المهرجان الدولي لفيلم المرأة يسلط الضوء في اختتامه على معاناة النساء الإيرانيات
أسدل الستار عن الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا، أمس السبت 18 تشرين الثاني/نوفمبر، بتتويج الفيلم النرويجي "ستة أسابيع" للمخرجة نويمي فيرونيكا ساكوني.
رجاء خيرات
المغرب ـ شهدت الدورة 16 من المهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا المغربية، نشاطاً ثقافياً مهماً بالتوازي مع العروض والبرامج والمسابقات المعتادة، وتتويج العديد من الأفلام التي سلطت الضوء على معاناة النساء في عدة دول.
اختتم المهرجان الدولي لفيلم المرأة بتتويج فيلم "ستة أسابيع" التي تدور أحداثه حول شخصية "كوفي" وهي مراهقة متمردة تتنازل عن ابنتها الرضيعة من خلال التبني المفتوح، لكن الشكوك تبدأ لديها في الظهور، ووفقاً للقانون الهنغاري ليس أمامها إلا ستة أسابيع لتغير رأيها.
وعادت الجائزة الكبرة للفيلم الوثائقي لفيلم "سبعة فصول شتاء في طهران" للمخرجة الألمانية ستيفي نيدرزول والذي تناول قضية الفتاة الإيرانية ريحانة جباري التي قتلت رجلاً كان على وشك اغتصابها، وادينت بالإعدام شنقاً، بعد أن قضت في السجن سبع سنوات تنتظر تنفيذ حكم الإعدام الذي نفذ بحقها في عام 2014.
ونالت الممثلة إيكا تشافليشفيلي جائزة أفضل دور نسائي عن دورها في فيلم "بلاك بيرد بلاك بيري" للمخرجة إلين نافيرياني، وذلك مناصفة مع الممثلة ليلي غلادستون عن دورها في الفيلم الأميركي "رقصة فانسي" للمخرجة ايريكا تريمبلاي وهو الذي فاز كذلك بجائزة العمل الأول.
ومنحت لجنة التحكيم للأفلام الروائية الطويلة تنويهاً خاصاً لفيلم "مطلقات الدار البيضاء" للمخرج المغربي عهد بمسودة، نظراً لأهمية الموضوع الذي طرحه وهي مسألة الطلاق، حيث تزامن الفيلم مع ما يشهده المجتمع الحقوقي المغربي من حراك ومطالب بمراجعة مدونة الأسرة.
ومنحت جائزة الجمهور الشبابي للفيلم الروائي المغربي القصير "تنين وسبعين 72" للمخرجة آية مودن، فيما عادت جائزة الجمهور الشبابي للفيلم الروائي الطويل لفيلم "قرعة دميريكان" للمخرج هشام ركراكي مع تنويه خاص بفيلم "سيكا" لربيع الجوهري.
وعادت جائزة الضفة الأخرى للمخرج المغربي مصطفى الدرقاوي عن فيلمه الجديد "حميدة الجريح" دون عرضه على الشاشة.
وتحدثت المخرجة الألمانية ستيفي نيدرزول خلال الندوة الصحافية التي نظمت أمس السبت 18 تشرين الثاني/نوفمبر على هامش المهرجان، عن تفاصيل إنجازها لفيلم "سبعة فصول شتاء في طهران" الذي بدأت العمل عليه في عام 2017، لافتة إلا إنها أرادت أن تكشف الكثير من الحقائق حول إعدام ريحانة جباري، وهي فتاة كانت تعمل مهندسة ديكور واعتقلت عندما كان عمرها 19 عام، بتهمة قتل أحد موظفي الاستخبارات السابقين بإيران، بينما استدرجها إلى بيت خال، بدعوى رغبته في أن تنجز له ديكور عيادته الجديدة.
هذا الشخص حاول أن يغتصبها فطعنته بسكين أودى بحياته، لكن المحكمة ادانتها بالقتل العمد، وليس دفاعاً عن النفس، قبل أن ينفذ حكم الإعدام قضت سبع سنوات في السجن وكان عمرها 26 سنة، حيث لم تقتنع المحكمة بالحجج التي قدمتها ريحانة جباري.
وعن اختيارها لقصة الفيلم قالت المخرجة ستيفي نيدرزول إنها التقت عائلة ريحانة جباري التي هاجرت إلى ألمانيا صدفة (أمها وشقيقتها)، وأنهم بدأوا يحكون لها قصة ريحانة وما طالها من ظلم من قبل القضاء الإيراني، كما أطلعوها على التسجيلات الصوتية للمكالمات الهاتفية التي كانت تدور بينها وبين والدتها، والرسائل التي كانت ترسلها لوالدتها والمذكرات التي كتبتها في السجن وهي تحاول أن تصف حياتها في الزنزانة الانفرادية وما يحدث معها في داخلها.
وأضافت "طلبوا مني أن أنجز فيلماً عن ريحانة وأروي من خلاله قصتها المؤلمة، لأنها تعرضت لظلم شديد، وقد تعاطفت معها خاصة بعد ما سمعته من العائلة ومن التفاصيل التي وجدت أنه من واجبي أن أحكي القصة كما سمعتها من والدة ريحانة وشقيقتيها ووالدها ومحاميها وكذلك إحدى رفيقاتها في السجن".
وأوضحت أن "الأمر بالنسبة لي تحول من قصة فتاة اعتقلت بتهمة قتل رجل حاول اغتصابها إلى قصص نساء أخريات داخل السجن في إيران، وهو ما ساعدني واستثمرته في البنية الحكائية للفيلم. شعرت بطابع وحشي تعيشه النساء في إيران وحاولت أن أنقل هذا الواقع للعالم أجمع".
وقالت "لم أستسغ أن يعطى الحق لأشخاص آخرين مدنيين يقررون بشأن ريحانة، حيث يمنح القانون الإيراني العفو في حال عفا الشخص المسؤول عن عائلة القتيل عن المتهم. هذا التفكير الذكوري استفزني وقادني إلى الاقتناع بضرورة إنجاز هذا الفيلم، كما شعرت بثقل المسؤولية علي لكي أروي قصتها على لسان عائلتها وكل من كانت له علاقة بما حدث".
وأضافت "لم يقبل ابن القتيل الذي اتصلت به شول والدة ريحانة جباري أن يعفو عنها، بل طلب من ريحانة أن تغير أقوالها وتقول أنه لم يحاول اغتصابها، حتى تنجو بنفسها، لكنها رفضت وأصرت على قول الحقيقة حتى عندما كان حبل المشنقة ينتظرها".
وعن اختيار الممثلة الإيرانية زهرا أمير ابراهيمي، قالت إن هذه الأخيرة بدورها كانت لها قصة في إيران، وقد قدمتها لها إحدى صديقاتها، حيث عملت طويلاً حتى تستطيع أن تعبر بصوتها عما كتبته ريحانة جباري في مذكراتها.
وعما إذا كان الفيلم قد أنصف ريحانة جباري وحقق نوعاً من العدالة التي لم تتحقق، بينت "لا أعراف إن كان من واجبي أن أحقق العدالة، فأنا أنجزت هذا الفيلم حتى أعرف بقصة ريحانة، وأظهر للعلن ما تعيشه النساء في إيران من اضطهاد وقمع للحريات والحقوق، وهو ما حصل بالفعل، فالفيلم خلق نقاشاً كبيراً داخل إيران وخارجها، وكل من شاهده تعاطف مع ريحانة وأدرك أنها تعرضت لظلم شديد، وأنها كانت تدافع عن نفسها ضد رجل أراد اغتصابها".