فنانة ليبية تكسر قيود المجتمع وتدعم انطلاق مواهب الفتيات

تواصل الليبية آمنة الزعيتري إحياء الحرف التقليدية التي كادت أن تختفي، مثل النقش على الخشب، الأشغال اليدوية بالطين والسيراميك، والنقش بالكاوية، وتبحث دائماً عن طرق للتعبير عنهم.

منى توكا

ليبيا ـ الفن كان ولا يزال وسيلة للتعبير عن القضايا الإنسانية المختلفة، وعلى رأسها قضايا المرأة. ورغم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الفتيات والنساء في ممارسة وتنمية مواهبهن، فإن هناك نساء مثل المدربة آمنة الزعيتري قدمن مثالاً ملهماً في تحدي هذه الظروف.

آمنة الزعيتري، التي أصبحت رمزاً للفن النسائي في الجنوب الليبي، تمكنت من تدريب الفتيات على الفنون الجميلة رغم رفض المجتمع في البداية لخروج الفتيات إلى الساحة الفنية. ورغم تلك العقبات، استطاعت أن تغير النظرة المجتمعية، ليصبح الفن مصدر دخل لبعض النساء، وجزءً من هويتهن الثقافية.

وتقول آمنة الزعيتري مدرسة ومدربة في الفنون الجميلة بمختلف مجالاتها "أحببت الفنون منذ دراستي في معهد المعلمات، وقررت أن أنقل هذا الشغف للأجيال الجديدة. أسست منظمة نقوش فزان لتكون منصة لدعم المواهب، وتسليط الضوء على قدرات الفتيات في الفنون اليدوية والرسم".

وأضافت "بدأنا بإحياء الحرف التقليدية التي كادت أن تختفي، مثل النقش على الخشب، الأشغال اليدوية بالطين والسيراميك، والنقش بالكاوية. كنت أبحث دائماً عن طرق للتعبير عن هويتنا في فزان من خلال هذه الأعمال. ركزت على استلهام التراث النسوي في الجنوب، مثل أساليب جداتنا في النسيج والخياطة، لتكون هذه الأعمال الفنية تعبيراً عن جماليات ثقافتنا وهويتنا".

 

الفن كوسيلة للتغيير المجتمعي

وأشارت إلى أن التحديات لم تكن سهلة في البداية "كان بعض الأهالي يرفضون خروج الفتيات للمشاركة في المعارض أو الورش. لذلك، كنت أزورهن في منازلهن، وأعرض مساعدتي لتسويق أعمالهن. تدريجياً، بدأت الأسر تدرك أهمية الفن كوسيلة لخلق فرص عمل وكسب الدخل، حتى أصبحت العديد من الفتيات والفنانات تحققن استقلالهن المالي من خلال هذه الأعمال".

وأكدت أن "الفن ليس مجرد هواية، بل هو متنفس للفتيات والنساء للتعبير عن أنفسهن، فهناك أمهات أرامل وربات بيوت وجدن في الرسم أو الأشغال اليدوية وسيلة لإثبات الذات وتحقيق دخل ثابت. في إحدى الورش عام 2017، شاركت أكثر من 50 فتاة، وبدأت العديد منهن بتطوير مواهبهن لتصبح مصدر دخل".

 

إحياء التراث بنكهة معاصرة

وأضافت "أعمل على دمج التراث مع الفن الحديث. على سبيل المثال، استخدمت الكاوية لتعكس ألوان النار والصحراء في أعمالي. كذلك شجعت الفتيات على تصميم لوحات فنية تمزج بين الحرف التقليدية والتقنيات الحديثة. إحدى الفتيات، الفنانة سارة الهدار، رسمت لوحة للعائلة بنكهة جديدة باستخدام الألوان الزيتية. كانت اللوحة تعبيراً عن الجمال الفزاني في أبسط تفاصيله".

آمنة الزعيتري ليست مجرد مدربة فنون؛ إنها رمز للإصرار والتحدي. تؤمن بأن الفن يمكن أن يكون وسيلة للتغيير المجتمعي، وحافزاً لإحياء التراث بطريقة عصرية. وتقول "كل مجتمع يجب أن يعبر عن هويته، والفن هو الوسيلة الأجمل لذلك. رسالتي هي أن تستمر الفتيات في التعبير عن أنفسهن، وأن يكون الفن نافذتهن إلى العالم".

وتستعد آمنة الزعيتري الآن لإطلاق المزيد من الورش الفنية في مدن أخرى في الجنوب الليبي، على أمل أن تكون الفنون الجميلة جسراً لتعزيز ثقافة التفاهم، وحلقة وصل بين التراث والمستقبل.