مجلة Jineolojî في عامها العاشر... إعادة المعرفة المسلوبة من النساء إلى النساء ـ2

في فترة مظلمة كانت فيها المعرفة محظورة على المرأة، اجتمعت النساء معاً أحياناً في منزل، وأحياناً في الحي، ونظمن من خلال ورش عمل الجنولوجيا.

آرجين ديليك أونجل

آمد ـ بدأت النساء رحلة طويلة مع جنولوجي، في حين أن مجالات التركيز الرئيسية لها هي الحرية، والعلاقة بين الرجل والمرأة، والذكورة، والحياة المادية، والأخلاقيات الجمالية، والسياسة، والاقتصاد، وثورة المرأة، وغيرها، وكل هذه المواضيع تتمحور حول تنوير طبيعة المرأة وتهدف إلى الكشف عن "الجوهر الاجتماعي".

لفتت مجلة ""Jineolojî الانتباه إلى بدائل نظام الدولة، والسلطة، والحكم الذي يهيمن عليه الذكور، والأساطير، والفلسفة، والدين، والتمييز الجنسي، بالإضافة إلى معرفة الذات وفهم الحياة وإعطائها معنى، وتحلل جنولوجي المرأة والمجتمع ضمن مثلث الرجل والدولة والسلطة، وهو يضيء تاريخاً مظلماً تم فيه استعباد الرجال إلى جانب النساء اللاتي حوكمن في هذا المثلث، كما يدعي علم النسوية أنه رائد في تشكيل جميع العلوم، خاصة العلوم الاجتماعية.

 

ورش العمل النسوية

مع استخدام مفهوم علم المرأة ومناقشته باعتباره "علماً نسائياً"، كانت ورش العمل من أكثر الجهود فعالية لتعميم هذا العلم، في عملية يتم فيها محاولة فصل المعرفة والمناقشة والبحث، باختصار، محاولة فصل الحقيقة عن المرأة، تصبح ورش العمل مساحات من الحرية للنساء.

وبينما كانت "ورشة عمل أكاديمية المرأة جنولوجي" التي تأسست في آمد بشمال كردستان بداية لورش عمل جنولوجي، فإن جنولوجي التي تبحث في جميع العلوم من الطبيعة إلى المجتمع، من الأساطير إلى الأديان والعلوم من منظور المرأة، تتيح تعميق هذه المناقشات وانتشارها من خلال ورش العمل.

ليست المرأة وحدها في قلب التغيير والتحول الذي تناضل جنولوجي من أجله، فالنظام الرأسمالي الأبوي لا يسلب حريات المرأة فحسب، بل يحاول أيضاً فرض هيمنته على المجتمع ككل، وفي هذا المجتمع، لا يُستخدم الرجال كأداة للسلطة والقمع ضد النساء فحسب، بل يتم جعلهم أيضاً عبيداً للنظام، وفي هذا النظام الحالي، فإن السبيل إلى تحرير الرجال والتخلص مما يفرضه النظام عليهم هو من خلال جنولوجي.

 

 

وفي تقييمها ماضي وحاضر ورش العمل النسوية، ذكرت عضوة أكاديمية المرأة فيغن آراس، أنهن كنساء كن متحمسات للغاية عندما تمت مناقشة مفهوم علم المرأة، ولكن لم يكن لديهن معلومات كافية لمناقشة هذا المفهوم.

 

"أسهمت المجلات والكتب في ورش العمل"

وأوضحت فيغن آراس كيف تشكل تراكم المعرفة حول علم المرأة "يبدو أن الأشياء التي قمنا بها وناقشناها كانت تكراراً لما تم القيام به قبل فترة طويلة، لقد كنا على دراية بأيديولوجية تحرير المرأة، وكان لدينا بالفعل قراءات ومناقشات في هذه المجالات مثل "الطلاق الأبدي"، و"الأسرة الديمقراطية"، والطريقة التي تم التعامل بها مع المرأة في التاريخ، ومع تطور المناقشات حول الجنولوجي، أدركنا أن طريقة فهم الحياة وتفسيرها تحتاج إلى مناقشتها، وفي هذه المرحلة، تم نشر مجلة جنولوجي".

