تدريبات نسائية لقطع من الجبصين تعيد إحياء التراث
يسعى وقف المرأة الحرة في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، من خلال تدريباته المهنية في الأعمال اليدوية، إلى تمكين الشابات وتنمية مواهبهن.

نور الأحمد
الرقة ـ افتتح وقف المرأة الحرة في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، في العاشر من أيلول/سبتمبر الجاري، تدريبات مهنية لصناعة الزينة والديكورات من مادة الجبصين، كنوع ورمز لإحياء التراث الذي تشتهر به المنطقة.
شارك في التدريب عشر متدربات من الفئة الشابة، وقالت المدربة سوسن أحمد أنه "منذ صغري لدي حب وميول تجاه الأعمال اليدوية، واكتشفت موهبتي في إعادة تدوير الأشياء القديمة، وتحويلها إلى قطع وأثاث منزلي وصمديات للزينة في المنزل".
ولفتت إلى أنه بعد ذلك "بدأت بتطوير هوايتي وابتكار أفكار جديدة، مستفيدة من مواقع التواصل، وتوجهت إلى مجال الشمع والجرانيت والجبصين لصنع قطع وتماثيل جميلة ومميزة، ومنها ما يستخدم في الديكور المنزلي، لتصبح اليوم وسيلة لإعالة أسرتي وأطفالي".
وعن هدفها من إعطاء التدريبات، أوضحت "كنت أعمل فقط من منزلي، وأسوق أعمالي اليدوية على مواقع التواصل، وعندما علمت بافتتاح وقف المرأة لتدريبات الأعمال اليدوية، اقترحت نقل خبراتي ومهاراتي للشابات، لأنهن في عمر بإمكانهن اتقان هذه الأعمال باحترافية".
وبينت أن خطوات صنع المجسمات من مادة الجبصين بسيطة وسهلة، لكنها بحاجة الى دقة وتركيز "نقوم أولاً بمزج الجبصين مع الماء ليصبح القوام متماسكاً، ثم نضيف الألوان ونشكل القطع المطلوبة، ونترك الخليط حوالي عشرين دقيقة حتى يجف".
وترى أن الأعمال اليدوية، وخاصة المصنوعة من الجبصين، تفتح آفاقاً للإبداع والتفنن، كونها تصنع بأيدي نسائية تضيف إليها ذوقها الخاص.
وأكدت أن التدريبات تساهم في تحقيق الاستقلال الذاتي للمرأة "للمرأة النصيب الأكبر من الأزمة والحروب وتداعياتها، وأصبحت في مواجهة الحياة لوحدها ومسؤولة عن أطفالها، لذا تساعد هذه التدريبات النساء على الاعتماد على أنفسهن وتحقيق استقلالهن الاقتصادي، وافتتاح مشاريعهن الخاصة التي باتت مصدر دخل لهن".
ولفتت إلى أن الخطط المستقبلية تتضمن تصميم العديد من قطع الديكور والتحضير للمشاركة في المعارض القادمة "سيكون هناك شيء مميز ولافت".
كما تطمح إلى توسيع مجال عملها لتطوير أفكار ومهارات حرفتها، وتسعى لإنشاء مشغل خاص بالأعمال اليدوية يمكنها من خلاله تدريب عدد أكبر من الفتيات وتمكينهن من افتتاح مشاريعهن الخاصة "أشجع كل الفتيات، خاصة من تمتلك هواية في الأعمال اليدوية، على الانضمام إلى التدريبات المهنية، لأن المرأة يجب أن تملئ وقت فراغها بشي مفيد، وأن تستفيد من أي قطع قديمة ومستهلكة بإعادة تدويرها وجعلها قطع مميزة".
"فريدة ومميزة"
ومن جانبها، أوضحت المتدربة يمام عباس أن هدفها من الانضمام إلى التدريب هو حبها للفكرة كونها "فريدة ومميزة"، مبينةً أن أختيها أيضاً انضمتا للتدريب لاكتساب المهارات "هذه مهنة يمكن العمل فيها ضمن المنزل".
وقالت إنها تعلمت خلال الأيام الماضية كيفية صناعة أشكال متنوعة وجميلة من الجبصين باستخدام قوالب خاصة "إنه عمل بسيط وسهل ولا يتطلب جهداً كبيراً"، مبينةً أنها سعيدة بالتجربة "أشعر بسعادة، فهو عمل وهواية ممتعة جداً، وخاصة أنه يتم تبادله كنوع من الهدايا والرمزيات".
وشجعت الشابات الموهوبات على التعلم أكثر عبر الدورات التدريبية التي يحرص وقف المرأة على تنظيمها بين فترة وأخرى، لتطوير الجانب المهني للنساء.
تراث قديم
من جهتها، قالت المتدربة دنيا درويش عن أهمية التدريبات المهنية التي ينظمها وقف المرأة الحرة "ساهمت هذه التدريبات في فتح المجال أمام الشابات لتنمية مواهبهن، وتعلم مهن مختلفة تساعدهن على افتتاح مشاريعهن الخاصة"، مبينةً أن فكرة التدريب مميزة ومختلفة عن غيرها، وهو ما جذبها للانضمام.
ولفتت إلى أن الأعمال اليدوية من مادة الجبصين تراث قديم "في القدم، اعتمد الناس على الجبصين في حياتهم وزينوا بيوتهم بتماثيل مصنوعة منه، لعدم وجود بدائل أخرى، لذا تسهم هذه التدريبات في إعادة إحياء تراث المنطقة".
وأعربت عن حماسها للمشاركة في المعارض "نتحضر في الوقت الراهن للمشاركة في المعارض اليدوية القادمة، ونعمل على إعداد قطع يدوية للزينة بأفكار مميزة وجميلة، سأشارك بأربعة قطع من أعمالي، وأتمنى أن تنال إعجاب الزائرين، خاصة الفتيات فهي قطع صنعت بإبداع المرأة وإحساسها".
وترى أنه "حيثما وجدت أنامل وأفكار المرأة، يُخلق الإبداع والفن، فهي تعيد إلى الأشياء المظلمة النور والنبض والحياة بألوانها ".
وتطمح دنيا درويش إلى افتتاح مشروعها الخاص بعد انتهاء التدريب وأن تبتكر أفكار مختلفة، وتسوقها على مواقع التواصل.