كاتبة تروي كيف امتزجت تجربتها الأدبية بالحرب على غزة

شددت الكاتبة رشا فرحات على أن الكتابة جزء من معركة الأديبات أمام أي احتلال في العالم، كما أنها طريقة من طرق مقاومة الشعوب المقهورة والمكلومة لتعكسن قهر التجربة كل حرف في الكتاب.

رفيف اسليم

غزة ـ أثرت تجربة الحرب بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس في قطاع غزة والتي استمرت لعام وثلاثة أشهر، في النصوص الأدبية للكاتبات الفلسطينيات، فما عشنه من تجارب صعبة كالنزوح والجوع وسعيهن الدائم للحفاظ على أسرهن وتلبية الاحتياجات المختلفة انعكس على كتاباتهن، فتحولت تلك التجارب لقصص مدونة على الورق يقرأها العالم.

أفادت الكاتبة رشا فرحات، أنه على الرغم من طي صفحة الحرب في قطاع غزة، إلا أنها أثرت عليها بشكل كبير ككاتبة عايشت تلك الأحداث ووثقتها عبر مجموعتها القصصية الأخيرة (فقط في غزة) والتي تمت كتابتها خلال شهر واحد، مليئة بالوجع الذي مثل تجربتها الشخصية خلال تلك الفترة.

وأضافت أنه على الرغم من أن الإبادة فاقت صعوبة تفاصيلها كل أشكال القدرة على الكتابة، إلا أنها شعرت باستطاعتها إعطاء أكثر فأكثر، وذلك بسبب شعور لازمها مفاده أن الكتابة الآن جزء من معركة الأديبات أمام أي احتلال في العالم، كما أنها طريقة من طرق مقاومة الشعوب المقهورة والمكلومة لتعكسن قهر تجربة كل حرف في الكتاب.

ويعد القهر، أبرز المشاعر التي سيطرت على الأديبة رشا فرحات خلال كتابة مجموعتها القصصية، فوفقاً لحديثها كانت مكسورة إلى أكبر حد، شاعرة بأنها تريد فعل شيئاً ما لكنها لا تستطيع، فلجأت لقلمها الذي لم يخذلها يوماً ما، معتبرة ذلك جزء من التفريغ النفسي الذي كانت تمارسه حين ساءت حالتها النفسية، ثم شيئاً فشيء بدأت تدرك أن ما تقوم به هو واجب عليها لنصرة شعبها ووطنها.

ولفتت إلى أن النص الأول كان الأصعب في مجموعتها كونه وثق تجربة نزوحها بالكامل والتي بدأت في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يوم نزوحها وخروجها من بيتها، إلى جنوب قطاع غزة ومن ثم إلى مصر، ولا يزال هو النص الذي كلما قرأت تفاصيله تتعجب كيف نقلها القدر من إلى تلك البقعة من الأرض، وما المجهول الذي ينتظرها.

وبينت أنه "جمعت تلك القصص في 26 نص لم تكن لوحات تنبض بالحياة، بل كانت مأساة أحدهم ربما امرأة، أو رجل أو طفل عاش الإبادة"، مركزة على الأجزاء الأغرب والتي تكاد لا تصدق، وحينما بدأت تشعر بأنها لا تستطيع التوقف، توجهت لدار نشر وألقيت عن كتفها عبء ذلك الوجع حيث أنها لم تؤلمها الكتابة يوما كما آلمتها هذه المرة.

وكانت ترغب في كتابة المزيد لكنها أجبرت نفسها على التوقف لأن المجموعة القصصية عادة تكون قصيرة، فقد تعدت مجموعتها هذه الـ 200 صفحة، لذلك وضعت قلمها جانباً ملتزمة بقواعد الإنتاج الأدبي، لكنها ستعود ربما قريباً بعمل آخر، كون ما مر به الشعب الفلسطيني لا يجب أن يُنسى أو يتم اختصاره في عدة صفحات، مشيرة إلى أن هذا العالم ينسى، ونحن ننسى، لذلك يجب أن تستمر بالكتابة كي تذكر الجميع بما حدث.

ونقلت رشا فرحات، الأحداث كما وقعت فروت وجع أم جمعت عظام ابنها وكفنته وغنت له، فتلك قصة لا تحتاج إلى حرب كي يظهر مأساتها، ولا تحتاج لكاتب ليسلط عليها الضوء من وجهة نظره بل كل ما احتاجت إليه هو الالتزام بشروط كتابة القصة القصيرة فقط، لافتة إلى أن جميع الأفكار كانت حاضرة من قلب الحدث، والتي ربما يعتبرها القارئ خيالاً، كون الخيال شرط من شروط القصة، لكن الحقيقة أن كل شيء حدث في تلك الفترة فاق الخيال.

وعن أهمية الوقت خلال الكتابة في تلك الحالة، قالت "شعرت أنني أسابق الزمن، وبأن كل قصة يجب أن تكتب وتترجم"، فترجمت بعضها، وشاركت بعضها مع الأصدقاء، كانت تشعر في كل لحظة أنها جندي في المعركة، وهذا سلاحها، لهذا السبب ستظل تكتب عن حرب الإبادة على غزة حتى آخر يوم في حياتها، كونه لم يكن حدثا عادياً.

وعن الصعوبات التي واجهتها أوضحت الكاتبة رشا فرحات، أن بعدها عن مدينة غزة، وهي في داخل القطاع، وانقطاع الاتصالات، والإنترنت هي أبرز الصعوبات، لذلك كانت تتعمد إلى تجميع رؤوس أقلام وأفكار وتدونها في مفكرتها، وهي لا تعرف أنها ستنزح من قاع غزة، لتبدأ بعد نزوحها بالكتابة، مضيفة أنه كان لديها رغبة شديدة بالنشر في دار نشر فلسطينية من غزة على وجه الخصوص ولكن لنفس الأسباب لم تستطيع التواصل مع أحد من الناشرين هناك.