وأضافت "كما تم نشر كتاب عن جنولوجي أعدته 17 سجينة سياسية في سجون مختلفة، بالإضافة لنشر كتاب "مدخل إلى جنولوجي"، وكانت المنهجية في هذا الكتاب وطريقة تناوله للقضايا فعالة من حيث استدامة ورش العمل، وأخيراً، تم نشر كتاب "نقاط الدرس في علم النسوية"، وقد ساهمت المنهجية في هذا الكتاب أيضاً في المناقشات في ورش العمل".

 

"معرفة نفسك، والتعرف على ذاتك، والتعرف على الحياة كان قيماً للغاية"

فيغن آراس، التي ذكرت أنها كانت من أوائل النساء اللاتي شاركن في ورشة العمل الخاصة بعلم المرأة، عبرت عن تجربتها الأولى بالقول "كانت أكثر نقطة أثارتني هي العثور على نفسي، والتعرف عليها، نعم، كانت هناك تجربة ونظرية معينة، بالطبع كنا جميعاً منظمات، وكنا جميعاً منخرطات في نضال النساء، ولكن كان هناك شيء أكثر سحراً في علم المرأة، من أنا، كيف يمكن تعريف الوجود الذاتي؟ بالطبع، الحركة النسائية الكردية تناضل منذ ما يقارب من 30 عاماً، وبما أننا نتحدث عن 15 عاماً تقريباً، فقد كان للحركة النسائية أدبيات في ذلك الوقت، وقد قادتنا منهجية علم المرأة نحو التوضيح في ورش العمل".

وأوضحت أنه "كانت النقطة التي أثارتنا أكثر مما أثارنا في تشكيل ورش العمل في المناقشات حول علم المرأة هي أن عالم المعرفة لم يكن شيئاً مخيفاً أو صعباً أو بعيد المنال، وكانت معرفة الذات وفهم الحياة أمراً قيّماً للغاية، وكان من القيّم جداً أن تقوم النساء بذلك معاً، وأن يضيفن القوة لبعضهن البعض، وأن يدركن هذا التضامن".

 

"جمعت ورش العمل بين المنظمات النسائية"

ذكرت فيغن آراس أنه في ستينيات القرن الماضي في أوروبا وأمريكا، وتحت مظلة الحركات النسوية، كانت النساء يجتمعن معاً في البيوت ويتبادلن تجاربهن، وأن حالة المرأة من كونها موضوعاَ كانت تناقش في ورش عمل جنولوجي "في تلك الورش بدأنا في الحديث عن حالة كوننا موضوعاً وأن نحب أنفسنا، فعندما يبدأ المرء في حب نفسه، يريد أن ترى جميع النساء أنفسهن كقيمة، وهذا أدى إلى التنظيم، أردنا فتح ورش عمل في أماكن أكثر ونشر هذه الورش لأن ورش العمل الحالية لم تعد كافية".

 

"جنولوجي تغطي جميع مجالات الحياة"

أشارت فيغن آراس إلى أنه لا يوجد منطق في ورش عمل جنولوجي لإلقاء المحاضرات "أدركنا هذا في ورشة العمل؛ جنولوجي ليس علماً نسائياً فقط، بل هو طرح علمي اجتماعي للحياة أبعد من كونه علماً نسائياً يبحث في تاريخ المرأة نفسه ويسميه ويخطط لمستقبلها، وهذا ما جعلنا نمتلك إرادة قوية في التخطيط للمرحلة الجديدة ومنحنا القوة في اتخاذ القرارات، وإن ورشة العمل ليست مجرد مكان للنظر إليها بمنطق المحاضرة، بل هي تعني أيضاً الرفقة النسائية، وباختصار، فإن جنولوجي تغطي جميع مجالات الحياة".

