أكاديميات يناقشن المشاركة السياسية للمرأة العراقية بعد 2003
عقد بيت الحكمة قسم الدراسات السياسية والاستراتيجية ندوة علمية، تناول فيها عدة محاورها أبرزها مشاركة المرأة العراقية في السلطات الثلاث بعد عام 2003، والمرأة في مراكز القرار، كما تطرقت الندوة إلى موضوع الجيل النسوي الجديد وصناعة القرار.

رجاء حميد رشيد
بغداد ـ بعد عام 2003، شهدت المرأة العراقية انفتاحاً نسبياً في المشاركة السياسية، حيث دخلت البرلمان وشغلت مناصب وزارية، رغم ذلك، ما زالت تواجه تحديات كبيرة بسبب الأعراف الاجتماعية والنظام السياسي الذكوري.
في إطار تسليط الضوء على مشاركة المرأة العراقية في العملية السياسية وصنع القرار، عقد بيت الحكمة قسم الدراسات السياسية والاستراتيجية، بالتعاون مع قسم شؤون المرأة، ندوة علمية بعنوان "المشاركة السياسية للمرأة العراقية"، اليوم الخميس 24 تموز/يوليو في العاصمة العراقية بغداد.
تناولت الجلسة التي ترأستها وزيرة المرأة السابقة الدكتورة أزهار الشيخلي، وكانت مقررة الجلسة ياسمين عبد الرزاق بيجان، رئيسة قسم شؤون المرأة، بمشاركة عدد من الباحثات، محاور عدة، منها، مشاركة المرأة العراقية في السلطات الثلاث بعد عام 2003، والمرأة في مراكز القرار: ضرورة لا خيار، إلى جانب مراجعة وتحليل استطلاع حول توجهات الناخبين والناخبات بشأن ترشيح وفوز المرأة في الانتخابات، كما تطرقت الندوة إلى موضوع الجيل النسوي الجديد وصناعة القرار في العراق: هل يتغير المشهد؟
مشاركة المرأة في السلطات الثلاث بعد 2003
في دراسة مدعمة بجداول إحصائية، أعدّتها الدكتورة بشرى الزويني مسؤولة شعبة المرأة في الجامعة العراقية، استعرضت فيها واقع المشاركة السياسية للمرأة العراقية في السلطات الثلاث بعد عام 2003، وأظهرت الدراسة غياب التمثيل النسوي عن رئاسة الجمهورية ونوابها، رغم كون هذه المناصب تشريفية، مما يعكس ضعف الإرادة السياسية في دعم مشاركة المرأة على هذا المستوى.
كما بيّنت الدراسة عدم جدية قادة الأحزاب السياسية في دعم النساء لتولي مناصب سيادية تنفيذية، حيث ظل هذا الدعم محصوراً في الشعارات دون خطوات عملية على أرض الواقع، مشيرةً إلى أن منصب رئاسة الوزراء ظل حكرا على الرجال، في ظل غياب تام لأي امرأة في المناصب السيادية العليا، وهو ما يعكس غياب الإيمان الحقيقي لدى القيادات السياسية الرجالية بقدرة المرأة على تولي أرفع مواقع الدولة.
وأضافت أن بعض قادة الكتل السياسية يفضلون تمثيل الرجال في تلك المناصب، لاعتقادهم بأنهم أكثر التزاماً بتنفيذ تعليمات الحزب، ومنذ حكومة عادل عبد المهدي، أُعيد اعتماد آلية تعيين نواب لرئيس الوزراء من داخل وزارته، لكن هذه التعيينات اقتصرت على الرجال، خاصة في الوزارات السيادية، دون وجود أي تمثيل نسوي.
واختتمت حديثها بالقول "لابد من تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم 99 لسنة 2015 المتضمن حث الوزارات على ترشيح نساء للمناصب القيادية في مؤسساتهم".
المرأة في مراكز صنع القرار
من خلال تجربتها الشخصية في العمل السياسي، ورغم التحديات التي واجهتها، أكدت الدكتورة صباح عبد الرسول التميمي، رئيسة المجلس العراقي لسيدات الأعمال، أن وجود المرأة في مواقع صنع القرار يُعد ضرورة لا خياراً، مشيدةً بنظام الكوتا المُدرج في الدستور، باعتباره وسيلة لضمان مشاركة المرأة في هذه المواقع.
