"إبادة غير معلنة ضد النساء" تحليل شامل في أولى جلسات مؤتمر تحالف ندى

أكدت المشاركات في المؤتمر الأول ما بعد التأسيسي لتحالف ندى، على ضرورة تجاوز نموذج الدولة القومية نحو مشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه القائد أوجلان، القائم على العدالة، وحرية المرأة "حرية المرأة ليست مسألة فردية بل مفتاح لتحرير المجتمع ككل".

رجاء حميد رشيد

السليمانية ـ تناول مؤتمر تحالف ندى، الذي عقد اليوم الخميس 15 أيار/مايو في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، في أولى جلساته التي أدارتها رجاء الدهماني خمسة محاور التي تضمنت الحرب العالمية الثالثة إبادة غير معلنة ضد للنساء.

أوضحت الناطقة باسم حزب الاتحاد الديمقراطي سما بكداش نموذج الدولة القومية في المنطقة وغياب الديمقراطية، جهاز حرب للهيمنة الأبوية ضد النساء، وتأثير الدولة القومية كأداة للهيمنة والعنف ضد النساء في ظل غياب الديمقراطية، حيث أشارت إلى العلاقة البنيوية بين الدولة القومية وممارسات الهيمنة والعنف ضد النساء، خاصة في غياب الديمقراطية وتغوّل السلطة، ينطلق من سؤال جوهري، هل الدولة القومية تعزز العنف ضد النساء؟ ويؤكد أن هذا العنف ليس عارضاً بل متجذر في بنية الدولة السلطوية.

واستعرضت جذور الدولة القومية وطبيعتها السلطوية حيث نشأت الدولة القومية في أوروبا لتوحيد الهويات تحت سلطة مركزية واحدة، لكنها في جوهرها كانت مشروعاً إقصائياً، قمع التنوع وأسس لسلطة ذكورية، فُرض نموذج ثقافي موحّد همّش الأقليات والنساء، حيث أصبحت المرأة حاملة لهوية الدولة، فُرضت عليها القيود باسم الشرف والأخلاق، وقُننت تبعيتها عبر قوانين الأسرة والرأسمالية.

وعرجت على الدولة القومية في الشرق الأوسط، حيث تم استيراد النموذج القومي إلى الشرق الأوسط بعد انهيار الدولة العثمانية، خاصة بسبب الاستعمار (اتفاقية سايكس–بيكو). قامت الأنظمة الجديدة على القمع القومي والديني، وأصبحت الدولة أداة لتعزيز الذهنية الذكورية، فتم تقييد النساء عبر القانون والتعليم والدين. تم تصوير المرأة كزوجة وأم مطيعة، وتم ترسيخ مكانتها ككائن تابع لا يملك حق القرار أو الحرية، والدولة القومية غذّت الحروب والتعصب بأنواعه، فاستمرت جرائم الشرف، الثأر، وزادت أشكال العنف ضد النساء، فالقوانين غالباً كرّست تبعية المرأة، ووفّرت غطاء قانونياً للعنف أيضاً، أصبحت أداة إضافية لترويع النساء، عبر الاغتصاب والتهجير والاستغلال.

وأوضحت أن المرأة في الدولة القومية ضُعف تهميشها: أولاً كمواطنة، وثانياً كامرأة في مجتمع يربط شرف الجماعة بجسدها، واستخدمت الأنظمة القومية والدينية جسد المرأة كرمز للهوية، ففرضت الحجاب، قيّدت حرية الإنجاب، التعليم والعمل، وحوّلت النساء إلى أدوات لإنجاب أبناء الأمة.

ولفتت إلى دور الحركات النسوية ومشروع الأمة الديمقراطية فرغم القمع، ظهرت حركات نسوية وثورية في المنطقة (تونس، مصر، فلسطين، إيران، سوريا...) تحدت هذه البنى، وطرحت رؤى بديلة لمجتمع حر قائم على المساواة، أبرز مثال هو نموذج إقليم شمال وشرق سوريا، حيث شكّلت المرأة نواة لمشروع ديمقراطي تشاركي يُناهض الذكورية والقومية.

وأكدت على ضرورة تجاوز نموذج الدولة القومية نحو مشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان، القائم على العدالة، التعدد، وحرية المرأة، يؤكد أن حرية المرأة ليست مسألة فردية بل مفتاح لتحرير المجتمع ككل، ويدعو إلى تغيير جذري يبدأ من الذات والعائلة، نحو مجتمع أخلاقي سياسي يُناهض الدولة القومية بوصفها عقلية سلطوية تعيد إنتاج القمع، فالمقاومة ليست فقط سياسية بل فكرية وتنظيمية، وحرية المرأة جوهر أي تحول ديمقراطي حقيقي.

من جانبها، أوضحت روناك مجيد من إقليم كردستان، أن المجتمعات في الشرق الأوسط، بل وحتى على مستوى العالم، تتسم بطابع سلطوي أبوي، مشيرةً إلى أن السلطة الأبوية تبدو أكثر وضوحاً في مجتمعات الشرق الأوسط، حيث تمارس أحياناً حتى داخل الأسرة من قبل الأب أو حتى الأبناء، هذه الذهنية الأبوية راسخة في العقول، تُشكّل عائقاً أمام المرأة في ممارسة حياتها بشكل طبيعي والمساهمة في تطوير المجتمع.

وأكدت أن المرأة تلعب دوراً جوهرياً في تربية الأطفال وإدارة الأسرة، وبالتالي لا ينبغي أن يكون دورها ثانوياً، بل يجب أن يكون أساسياً ومتكافئاً مع دور الرجل، لتحقيق التوازن على جميع المستويات وفي مختلف المجالات، فالمجتمع المتوازن هو الذي يقوم على شراكة حقيقية بين الرجل والمرأة.

 

 

الرأسمالية والإبادة البيئية

كما تناول المؤتمر في محوره الخاص تداعيات ابادة البيئة بيد النظام الرأسمالي العالمي على النساء والمجتمعات، والأزمات البيئية من أبرز نتائج النظام الرأسمالي العالمي، الذي يقوم على استغلال الطبيعة لتحقيق الربح. هذه الأزمات لا تؤثر على الجميع بشكل متساوٍ، بل تتحمل النساء، خاصة في المجتمعات الفقيرة والمتأثرة بالصراعات، العبء الأكبر. يتناول هذا النص كيف تسهم الرأسمالية في تدمير البيئة، وينعكس ذلك بشكل مضاعف على النساء، كما توضحه الكاتبة وأمينة إعلام الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي منى شماخ من خلال تسليط الضوء على الواقع البيئي والاجتماعي في العالم العربي، وخاصة في مناطق كغزة.

وأكدت منى شماخ على أن البيئة تؤثر على الإنسان بشكل عام، لكن النساء يتأثرن بها بصورة خاصة، نظراً لكونهن الحلقة الأضعف في المجتمع بسبب العادات والتقاليد والتمييز والقهر الممارس ضدهن.

وأوضحت أن المرأة تتأثر بشكل كبير بالحروب والتغيرات البيئية، لأنها تتعامل مباشرة مع البيئة وتحرص دائماً على تأمين احتياجات أسرتها وأطفالها. ومن هذا المنطلق، فإن البيئة تمثل أحد أشكال الحروب التي تُشن على النساء.

واختتمت بدعوة من خلال هذا المؤتمر إلى رفع كل أشكال الظلم عن المرأة، وتمكينها من مواجهة التحديات في مختلف المجالات.