نادية الجدوع ساهمت في تعزيز العدالة عبر تطوير السياسات القانونية

أثبتت المرأة العراقية حضورها في مختلف الميادين رغم التحديات، ومن بين هذه النماذج اللامعة تبرز نادية الجدوع، التي حققت إنجازات بارزة في مجالات القانون والتحكيم والدبلوماسية الدولية.

رجاء حميد رشيد  

بغداد ـ تمثيل المرأة العراقية في المحافل الدولية يساهم في تعزيز صورتها ومكانتها عالمياً، ويعكس تطور دورها في القانون والدبلوماسية، ودورها في مجالي التحكيم والدبلوماسية يعزز مكانتها ويؤكد قدرتها على قيادة ملفات قانونية دولية باقتدار رغم الضغوطات.

لعبت المرأة العربية دوراً محورياً في مختلف المجالات، متجاوزة التحديات الاجتماعية والسياسية، وحققت إنجازات كبيرة في القانون، التحكيم، والدبلوماسية الدولية، من خلال تطوير السياسات القانونية وإنشاء مؤسسات دولية تسهم في حل النزاعات، استطاعت بعض النساء تعزيز العدالة، تمكين المرأة قانونياً واقتصادياً، والمشاركة الفعالة في المحافل العالمية، مما يعكس قدرتها على قيادة الملفات الدولية باقتدار وترسيخ مكانتها في المشهد القانوني والدبلوماسي.

وتعد للدكتورة نادية الجدوع أول رئيسة محكمة دولية لفض النزاعات، ولتسليط الضوء على مسيرتها المهنية ورؤيتها لتمكين المرأة، ودورها في تعزيز العدالة من خلال تأسيس المحكمة الدولية لتسوية المنازعات، وتمثيل العراق في المحافل الدولية، كان لوكالتنا الحوار التالي معها:

 

كيف تصفين تجربتك كأول امرأة عربية وعراقية تحصل على العضوية الدائمة في الأمانة العامة لجمعية الأمم المتحدة؟

أولويتي هي العراق، وخاصة على الصعيد الدبلوماسي، أسعى لأن يكون للمرأة العراقية حضور فعّال ومؤثر في المحافل الدولية يليق بقدراتها، وقد تمكنت من تحقيق إنجاز نوعي بحصولي على العضوية الدائمة في الأمانة العامة لجمعية الأمم المتحدة وهو إنجاز كبير ليس فقط لي شخصياً، بل للمرأة العراقية والعربية عموماً، هذا المنصب تطلب سنوات من العمل الدؤوب والخبرة في القانون الدولي والتنمية، وهو مسؤولية كبرى أسعى من خلالها لتعزيز التعاون الدولي، ودعم السياسات الإنسانية والتنموية، وأطمح إلى أن أكون نموذجاً يحتذى به، ليس فقط في العراق بل في العالم العربي.

أريد أن أؤكد أن المرأة قادرة على التأثير وصنع القرار في مجالات كبرى كالقانون والاقتصاد والاستثمار التكنولوجي، تجربتي رسالة لكل شابة بأن الطموح والعمل الجاد يمكن أن يصلا بها إلى مواقع قيادية حقيقية.

 

ما أهمية تأسيس منصة دولية عراقية - عربية للتحكيم؟

العراق، رغم توقيعه على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم، لا يمتلك حتى الآن منصة مستقلة داخلية تُعنى بحل النزاعات الاستثمارية والاقتصادية، من هنا جاءت فكرة تأسيس المحكمة الدولية لتسوية النزاعات والتحكيم  لتكون منبراً عادلاً وفعالاً يُمكّن الأفراد والشركات من حل نزاعاتهم بطريقة سلمية، سريعة، وبكلفة أقل من اللجوء إلى القضاء التقليدي.

وأضافت المشروع يمثل خلاصة خبرتي في القانون الدولي والتحكيم، وقد حرصت على أن يكون تأسيس المحكمة مبنياً على العدالة، الشفافية، واستخدام التكنولوجيا القانونية الحديثة، اخترنا مدينة ديترويت مقراً للمحكمة لما توفره من بيئة قانونية متقدمة وموقع استراتيجي على المستوى الدولي.

 

ما أبرز إنجازاتك على المستوى الدولي والمحلي؟

حصلت على العضوية الدائمة في الأمانة العامة لجمعية الأمم المتحدة، وأسست المحكمة الدولية لتسوية المنازعات والتحكيم في ديترويت، هذا الإنجاز يعزز دور العراق في الساحة القانونية الدولية، ويوفر منصة فعالة لحل النزاعات بشكل سريع وعادل، وبتكلفة أقل من القضاء التقليدي.