وأضافت أن إرادة المرأة كانت أقوى من أي توجهات، حيث رفضت بعض النساء الانصياع لرئيس الكتلة أو الحزب، في حال تعارضت آراؤهن مع قرارات لا تخدم المصلحة العامة، وبالأخص مصلحة المرأة، وقد جاء ذلك رغم خضوع بعض تلك الكيانات لنظام حزبي يمتلك أدوات المال السياسي التي تمكنه من فرض هيمنته على العملية السياسية.
ترشيح وفوز المرأة في الانتخابات
من جانبها أشارت الدكتورة نبراس المعموري مستشارة سياسية في مجلس النواب العراقي إلى استطلاع أجراه منتدى الإعلاميات حول الناخب والناخبة بترشيح وفوز المرأة في الانتخابات، ومن خلال دراسة ميدانية معتمدة لغة الأرقام، وذلك للوقوف على أسباب عزوف المجتمع عن انتخاب النساء المرشحات في الانتخابات، بفارق كبير عن الرجل، ورفع التوصيات إلى رئاسة مجلسي النواب والوزراء والمفوضية المستقلة للانتخابات بتفعيل النتائج المتمخض عنها هذا البحث وأثرها في معالجة قصور النظرة وانعدام الثقة بقدرة المرأة على تحقيق منجز نيابي مشهود وتبوء مراكز صنع القرار لاحقاً على الأصعدة كافة.
وشددت على السعي لتعزيز وعي المجتمع بدور المرأة في صنع القرار الرسمي برؤية تأملية بعيدة عن السلوك الأهوج للبعض من نساء ورجال الدورات السابقة من مجلس النواب، والتي أدت إلى تشتيت الجهود لتحقيق الهدف الأساسي الذي نص عليه الدستور من حيث المساواة والمشاركة، إضافة إلى المساهمة في خلق أجواء مشجعة على العمل الجدي في توجيه الناخبين نحو النساء بالقوة ذاتها والسعي لإشراك الفئات العمرية كافة، خاصة من النساء لتبني قضيتهن من خلال تبني حملات إعلامية مساندة تراعي الجندر.
الحماية الجنائية لمشاركة المرأة السياسية
بدورها، أكدت الدكتورة بشرى سلمان حسين من كلية الرافدين، على ضرورة تمتع النساء بالحماية الجنائية لمشاركتها السياسية، والتمتع بالحصانة نظراً لما يتعرضن له من انتهاكات تحد من مشاركتهن السياسية، فهذه الحماية يجب أن تسعى إلى احترام حقوقهن السياسية بوسائل الحماية من هذه الانتهاكات عن طريق التجريم والجزاء الجنائي، والحض على التجريم والعقاب الجزائي والتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فهي درع واقي حقيقي، حيث لا يمكن أن تتحقق الانتخابات الحرة والنزيهة في غياب نصوص جزائية كافية أو فعالة.
ولفتت الانتباه إلى وجود قصور تشريعي في منظومة النصوص الجزائية الانتخابية التي يفترض أن تقرر حماية جزائية لمشاركة المرأة السياسية في الانتخابات، فهناك ضعف في علاج الانتهاكات، وأيضاً سكوت من المشرع عن تجريم العديد من الأفعال والسلوكيات التي تشكل اعتداءً جسيماً على حرية ومشاركة النساء في العملية الانتخابية وحسن سيرها، كما أن هناك حاجة إلى تعديل بعض النصوص الموجودة في قانون انتخابات مجلس النواب.
الهيمنة الحزبية والعنف السياسي
من جانبها، أوضحت لينا عماد الموسوي المدرسة المساعدة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، ظاهرة الجيل النسوي الجديد في السياسة العراقية، مركزةً على الشابات بين سن 25 و35 عاماً اللواتي بدأن يأخذن دوراً فاعلاً في الحياة السياسية بعد عام 2019، خاصة بعد احتجاجات 2019.
ولفتت إلى أن مشاركة هؤلاء النساء تتجاوز الكوتا التقليدية، إذ يقدن مبادرات مستقلة ويستخدمن الإعلام الرقمي كأداة تأثير، تسلط الضوء على نجاح عدد منهن في الوصول إلى البرلمان في انتخابات 2021، ومجالس المحافظات في 2023-2024 عبر التصويت المباشر، ما يعكس تغيراً في الوعي السياسي والاجتماعي، رغم ذلك، تواجه الشابات تحديات كبيرة، مثل الهيمنة الحزبية والعنف السياسي ونقص الدعم المالي، مما يجعل تمكينهن الحقيقي مرهوناً بإصلاحات قانونية ومؤسساتية شاملة.