 

"المساواة مع الرجال موضوع يتناوله علم الجنولوجي"

وفي معرض حديثها عن ورش العمل المختلطة التي يشارك فيها الرجال أيضاً، ذكرت فيغن آراس أنه في ورش العمل هذه تتم مناقشة أبعاد مفهوم "المساواة"، "كنساء حريصات للغاية في التعرف على أنفسنا، والتعامل مع وجودنا في مجمله، والكشف عن بنيتنا المعرفية الخاصة بنا، لماذا؟ لأننا في الاجتماعات وورش العمل التي عقدناها مع الرجال، استطعنا أن نرى أن التناقضات في عجلات البنية المعرفية لهذا النظام لا تزال قائمة، هذه التناقضات لم تكن في أي مكان، لذلك، من المهم جداً معرفة الذات أولاً، فالرجال الذين شاركوا في ورش العمل لديهم مستوى معين من النظرية، نعم، كلنا مستعمَرون من قبل النظام، وعملنا مستغَل، ووجودنا الكردي نفسه دفع ثمناً باهظاً حتى الآن".

وأفادت أنه "عندما نتحدث عن بُعد العلاقات بين الرجل والمرأة، فإن الرجل المستعمَر يهيمن على المرأة المستعمَرة ويقيم السلطة، فكان من المهم جداً أن نكشف عن ذلك، والأهم الكشف عن مقاييسنا، وعندما اجتمعنا مع الرجال، أدركنا أن المساواة غير ممكنة، وبعبارة أخرى، قلنا "المساواة مع هذا الرجل الحالي غير مرغوب فيه"، لأن هذا لا ينبغي أن يكون مقياسنا، الرجال يذهبون إلى العمل، يجب أن أذهب أنا أيضاً إلى العمل، يمكن للرجال الخروج إلى الشارع، يمكنني أيضاً ذلك، يمكنني ارتداء ما أريد، لم تكن هذه هي القضية، كان من المفيد جداً أن ندرك أن القضية هي حرية المرأة إلى جانب الحرية الاجتماعية".

 

الحاجة إلى تغيير الذهنية الذكورية

وأشارت فيغن آراس إلى أن الحاجة إلى تغيير الذهنية الذكورية قد برزت على هذا النحو "كان الرجال منفتحين على ذلك أيضاً لأن هناك تقليداً وتراكماً ثقافياً وتجربة تاريخية، ولكن في المقابل، هناك بناء للذهنية الذكورية شكلته آلاف السنين، هناك أدوار مشفرة، كان من الصعب جداً بالنسبة لهم أن يتغلبوا على ذلك، أن يكسروا ذلك، أن يتخلوا عن تلك الراحة، لكننا بدأنا نختبر من خلال المناقشات المكثفة أن هذا ليس صعباً على الإطلاق، وأن الحياة لا يمكن أن تزدهر إلا بهذه الطريقة، بدون تحرير المرأة، لا يمكن أن يكون هناك تحول في الذهنية الذكورية، ولا يمكن تحقيق الحرية الاجتماعية، لهذا السبب، ركزنا أكثر على ورش العمل الخاصة بالنساء، ولكن في الآوني الأخيرة كان هناك طلب مكثف جداً من الرجال للمشاركة في ورش العمل".

 

ورش عمل علم المرأة من السنوات الأولى إلى اليوم

أوضحت فيغن آراس أن العديد من التغيرات قد حدثت منذ السنوات الأولى من المناقشات حول علم المرأة "في السنوات الأولى، كان هناك تصور مفاده أن "النساء لا يشاركن في العلم، ولا يمكن للمرأة أن تنتج المعرفة" هل سنتعامل مع العلم في وسط هذه الحرب والفقر؟ لذلك، أدركت العديد من الصديقات اللاتي قلن "ليس لدي الوقت، ليس لدي الوسائل، لم أقرأ أبداً، لا أعرف نظرية المعرفة، لا أعرف علم أصول الفقه، لم اتعمق بالفلسفة أبداً، وأن هذه المجالات وتلك المناقشات ليست صعبة على الإطلاق، لقد أدركت أن ما هو صعب هو الفهم الذي تفرضه العقلية الذكورية على المرأة".

