المحررة الفلسطينية إسراء جعابيص: انتصرتُ السجّان وألمي بات ابداعاً
اعتبرت ناشطات تونسيات، أن التضامن مع النساء في غزة وفلسطين يجب أن يستمر، مؤكدات أن الفلسطينيات كتبن بدمائهن معركة تحرير الأرض ومقاومة دون سلاح.

تونس ـ تتعرض الأسيرات الفلسطينيات في سجون السلطات الإسرائيلية لشتى أشكال التنكيل والتعذيب والإهمال الطبي، ألا أنهن رغم جميع الظروف وقفن بصمت في وجه القهر والظلم، وأكدن أن النضال النسوي ليس فقط مقاومة بل إصرار على الحياة.
نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أمسية مع الناجية من سجون القوات الإسرائيلية إسراء جعابيص، للحديث عن معاناة الأسيرات اللواتي يُنكل بهن داخل دهاليز السجون بشتى أشكال العنف والتعذيب، وتطرقت الأسيرة التي قضت 8 أعوام في السجون إلى ما عاشته من تنكيل وتعذيب قبل أن تعانق الحرية في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر2023 ضمن صفقة تبادل الأسرى وقد عُرفت بصمودها في وجه القهر والظلم ولقبت بامرأة فلسطين لعام 2017، تقديراً لصبرها على عتمة السجن وقسوة المرض ومرارة الجراح.
ولدت أسراء جعابيص في عام 1986جنوب شرق القدس المحتلة وترعرعت في قرية خنقتها الحواجز وجدران الفصل العنصري وتهددها عمليات الاستيطان، وفي عام2015 تعطلت سيارتها قرب حاجز الزعيم أثناء عودتها من أريحا، فأطلقت القوات الإسرائيلية النار عليها، مما أدى إلى اشتعال النار فيها إثر انفجار أسطوانة غاز داخل المركبة، والذي أدى إلى أصابتها بحروق بليغة غطت ما بين 50ـ 60% من جسدها وأدت إلى فقدان أصابعها وتشوه وجهها والتصاقات في الجلد منعتها من تحريك يديها ورغم إصابتها المروعة وٌجهت لها تهمة محاولة قتل جندي وصدر حكم بسجنها11 عام مع حرمانها من الرعاية الطبية والمسكنات التي كانت بأمس الحاجة إليها.
وقالت أسراء جعابيص، إنها عوقبت بشكل همجي من قبل القوات الإسرائيلية، حيث رفضت إدارة السجون مراراً طلبات إدخال أطباء لعلاجها رغم كفالة العائلة بكامل التكاليف وأعرضت عن كل المناشدات الحقوقية، لافتة إلى أن الحادث الذي عاشته غيّر مسار حياتها وقاومت في الأسر الوقت والألم بالدراسة، وانجزت ابحاثاً أكاديمية بينها دراسة حول الإهمال الطبي في سجون القوات الإسرائيلية متحديه آلامها الجسدية وقيود السجن.
وعن معاناتها داخل السجن أوضحت أنها "مارست الحياة والرسم والكتابة رغم فقدان أصابعها وكانت تخيط دمى وتطرز الأقمشة وتدرب الأسيرات على التطريز والتنمية البشرية، وتؤدي أدواراً تمثيلية لتسلية القاصرات منهن وأصدرت كتابها "موجوعة" الذي كتبته رغم بتر أصابعها لتوثق فيه آلامها بكلمات حفرتها بالألم واستعدت لأطلاق كتابها الثاني "كيف أكون أنا من جديد".
وقصة إسراء جعابيص ليست فقط حكاية أسيرة بل هي شهادة على الإصرار النسوي المقاوم الذي يحول السجن إلى مدرسة والألم إلى نص والحريق إلى ضوء.
وقالت الناشطة النسوية بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نبيلة حمزة "لا يمكن أن نكون مناضلات متشبعات بحقوق الإنسان والنساء دون أن نتعاطف ونتأثر بشهادة إسراء جعابيص وكل الأسيرات الفلسطينيات، ورغم المعاناة داخل سجون الاحتلال والشهادات حول العنف المضاعف الذي عاشته النساء الأسيرات، إلا أنهن قاومن العنف الذي لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية".
وأكدت أن الفلسطينيات كتبن بدمائهن معركة تحرير الأرض ومقاومة دون سلاح، وما تعيشه غزة اليوم من حرب وتجويع غير مسبوق خير دليل على تلك المآسي بعد مقتل أكثر من53 ألف مدني معظمهم نساء وأطفال ورضع، معتبرةً أن المعاناة كبيرة وتتحمل النساء نتائجها وأحياناً لا تجدن المكان حتى لوضع رضيعهن وتلدن دون تخدير ودون أدوية وتعطين الحياة لروح أخرى رغم كل الآلام.
وأشارت إلى أن الحركة النسوية العالمية عاجزة على دعم نساء غزة على الرغم من التضامن والخروج للشارع في أوروبا وأمريكا وأفريقيا والشرق الأوسط، لكنها لم تستطع فرض إيقاف إطلاق النار والصراع "شهادة إسراء جعابيص تذكرنا أن العنف ضد النساء يأخذ عدة أشكالاً ويجب الانتباه له ومواصلة الدعم والتضامن والتنديد والتحرك دوم توقف".
وقالت "على الرغم من الخصوصية النسائية في الحروب والتي تتطرق إليها الاتفاقيات الدولية وقانون الحرب لكن العدو يحقد ويكره النساء ولا يراعيها، لأنه عدو حقيقي ومختلف غاشم مجنون".