زهرة زروقي: علاقتي بفن الإبرو علاقة وجودية ميتافيزيقية

احتضنت الفنانة التشكيلية زهرة زروقي فن الإبرو الذي يعتبر إتقانه نادر في تونس، لسنوات كما تحتضن صغيرها حديث الولادة لأول مرة، لا فرق بين اللوحتين بالنسبة لها

زهور المشرقي 
تونس ـ .
 
من هنا كانت البداية
نشأت في عائلة فنّية متذوقة غرست فيها حب الفنون لتتمكّن بعد ذلك من صقل موهبتها من هاوية إلى الاحتراف والدراسة الأكاديمية، زهرة زروقي باحثة وفنانة تشكيلية تونسية متخصّصة في فن الإبرو وهو فن الرسم فوق الماء، وهي خريجة مركز الأبحاث والدراسات لتاريخ الفن والثقافة بإسطنبول التركية. 
 
"اختياري للفن التشكيلي لم يأت صدفة"
تقول زهرة زروقي وهي من مواليد العاصمة تونس وأم لابنة أسمتها هديل، في حديث مع وكالتنا، أن اختيارها للفن لم يأتِ صدفة، بل كان عن حب وشغف، كما جاء أيضاً لترعرعها وسط عائلة شكلت سنداً وآمنت بفنها لتقدم لها دعمها المعنوي حتى صارت ما عليه اليوم.
عندما تقبل على رسم لوحاتها، لا تخطط مسبقاً لما سترسمه، بل تعيش لحظات شاعرية روحية كالولادة تماماً، حيث تؤكد زهرة زروقي أن الفنان التشكيلي هو شاعر باختصاصه بالتعبير عنه بشكل فلسفي وحرفي.
 
"علاقتي بفن الإبرو وجودية"
وعن سؤال وكالتنا عن علاقتها الخاصة بهذا الوسيط التعبيري الحديث والمعاصر الذي يسمى بفنّ الإبرو، تجيب "علاقتي بفن الإبرو هي علاقة وجودية ميتافيزيقية وما وراء الطبيعة هو فرع من الفلسفة يدرس جوهر الأشياء يشمل ذلك أسئلة الوجود بما ما في ذلك علاقة الماء بالألوان".
وبين الأخلاقي والجمالي وهذه المعادلة الصعبة، تُراهن زهرة زروقي على أن الفن أخلاق أو لا يكون لاعتباره حامل لرسالة وجودية إنسانية قبل كل شيء. 
 
"عندما أرسم أحلق كالعصفور"
تقول الباحثة عن الحماس والحالة التي تشعر بها عندما ترسم إنّ "هناك شيء استثنائي يجعلني أحلّق كعصفور ذاق طعم الحرية لأول مرة، عندما أقبل على الرسم"، وتضيف "الكل معني برسمي بالنسبة لي لأنني أرسم للجميع والهدف دوماً هو التعريف باختصاصي على شكل أوسع للعامة والخاصة".
وحول ما إذا كانت هناك مساواة بين الجنسين في الساحة التشكيلية ترى الفنانة التونسية أنه قد تمّ تحقيق المساواة التامة بين الجنسين ولا وجود للفروق في الساحة التشكيلية، والفن في حد ذاته وفق نظرتها نضال وتحديات ويتطلب دعم معنوي ومادي من أطراف وهياكل معنية، وأن المشكلة تكمن أن الفنان التشكيلي لا يحصل على الدعم، وتعبر عن ذلك بالقول "من المؤسف أن تعيش في بلد لا يعتني بشكل كافٍ بالفن والثقافة فأغلبية الفنانات تنفقن على الفن من حسابهن الخاص وقوت أبنائهن".
 
المرأة حاضرة في فنها
قضايا المرأة التونسية حاضرة في أعمال الفنانة التشكيلية زهرة زروقي التي تتحدث بعيون الباحثة المثقفة والداعمة لحقوق التونسيات "ما حققته المرأة التونسية هو حصيلة نضالات نسوية مستمرة منذ عقود وكل ما يؤمّنه القانون التونسي من حقوق وواجبات ومكاسب ثورية، حيث تعد مجلة الأحوال الشخصية الصادرة عام 1956، أبرز نص قانوني ينظم الحياة الاجتماعية والشخصية للمرأة وهي من أكثر الأنظمة القانونية الحديثة في العالم العربي، وقد حقّقت مكاسب عديدة للتونسيات وجعلتهن ناجحات رائدات في مختلف المجالات".
 
دفاعها عن التونسيات
وتتابع "طالما كانت المرأة التونسية على قدم واحد وفي الصفوف الأمامية في كل المعارك السياسية التي شهدتها البلاد، انطلاقاً من مساهمتها في الحراك الوطني ضدّ المستعمر وصولاً إلى الثورة، فالمرأة في تونس تقلدت مناصب بين وزارات وكتاب دولة في الحكومة الجديدة، وهي الأولى على المستوى العالم العربي"، وهي مكاسب نالتها عن جدارة وبعمل واجتهاد بعيداً عن المحسوبية.
وأشارت إلى أن المرأة التونسية تعيش في بلد ألغى العبودية والرق بوثيقة رسمية في 23كانون الثاني/يناير 1846، وبلد هو الأول عربياً بمؤشر "الحرية"، وهي تعيش في فضاء حر يهيئ لها للإبداع والعمل ومزيد الاجتهاد والتألق.
 
ما معنى أن تكوني امرأة متخصصة في فن استثنائي؟
من يلتقي زهرة زروقي سيفهم من لوحاتها ما معنى أن تكوني امرأة مختصة في فن استثنائي ونادر وما معنى أن تخلق من الضعف ضعف القوة برغم سياسة التهميش والاقصاء للمثقف في تونس، فهي من تسعى بكل ما أوتي لديها من قوة وعلم وعقل على تحقيق ذاتها واستقلاليتها والتحليق بنفسها عالياً في عالم تراه الأجمل والأنقى، عالم الجمال والفن، فهي التي ترى الحياة بألوانها وترسم طريقها بفرشاتها فوق مياه راكدة لا لون لها تحييها وتجعل منها لوحة تشكيلية فنية تروق لكل عين ناظرة، مثيلات زهرة في تونس كثيرات، فالألوان مؤنثة وما تبعثه من سرور في نفوس كل شخص مؤنثة.
ووفق زهرة زروقي "لا شيء يعلو فوق صوت الفنّ والألوان"، وفي ختام حديثها تنصح جميع النساء بالعمل والمثابرة لتحقيق الذات والتألق ومحاربة العقليات الذكورية للتحليق نحو طريق أفضل، طرق الحرية والمساواة والحياة الملوّنة.