'الأحكام ضد النشطاء النقابيين في شرق كردستان تهدد المجتمع بأسره'

أكدت عضوة شبكة حقوق الإنسان في كردستان فاطمة كريمي أن الأحكام الصادرة بحق النشطاء النقابيون في الآونة الأخيرة لاسيما في شرق كردستان جاءت نتيجة دورهم في الاحتجاجات ودعمهم للشعب.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ بعد الانتفاضة الشعبية في إيران والتي اندلعت عام 2022 تعمل السلطات على التضيق على النشاط النقابي، حيث باتت تنظر إلى المعملين والنقابين كفاعلين محوريين في الحركات الاحتجاجية، لا سيما بعد أن طالبوا بحقوقهم المهنية.

في الآونة الأخيرة ومع اقتراب الذكرى السنوية لانتفاضة  Jin Jiyan Azadîأصدرت السلطات الإيرانية سلسلة من الأحكام القاسية بحق عدد من النشطاء النقابيين، تضمنت الطرد من الوظائف، الإحالة القسرية إلى التقاعد، الفصل من الخدمة، والنفي إلى مناطق بعيدة.

وللوقوف على خلفيات هذه الأحكام، والظروف الراهنة التي يواجهها النشطاء النقابيون في إيران بعد فصلهم من قبل هيئة التحقيق في المخالفات الإدارية التابعة لوزارة التعليم وإصدار أحكام عليهم بالتقاعد لا سيما في شرق كردستان، في ظل تصاعد الضغوط والانتهاكات، قالت عضوة شبكة حقوق الإنسان في كردستان فاطمة كريمي "إن الضغط على النشطاء النقابيين في شرق كردستان ليس بالأمر الجديد، ولأن النشطاء النقابيون ليسوا منفصلين عن المجتمع، ولطالما لعبوا دوراً فاعلًا في مختلف الأحداث، وكان لهم مطالبهم الخاصة، ولم يصمتوا في وجه القمع الممنهج الذي سيطر على المجتمع فقد واجهوا مثل هذه الأحكام منذ ثورة 1979".

وعن اعتقال 14ناشطاً نقابياً والأحكام الصادرة بحقهم أوضحت أن هذه الأحكام لا تأتي بمعزل عن السياق السياسي والاجتماعي الراهن بل تعكس قلق السلطات من الدور الحيوي الذي يلعبه المعلمون والطلاب في الحركات الاحتجاجية "لقد كان هؤلاء دائماً في طليعة المتظاهرين، ليس فقط للمطالبة بحقوقهم النقابية، بل أيضاً للتأكيد على قضايا جوهرية مثل الحق في التعليم باللغة الأم".

وأضافت أن التنظيم الفاعل لهؤلاء النشطاء، وتحركاتهم المنسقة عبر المدن شكلت مصدر قلق دائم للمؤسسات الأمنية مما جعلهم عرضة للضغوطات المستمرة، وتتجلى اليوم في هذه الاحكام القاسية التي تهدف إلى كبح نشاطهم وتفكيك شبكاتهم التضامنية.

 

"السلطات الإيرانية تخلق بيئة تتسم بالتضيق والمراقبة المستمرة"

وتابعت حديثها قائلة إن الأرقام الرسمية التي تتحدث عن صدور أحكام بحق أربعة عشر ناشطًا نقابياً لا تعكس الواقع الكامل، إذ إن هذه الإحصائيات تمثل فقط الحالات التي تم الإعلان عنها، بينما يُرجّح أن العدد الحقيقي يفوق ذلك بكثير، لافتةً إلى أن المعلمين يواجهون بشكل مستمر ضغوطاً واستدعاءات من قبل مؤسسات التعليم والتدريب، حيث لا تقتصر هذه الاستدعاءات على الإجراءات الإدارية المعتادة، بل تتضمن جلسات استجواب داخل المؤسسات التعليمية نفسها.

وأضافت أن العديد من هؤلاء المعلمين معرضون لعقوبات صارمة إلا أنهم يمتنعون عن الإدلاء بأي معلومات، نتيجة للضغوط النفسية والمؤسسية التي تمارس عليهم، ما يعكس حجم التحديات التي يواجهها النشطاء النقابيون في بيئة  تتسم بالتضيق والمراقبة المستمرة.

