"أبعاد بناء المستوطنات في عفرين"... أكاديميون يحذرون من تداعيات بناء المستوطنات

أكد أكاديميون شاركوا في ندوة إلكترونية أنه لا وجود لأي تحرك دبلوماسي لردع الاحتلال التركي، مشددين على أن ما تقوم به تركيا مشروع حرب أهلية دائمة في سوريا، معتبرين أن المستوطنات بحد ذاتها ليست هدفاً ولكنها أداة لتحقيق الأطماع الاقتصادية.

كارولين بزي

بيروت ـ تحت عنوان "أبعاد بناء المستوطنات في عفرين السياسية والقانونية والديمغرافية"، نظمت أكاديمية السياسة والفكر الديمقراطي ومنظمة التنمية والتطوير ندوةً إلكترونية عبر تطبيق زووم، ناقشت فيها عدة محاور.

 

"تركيا تستمد قوتها من ضعف الآخرين"

لفتت مديرة مركز العرب للبحوث والدراسات من مصر دينا محسن، إلى أن هناك خلافات سياسية بين الكرد أنفسهم، معتبرةً أن هذه التباينات لا تسمح للأطراف بوضع قاعدة أساسية يمكن من خلالها الانطلاق لوضع إطار عام للحكم.

وأشارت إلى أن انشغال روسيا حالياً بالأزمة الأوكرانية سمح لتركيا أيضاً بالتمدد أكثر في سوريا وتحديداً في عفرين من خلال مشروع نقل مليون لاجئ سوري إلى عفرين بشمال وشرق سوريا، معتبرةً أن النظام التركي ليس قوياً ولكنه استمد قوته من ضعف الآخرين. 

كما تحدثت عن غياب الدور العربي بدايةً عن الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وعن الاحتلال التركي لعفرين. واعتبرت أن هناك تجاهل عربي متعمد حول الاحتلالين الإسرائيلي والتركي لسوريا. وتطرقت إلى غياب الإدانات حتى عن مواقف الجامعة العربية، وكذلك غياب الإعلام العربي عن الواقع الكردي.

وأشارت إلى أن منظمات المجتمع المدني غائبة بشكل تام وربما ليست على علم بهذا الموضوع أصلاً، بل جدول أولوياتها مختلف. وأكدت أنه لا يوجد أي تحرك دبلوماسي لردع الاحتلال التركي.    

 

"تركيا تسعى إلى إشعال حرب أهلية دائمة في سوريا"

أوضح الناشط السياسي والباحث السوري غياث نعيسة، الذي اعتبر أن تركيا لم تكتف باحتلال مناطق واسعة من الأراضي السورية بل لجأت إلى إجراءات عميقة تغيّر من طبيعة السكان من جهة وتغيّر من الطبيعة السياسية لهذه الأراضي، أن "تركيا ألحقت المناطق التي احتلتها بالنظام الصحي التركي، والاقتصاد التركي والإدارة المباشرة بالوالي التركي لتلك المناطق في هاتاي وغازي عنتاب وغيرها... وبالتالي هناك عملية ضم لهذه الأراضي ولم تبق مسألة احتلال، بل هناك سعي لعملية تغيير جوهري للسكان هناك وهذا ما لاحظناه بقضية عفرين بشكل أساسي. ثم أعلنت الحكومة التركية عن بناء حزام سكني تستقطب فيه كل السكان على امتداد 250 ألف وحدة حيث سيتم نقل مليون سوري إلى الحدود التركية السورية".

وتابع "منطقة عفرين، ليست عفرين وحدها هي أيضاً 366 قرية ومزرعة، عفرين كانت ملجأ لنصف مليون من السوريين متعددي الأطياف والأعراق والأديان، عفرين كانت نموذج جميل في سوريا. قام الاحتلال التركي في العام 2018 بسلسلة من الإجراءات أدت إلى تهجير نصف السكان الكرد، كما أن هناك إجراءات تمنع عودة من يرغب وأيضاً إجراءات نزع الملكية عن العديد من البيوت والمساكن الموجودة في عفرين وتسكين آخرين مكانهم بهدف منعهم من العودة وتغيير هوية المدينة الثقافية والتاريخية والديمغرافية"، وشدد على أن "ما تقوم به تركيا في هذه المنطقة في عفرين هو مشروع حرب أهلية دائمة في سوريا".