 

"لقد سعينا إلى إنتاج المعرفة البديلة"

"المشكلة ليست في أخذ المعلومات كما هي، المشكلة في استخراج المعلومات من الحياة"، هكذا أوضحت فيغن آراس أهمية وخصائص المعرفة الموجودة لدى النساء "لقد أدركنا أن أمهاتنا كنّ فيلسوفات، أمهاتنا ما زلن معالجات، نعم، النظام ينتج المعرفة ونحن نتأثر بتلك المعرفة، كيف ينبغي أن يكون إنتاج المعرفة البديلة في ورش العمل؟ يتم البحث عن إجابات على السؤال، أو هل هو إنتاج المعرفة أم الكشف عن معرفة الحياة، وجعلها شائعة، ومشاركتها؟ وبهذه الطريقة، تم تنفيذ العمل العملي أيضاً، تم عقد قراءات ومناقشات، ولكن في الوقت نفسه، ذهبنا إلى مدينة وان لجمع الأعشاب مع الأمهات، وتحدثت الأمهات عن الأعشاب، أو في حديقة يوغورتشو في إسطنبول، كانت الأمهات يروون القصص والحكايات الكردية، يقول النظام الحالي إن التاريخ المكتوب مهم، لكن تاريخنا يتشكل أيضاً من خلال التقاليد الشفوية".

 

"بينما كانت جنولوجي تبحث في التاريخ كانت تصنع التاريخ نفسه"

وأكدت فيغن آراس على أن المرأة التي تكشف عن وعيها منذ الأمس وحتى اليوم حققت مكاسب كبيرة في الريادة ونمو الحرية والنهوض بالنضال "كان من المفيد جداً الكشف عن المعرفة الموجودة، ولكن ما الذي يجب أن نستبدله؟ ماذا يجب أن يكون البديل؟ في البداية، بدلاً من القيام بشيء ملموس جداً، ما هو جنولوجي؟ ما هي المرأة؟ كيف يتم التعامل مع تاريخها؟ ماذا كانت المرأة في العصر الحجري القديم؟ لكننا نريد الآن تجسيد العمل المنجز وأرشفة ذلك وجعله جزءاً من التاريخ، لقد أدركنا أنه بينما كانت جنولوجي تبحث في التاريخ وتدرسه، كانت أيضاً تصنع التاريخ نفسه، وربما بعد 50 عاماً من الآن، سيتمكن الأطفال في كردستان من القول "في هذا التاريخ، كشفت النساء عن المعلومات وحافظت على ثقافتنا حية".

وأضافت أنه "لقد أدركنا أنه لا ينبغي لنا أن نبتعد عن جذورنا، بل يجب أن نعود إليها، ويمكن أن نتأثر بالكثير من المعرفة التي تتمحور حول الغرب، بالطبع، هناك جوانب قيّمة، ولكن نحن النساء اللواتي ولدنا ونشأنا في جغرافية كردستان يجب أن نحافظ على تاريخنا، من الأمس إلى اليوم، جنولوجي تلد، إنها مثل ولادة اجتماعية، إنها لا تكتفي بنفسها، إنها تريد أن تتكاثر، بالطبع، لا يكفي العمل الذي تم إنجازه في مواجهة هذه القيم الهائلة، هذه بداية، إذا كان الكثير من النساء لا يزلن يطالبن بورش عمل جديدة، فهذا يعني أننا نسير في طريق جيد".

 

"نحن بحاجة إلى الاستجابة للدعوة إلى مجتمع ديمقراطي"

ولفتت فيجن آراس الانتباه في ختام حديثها إلى دعوة القائد عبد الله أوجلان "السلام والمجتمع الديمقراطي"، وقالت "نحن بحاجة إلى الاستجابة لهذه الدعوة، ويجب أن نركز على كيفية لعب دورنا في المرحلة الجديدة، وما يمكننا المساهمة به فيها، وعلم المرأة هو اقتراح علمي، لكنه ليس مستقلاً عن السياسة والبيئة، ونعتقد أنه في إطار بناء حياة اجتماعية جديدة، ستنتشر الجنولوجيا أكثر بكثير، وتصبح أكثر واقعية وتواصل نفسها".