صالون "الربوة"... فضاء يمنح المغربيات فرصة لمناقشة إبداعاتهن
يسعى صالون "الربوة" للتعريف بالكتاب المغربي، وتسليط الضوء على دور الكاتبات في إغناء الثقافة المغربية، ونقل واقع المجتمع بتطوراته وتحولاته وأزماته سواء ارتبط ذلك بالتخييل أو بنظرة واقعية.
حنان حارت
المغرب ـ اختارت خديجة شاكر أن تحول منزلها إلى صالون ثقافي وأطلقت عليه اسم "الربوة" يعتبر اليوم من أهم الصالونات الأدبية الثقافية، يتميز بحضور نسائي نوعي ومداخلات قيمة.
في جو عائلي، ومع نهاية كل شهر، على إيقاع الحلويات والشاي المغربي، تستقبل رئيسة جمعية "الربوة" للثقافة والفكر خديجة شاكر، في بيتها، نخبة من نساء المغرب، بهدف مناقشة إبداعاتهن الأدبية وخوض نقاش حول موضوعاتهن وتجربتهن.
وأوضحت خديجة شاكر أن اسم الصالون الذي أسسته مستمد من موقع منزلها الذي يوجد فوق ربوة عالية، بمدينة الرباط بحي النهضة، حيث يطل منها على واد عكراش، وهو أحد روافد نهر أبي رقراق الذي يفصل مدينتي الرباط وسلا.
أما عن أهداف جمعية الربوة فتقول "الجمعية تسعى بالدرجة الأولى للتعريف بالكتاب المغربي، وكنساء منتميات للجمعية نحاول أن ننظر إلى الدور الذي تقوم به الكاتبات في إغناء الثقافة المغربية"، مضيفةً "نحن نعلم أن الأدب مرآة المجتمع وصورة من الصور الغير مباشرة التي تنقل لنا واقع المجتمع بتطوراته وتحولاته وأزماته سواء ارتبط ذلك بالتخييل أو بنظرة واقعية".
ولفتت إلى أن مثل هذه اللقاءات تبرز مساهمة النساء في مد الثقافة المغربية بغنى مختلف "نحن فخورات بصالون الربوة الذي يستضيف ثلة من النساء من قطاعات مختلف كالتربية والتعليم أو الصحة أو حتى في مجال الهندسة، وكذلك اللواتي خضن تجارب سياسية أو إدارية، ولهن إبداعات فكرية فنشاطرهن قراءتها ونتعرف عليهن عن قرب".
وأشارت إلى أن صالون هذا الشهر خصص لقاءه التيجانية فرتات، وهي امرأة قادتها تجربتها كمسؤولة في قطاع التعليم والتربية، والتي تقلدت منصباً ندر تقلده من قبل النساء في قطاع التربية الوطنية؛ إلى كتابة تجربتها الإدارية والتربوية ووثقت بذلك مجالاً قل فيه التوثيق، وأصدرت كتابها "Pour une décentralisation éducative"، "من أجل لا مركزية تعددية".
وعن مشاركتها في صالون الربوة، قالت التيجانية فرتات إن "الصالون يتميز بحضور نسائي نوعي ومداخلات قيمة، إذ تمنح الكلمة للأديبة أو الباحثة لخلق ذلك التفاعل مع الكتاب والحاضرات"، مضيفةً "صالون الربوة هو فضاء جميل جداً، فموقعه يضفي على المكان نوعاً من الحميمية، مما يجعل الكاتبات والقارئات يدخلن في علاقة جدالية".
وأشارت إلى أن تخصيص قراءات في كتب نسائية، راجع لأن الكتابة النسائية لها طابع خاص ومتفرد لا من حيث المضمون أو الأسلوب، وحول كتابها "من أجل لامركزية تربوية"، موضحة أن خلاصة تجربتها في منصب مديرة أكاديمية جهوية للتربية والتدريب لمدة عشر أعوام، لافتةً إلى أنها حاولت من خلال كتابها تسليط الضوء على مشاكل التعليم.
وقالت إنها حققت إنجازات إيجابية في المجال التربوي، مشيرةً إلى أن "المحرك الأساسي لنجاحي كان أنني امرأة، وكنت حريصة على عدم الفشل لأن أي فشل سيلصق بالمرأة"، مبرزةً أنه لا يمكن للمرأة أن تساهم في تغيير الوضعيات إلا إذا تحملت المسؤولية "لقد كان عملي بمثابة نضال داخل المجال التعليمي التربوي، فقد حرصت دائماً للحفاظ على المصلحة الفضلى للطفل، كما قمت خلال تجربتي المهنية على تكييف الامتحانات للأطفال في وضعية إعاقة، وغيرها من الأمور التي كانت تصب في منحى تسهيل ولوج التعليم للتلميذات والتلاميذ".
وأكدت على أنه "كلما علمنا امرأة نكون قد علمنا جيلاً وأمة بأكملها، فالتعليم له أهمية في التربية والحياة اليومية"، لافتةً إلى أن الأم المتعلمة تعرف كيف تتعامل مع ابنها وتحاول أن تغرس فيه مجموعة من القيم والأخلاق التي تعطينا في المستقبل فرداً ناجحاً، في حين أن المرأة الغير متعلمة لا حياة لها فلا يمكنها إعطاء حكم في القرارات المصيرية ولا تتحكم في صحتها الجنسية والإنجابية، ولا تكون لها لقدرة على التعبير عن الرأي أو العمل الجماعي.
وشددت على أهمية التعليم لجميع النساء "عندما تصل التلميذة للمرحلة الثانوية يكون المجتمع قد ربح امرأة متعلمة، فببلوغها للثانوي، فهي لا تستطيع مغادرة الدراسة وتتطلع إلى ولوج الجامعة واستكمال مسارها التعليمي"، لافتةً إلى أنه رغم تميز الفتيات في دراستهن، إلا أنه على مستوى مراكز صنع القرار يكن مغيبات، موضحةً أن نسبة النساء في التعليم الابتدائي تقدر بـ 90%، ولكن في مناصب المسؤولية لا تتعدى نسبتهن الـ 6% فقط.
وأكدت على إن هناك حواجز قانونية تمنع النساء من الوصول لمراكز صنع القرار، إذ عليهن المكوث سنوات في التدريس وبعدها يمكن أن يتقدمن لشغل مناصب المسؤولية "الواقع أن عدداً من النساء يلجن التعليم وبعدها يتزوجن ويلدن ومع تعدد المهام، فإن الظروف تكون غير متاحة لهن لتحمل المسؤولية"، مشددة على ضرورة التفكير في صيغة لتعزيز حضور النساء في مراكز المسؤولية من أجل واقع أفضل للمغربيات.