 

"تركيا استفادت من الخلافات"

وتطرق الصحفي والباحث في الشؤون السياسية الخليجية الكويتي حسين عبد الرحمن إلى فلسفة الاستيطان التي اعتبرها تثبيت الأراضي والحدود كأنها ملك الدول المحتلة". وحمّل عبد الرحمن السوريين مسؤولية تفتيت بلدهم وتشتت المعارضة السورية، ما دفع تركيا إلى احتلال بعض الأراضي السورية. أي أن تركيا استطاعت أن تستفيد من خلافات السوريين في الاستحواذ على الأراضي من السوريين.

 

"توطين الأجانب في عفرين"

فيما خالفه الرأي كادار بيري مدير مؤسسة كرد بلا حدود الذي أشار إلى أن تركيا حاولت عبر مجموعات إرهابية السيطرة على المناطق الكردية، إذ لدى تركيا أطماع مباشرة باحتلال الأجزاء الخيّرة من سوريا "لجأت تركيا إلى عدة خطط، وسمحت كل الظروف لتركيا أن تسيطر على هذه المنطقة واستخدام جغرافيتها سواءً مع الغرب أو الشرق، إذ استخدمت كل الأوراق التي بحوزتها من أجل أن تقضي على حلم الشعب السوري بالعيش حياة حرة وكريمة وتحديداً الكرد منهم، إذ تهدف تركيا إلى القضاء على الشعب الكردي وليس فقط في سوريا بل داخل شمال كردستان أو في إقليم كردستان، هذه سياسة تركيا... احتلال وضم أراضي من أجل أن يكون هناك لواء إسكندرون جديد". 

 

"التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية"

من ناحيته، اعتبر الناشط السياسي والباحث والخبير في الشأن الأفريقي رامي زهدي أن التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية، لافتاً إلى أن تركيا تسعى إلى الحصول على وضع اقتصادي أفضل من خلال السيطرة على مقدرات وثروات الشعوب، وتوسيع المد التركي والاحتلال بشكله ومضمونه الخفي والغير مباشر، واعتبر أن المستوطنات بحد ذاتها ليست هدفاً ولكنها أداة لتحقيق الأطماع الاقتصادية.

 

"القضاء على الهوية الكردية"

بدوره أشار الأستاذ في التاريخ الحديث والمعاصر الدكتور محمود زايد إلى مشروع "شرق إصلاح الأناضول" وهو مشروع صاغه عدد من الأكاديميين الأتراك بهدف تتريك المناطق الكردية والقضاء على الهوية الكردية، ويوضح "القضاء على الهوية الكردية أولاً داخل الحدود السياسية التركية ثم بعد ذلك خارج الحدود السياسية التركية، لدى تركيا أبعاد سياسية واقتصادية وأبعاد تهدف إلى إبادة الهوية القومية الكردية من خلال بناء هذه المستوطنات".

 

"تركيا استغلت الغياب العربي"

تحدث الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي غريب حسو عن الدور العربي والتضامن مع أهالي عفرين علماً أن هناك جمعيات عربية تقوم بتمويل بناء المستوطنات في عفرين.

تناول بدايةً ما ذكره حسين عبد الرحمن عن الخلافات السورية - السورية، وأكد أن المشكلة الأساسية هي في الخلافات العربية - العربية التي أثرّت على الوضع السوري بشكل عام، كما أن غياب الدور العربي في سوريا شكّل فراغاً استغله الأتراك. "بعض الدول العربية التي قامت بدعم المعارضة السورية بما فيها الجيش الحر في بداية الحراك السوري، ولكن هذا الغياب وهذه التناقضات أدت إلى تعاطف عربي مع السياسة الإرهابية التي يعتمدها أردوغان، تعاطفوا معه باسم الإسلام وباسم الدين". وذكر عدد من المعارك الدموية التي قادتها تركيا عبر التاريخ.

ولفت إلى بعض الدول العربية التي تبرر التحرك التركي والاحتلال بحجة أن تركيا تخاف على أمنها القومي، وسأل "أليس للكرد حق في الحماية؟"، وأضاف "لماذا يرفض بعض العرب الاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ويدعمون الاستيطان التركي لعفرين؟".

وشدد على ضرورة أن توضح القوى العربية مواقفها من سياسات تركيا في المنطقة، وأكد أن الكرد هم السد المنيع للتقدم التركي في المنطقة.