أدوار الشريك بعد معاناتها من ويلات الفقد والنزوح والتشريد.