وأكدت فاطمة كريمي أن هذه الأحكام جاءت نتيجة دور الناشطين النقابيين في الاحتجاجات ودعمهم للشعب، ولأنهم يعملون بشكل منسق ومنظم، فإنهم يخلقون الخوف في المؤسسات الأمنية،  لذلك تحاول السلطات منع أنشطتهم من خلال الاستمرار بإصدار مثل هذه الأحكام "وفقًا للمادة 26 من دستور الجمهورية الإسلامية، يحق للناشطين التجمع والمشاركة في الأنشطة النقابية، ولكن في إيران يخضع كل ما يعكس واقع النظام وأي نوع من النشاط سواءً كان فردياً أو جماعياً لإجراءات أمنية، ولذلك رداً على الأحكام الصادرة بحق نشطاء نقابة المعلمين، كررت وكالة أنباء فارس وهي مؤسسة تابعة للحرس الثوري، تأكيدها على هذه الأحكام نفس سيناريو المؤسسات الأمنية، متهمةً إياها بخلق حالة من الشغب وتعطيل العملية التعليمية".

وأشارت إلى أنه بينما يُثار الحديث عن المؤسسة التعليمية وهيئة التحقيق في المخالفات الإدارية التابعة لوزارة التعليم، إلا أنه عملياً لا يوجد فرق بينها وبين المؤسسات الأمنية، بل تعتمد كلياً على بعضها البعض، ولم تسمح الجمهورية الإسلامية قط لهذه المؤسسات بالعمل باستقلالية، ولا يوجد استقلال بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، وهذا الارتباط قائم في جميع المؤسسات الإدارية الجزئية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والإعلامية.

وشددت على أن التعليم لا يقتصر على القراءة والكتابة فقط، بل يتم تدريس العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال العلاقة بين الطالب والمعلم، ويجب على المعلمين التحدث عن هذه التمييزات والقمع لأن هذه قضايا يومية يتعاملون معها، وهذه الأزمات تؤثر على الأسرة وتؤثر الأسرة على الأطفال.

وفي إشارة إلى الوضع الذي يواجهه المعلمون أضافت "في ظلّ ظروف تُواجَه فيها أي معلومات أو شفافية بعقوبات شديدة، يُحرم المعلم وهو أبٌ لعائلة ومسؤولٌ عن واجباته من حرية التعبير، وهي أحد مبادئ المؤسسات التعليمية، إذ قد يتعرض للقمع السياسي ويُفصل من العمل ويواجه أزمةً اقتصادية، ونتيجةً لذلك لا يستطيع المعلم أداء أحد واجباته الرئيسية وهو الإبلاغ عن الأوضاع الراهنة والتحدث عنها".

وأكدت أنه في مثل هذه الظروف يلجأ الطالب أيضاً إلى نفس التعليم الروتيني السلبي الذي لا يعالج أي ألم في المجتمع، وعلى المدى البعيد فإن هذه الأحكام قد تؤثر على المجتمع بأكمله.

وعن رد فعل المجتمع على الأحكام الصادرة قالت فاطمة كريمي "أن هذه الأحكام لا تستهدف الأفراد بسبب مطالبهم المهنية فحسب، بل تمس المجتمع بأسره، أن الحقوق النقابية ليست شأناً فردياً بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح الجميع، مؤكدةً أن السعادة شأن جماعي "أن المعلم الذي يواجه صعوبات معيشية أو يدخل الصف مثقلاً بالهموم لا يستطيع أداء دوره التربوي بالشكل المطلوب، مما ينعكس سلباً على جودة التعليم"، معتبرةً أن هذه الأحكام لا تقتصر على مجموعة معينة، بل يمكن أن تطال أي فرد في المجتمع، وهو ما يجعل القضية جماعية تستوجب اهتماماً واسعاً من الجميع.

وأكدت عضوة شبكة حقوق الإنسان في كردستان فاطمة كريمي في ختام حديثها على أنه في مثل هذه الظروف "يجب علينا جميعاً التضامن مع هؤلاء النشطاء في وسائل الإعلام والمؤسسات التي نستطيع من خلالها تقديم معلومات عنهم، وعدم السماح لسياسة الحكومة بأن تفرقنا، بل يجب علينا أن نتحد وندعم النشطاء النقابيين أينما أمكننا، وأن نكون صوتهم قدر الإمكان". 

 

 

https://www.youtube.com/watch?v=Tw4C8654TnY