الانتحار والقتل في أفغانستان... مأساة صامتة خلف جدران العنف
تُجسد حالات الانتحار والقتل في أفغانستان أزمة إنسانية مركّبة، تعكس تداخل العنف الأسري، والتمييز الاجتماعي، والقيود الثقافية، وسط غياب الحماية القانونية والدعم النفسي.
أفغانستان ـ تتجلى مظاهر دفع الأفراد نحو الانتحار في أفغانستان غالباً من خلال العنف الأسري، والزواج الإجباري، والتحرش المستمر، والتمييز الاجتماعي، وتُعاني العديد من الفتيات والنساء الشابات من قيود صارمة تحدّ من حريتهن في اتخاذ القرار والتمتع بحقوقهن الفردية، مما يجعلهن عرضة لضغوط نفسية واجتماعية قاسية من قبل أسرهن أو محيطهن المجتمعي، وقد يدفعهن ذلك إلى إنهاء حياتهن كوسيلة للهروب من الواقع.
يمكن النظر إلى هذه الحالات على أنها نوع من القتل غير المباشر، إذ أن الانتحار يحدث نتيجة ضغط خارجي وإكراه، لا نتيجة رغبة ذاتية حقيقية.
من الناحية القانونية، تُعد جريمة القتل العمد في أفغانستان من الجرائم البالغة الخطورة وفقاً للتشريعات، إلا أن حالات الانتحار الناتجة عن الإكراه الاجتماعي أو الأسري تكشف عن ثغرات قانونية كبيرة في تحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم، فغياب آليات فعالة لحماية النساء والشباب المعرضين للخطر، إلى جانب ضعف أداء النظام القضائي، والتأثيرات الثقافية والتقاليد المجتمعية، ساهم في إفلات العديد من الجناة من العقاب.
كما أن خوف الأسر من العار الاجتماعي، إلى جانب انعدام الثقة العامة في المؤسسات القضائية، يُشكل حاجزاً أمام الوصول إلى العدالة وتحقيق المساءلة القانونية في مثل هذه القضايا.
تُعد ظاهرة القتل القسري والانتحار في أفغانستان قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، تتداخل فيها العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية، فإلى جانب القمع الذي تمارسه حركة طالبان، يُساهم النظام الأبوي والهياكل الأسرية التقليدية في فرض قيود صارمة على حياة النساء، مما يؤدي إلى تهميشهن وحرمانهن من أبسط حقوقهن الإنسانية.
وتُظهر الإحصاءات الأخيرة أن عشر نساء وستة أطفال قُتلوا خلال الشهرين الماضيين، في حين حاولت امرأتان الانتحار. ومع ذلك، فإن هذه الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي للمأساة، إذ أن جزءاً كبيراً من حالات العنف والانتحار يظل طي الكتمان بسبب الخوف من العار الاجتماعي، وانعدام الثقة في المؤسسات القضائية، وغياب آليات التبليغ والدعم النفسي والاجتماعي.
في 8 أيلول/سبتمبر الماضي، قُتل رجل وزوجته وطفلتان وطفلان إثر انفجار في منزلهم في ولاية فراه، وفي اليوم التالي، أقدمت شابة تبلغ من العمر 21 عاماً على الانتحار في ولاية زابل هرباً من زواج قسري.
وفي 13 من الشهر ذاته، تعرضت شابة في ولاية فارياب لإطلاق نار من قبل شقيقها مما أدى إلى مقتلها.
وفي 19 أيلول/سبتمبر، قام رجل في ولاية لغمان بقتل زوجته بعد أن أطلق النار عليها، وفي اليوم التالي عُثر على جثث ثلاث فتيات في بئر ماء بعد مرور 20 يوماً على اختفائهن.
في 23 أيلول/سبتمبر، قُتلت أم مع ابنها البالغ من العمر 15 عاماً في منزلهما على يد مجهولين في ولاية بلخ.
في 28 أيلول/سبتمبر، قُتلت امرأة في ولاية خوست على يد شقيقها.
في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قام رجل في مديرية شين باغ بقتل والدته وشقيقتيه، وفي اليوم التالي، قُتلت امرأة تبلغ من العمر 28 عاماً في ولاية ننكرهار طعناً بالسكين على يد زوج شقيقتها.
في 4 تشرين الأول/أكتوبر، قامت فتاة البالغة من العمر 17 عاماً بإنهاء حياتها بعد أن قتل شقيقها صديقتها في ولاية سربل، وفي 14 من الشهر ذاته توفيت امرأة في ولاية كابيسا بعد أن دهستها سيارة تابعة لطالبان.