نساء جمعهن الشغف بالموسيقى والغناء للتحرر من ضغوط الحياة ومتطلباتها

جمع الشغف بالموسيقى والغناء بين العديد من النساء اللواتي وجدن أن الفن طوق نجاة تحررهن من ضغوط الحياة ومتطلباتها.

رجاء خيرات

المغرب ـ نساء جمعهن حب الموسيقى والغناء، توجهن صوب مؤسسة الفنون والثقافات للتنمية بمراكش التي احتفت بهن من خلال كورال نسائي يضم نساء من مختلف التوجهات والاهتمامات والأعمار.

إيماناً منها بأن الثقافة لم تعد ذلك الترف المتاح لفئة اجتماعية معينة دون غيرها، فتحت مؤسسة الفنون والثقافات للتنمية أبوابها في وجه نساء ترغبن في تعلم أصول الغناء والطرب الأصيل، حيث لم يعد الفضاء الذي جمعهن يقتصر على الغناء فحسب، بل أصبح متنفساً تتطلعن إليه وتنتظرنه بشغف كل أسبوع، لأنه يتيح لهن تبادل الأفكار والتجارب والاستفادة من بعضهن البعض حتى أضحين كما لو كن ينتمين لأسرة واحدة.

تقول المسؤولة عن الأنشطة الثقافية والفنية بالمؤسسة حياة غفيري "في البداية كانت النساء تكتفين بالترديد وراء مؤطر ورشة الغناء من خلال التتبع عبر الأوراق، لكن بعد ذلك ساد الانسجام بينهن وأصبحن تتبادلن الأفكار. هذه الورشة أخرجت ربات البيوت من عزلتهن وخلقت لهن متنفساً تتقاسمن عبره لحظات من الفرح والسعادة، كما أتاحت للعديد من النساء العاملات فرصة لكسر روتين العمل وممارسة هواية لم تكن قادرات على ممارستها بسبب ضغط العمل ومتطلبات الحياة".

وأوضحت أنها لمست في هؤلاء النساء قوة وحماساً وتعطشاً للموسيقى والغناء، كما لو كانت طوق نجاة تحررهن من ضغوط الحياة ومتطلباتها، لافتةً إلى أن نساء قويات ومتحررات مررن بتاريخ مراكش منهن زينب النفزاوية التي كانت صاحبة رأي وحنكة سياسية وشاركت في تدبير الحكم، وزهراء الكوش ذات القدم الراسخة في العرفان وصاحبة مجلس علمي كانت تعقده وتحضره النساء من كل المناطق.

 

 

شعور بالانتماء

لم يمض على ميلاد المعهد متعدد الاختصاصات الذي أطلقته مؤسسة الفنون والثقافات للتنمية إلا شهران تقريباً، لتسارع العديد من النساء للانخراط في ورشة الموسيقى والغناء.

وأكدت حياة غفيري أن المعهد بالإضافة إلى ورشة الغناء، يضم ورشات دائمة مختلفة كالرسم، الخط العربي، الفنون البصرية والرقمية، كما ينظم أنشطة تخص "الماستر كلاس" ويتيح للجمهور الاستفادة من دورات تكوينية ومعارض وندوات.

رغم المدة القصيرة التي قضتها النساء بالمعهد، إلا أنهن أصبحن تبادرن باقتراح المبادرات الفنية والأفكار التي من شأنها أن تغني هذه التجربة، التي رغم كونها فتية، إلا أنها استطاعت أن تترك أثراً كبيراً في نفوسهن، كما عمقت من الشعور بالانتماء لهذه المؤسسة.

تقول المشرفة على قاعة الموارد للتأهيل والدعم بمؤسسة تعليمية ورئيسة جمعية "الأيقونة للمسرح والثقافة" ثريا الجيد "رغم كوني أتدرب على أداء الأدوار على المسرح لسنوات إلا أن هذه المؤسسة التي أتاحت لي الانضمام إلى كورال نسائي، مكنتني من التعرف على إمكانات أخرى لم أكن أعرفها، كما أنها ساعدتني في مجال عملي، و داخل القسم، لا سيما وأنني أعمل على مساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة الأطفال المصابين بالتوحد"، مضيفةً "أنا مدينة لهذه المؤسسة بالكثير وللكورال النسائي الذي وجدت فيه ضالتي وجعلني أمارس هواية جميلة. هنا نغني ونفرح ونطلق العنان لأصواتنا من خلال أداء أغاني مغربية وشرقية".

 

 

من جانبها تقول إلهام التباع "رغم كوني أتممت دراستي العليا إلا أنني اخترت ألا أعمل وأتفرغ لتربية أبنائي. هذا الكورال النسائي الذي أتشرف بالانضمام إليه، أخرجني من جو الروتين الذي كنت أعيشه في البيت وأتاح لي فرصة التعرف على نساء أخريات، نساء أتقاسم معهن تجربتي ولحظات من المتعة والسعادة".

وأضافت "رغم الساعات القليلة التي نقضيها معاً، لكنها تحررنا من قيود الحياة والتزاماتها الخانقة، كما أنها تزودنا بطاقة إيجابية. إن هذه الاجتماعات النسوية تتيح لنا أن نتبادل الآراء، نغني ونفرح، ننصح بعضنا البعض في أمور الحياة ومتطلباتها، وكذلك في تربية الأبناء".

 

 

وأوضحت الناشطة إلهام الإدريسي أنه بصفتها أم كغيرها من الأمهات فإنها كرست العديد من السنوات لتربية الأطفال وتلبية متطلباتهم، وتقول "في لحظات كثيرة نحتاج لأن نمنح أنفسنا بعض الوقت الذي لم نجده إلا في غذاء الروح، أي الموسيقى والطرب والغناء".

وأوضحت "أشعر كما لو أنني طفلة صغيرة أثناء هذه الحصص التي أقضيها داخل الكورال النسائي، كما أن الغناء يعطيني ذلك الشعور الجميل ويساعدني على أداء مهامي اليومية بشكل أفضل، كما يمنحني طاقة إيجابية".