وفي العراق، ساهمت في تعزيز العدالة عبر تطوير السياسات القانونية، وتأسيس هيئات قضائية مستقلة، إضافة إلى مبادرات لتمكين المرأة قانونياً واقتصادياً، وأسست رابطة وطنية لرائدات العراق، كما مثّلت العراق في العديد من المحافل الدولية، وسعيت لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، خاصة في مجالات التحكيم وحل النزاعات، كما نظّمت مؤتمرات في أمريكا، وأوروبا، والشرق الأوسط، وفتحت مراكز تحكيم دولي في المنطقة، منها في إيطاليا، مع التركيز على دعم المرأة وفق القرار 1325، وأن المرأة العراقية تملك القدرة والخبرة لقيادة مؤسسات دولية مؤثرة، نحتاج فقط إلى دعم فعلي، وبيئة قانونية تشجع المشاركة النسوية الفاعلة في كل المجالات.

 

ما التحديات التي واجهتكِ في مسيرتك المهنية في مجال القانون والتحكيم الدولي؟

من أبرز التحديات التي واجهتها هو أني امرأة ومن بين المؤسسين للجنة المركزية لفض النزاعات العشائرية في النجف الأشرف، وهي لجنة تحمل طابعاً عشائرياً ودينياً تقليدياً لا يُعتاد فيه حضور النساء، وجودي في هذا المحفل أثار معارضة من بعض الأعضاء، إذ لم يكن من السهل تقبّل فكرة أن تكون امرأة جزءاً من لجنة مركزية قانونية، تعمل تحت أنظار وحضور المراجع الدينية.

لكنني لست امرأة عادية، أنا أستند إلى القرار الدولي 1325، الذي منح المرأة حق المشاركة في عمليات حفظ السلام وفض النزاعات، رسمياً، دولياً، ودبلوماسياً، وحتى عراقياً، بما في ذلك العمل كقاضٍ في فض النزاعات.

كما واجهت عدة تحديات معقدة، أولها أن العراق لا يمتلك حتى الآن مركزاً دولياً فعّالاً للتحكيم، رغم أنه طرف في الاتفاقيات الدولية، هناك تحفظ رسمي كبير على إنشاء مثل هذه المراكز داخل البلاد، وأن ثقافة التحكيم ليست راسخة في النظام القانوني العراقي، ولا يُمارس التحكيم إلا في نطاق ضيق من تعاقدات الوزارات مع جهات دولية.

ومن بين التحديات الخطيرة، انتشار شهادات وبطاقات تحكيم تُمنح من جهات غير رسمية لأشخاص غير مؤهلين، مما أضعف ثقة المجتمع بهذه المنظومة، وهناك مشكلة أخرى مرتبطة بالقضاء العراقي، حيث لا يتمتع التحكيم بالدعم الكافي في غياب مراكز معترف بها أو قانون حديث يُنظم هذه العملية، فهناك ضرورة لتحديث قانون التحكيم، وتفعيل دوره في النظام القضائي، ليصبح أداة فعالة لحل النزاعات ودعم بيئة الاستثمار.

 

ما دوركِ كرئيسة للمحكمة الدولية لتسوية المنازعات في ديترويت، وكيف تساهمين في تعزيز العدالة؟

بصفتي رئيسة لهذه المحكمة، أعمل على توفير منصة دولية عربية عراقية مستقلة لحل النزاعات بطرق عادلة وفعالة، خاصة في ظل غياب مراكز تحكيم داخل العراق رغم انضمامه للاتفاقيات الدولية، المحكمة تسهّل على الشركات والأفراد تسوية منازعاتهم بسرعة، وبتكاليف أقل مقارنة بالقضاء التقليدي، مما يوفر الوقت والمال ويعزز الثقة بين الأطراف.

كما أن وجود المحكمة في مدينة ديترويت يمنحها بُعداً دولياً وقانونياً مهماً، ويسهم في تعزيز العدالة والشفافية في تسوية النزاعات الاستثمارية والاقتصادية، والأهم من ذلك، أن هذا الدور يُثبت قدرة المرأة العراقية على قيادة مؤسسات قانونية عالمية بكفاءة، والمساهمة في دعم بيئة قانونية عادلة في المنطقة.

أعمل على تعزيز دور المرأة في القانون والتحكيم الدولي من خلال تمكينها بالتدريب والتعليم وفتح المجال أمامها للمشاركة الفعالة، وأسعى لفتح مركز متخصص بالتحكيم الدولي في العراق لدعم وجود المرأة في هذا المجال، خاصة مع غياب منصات رسمية محلية، كما أؤمن أن تمثيل المرأة العراقية في المحافل الدولية يساهم في تعزيز صورتها ومكانتها عالمياً، ويعكس تطور دورها في القانون والدبلوماسية، فدعم حقوق المرأة وتمكينها اقتصادياً وقانونياً هو الطريق نحو مستقبل أكثر عدالة، وتمثيلها الخارجي يرسّخ ثقة المجتمع الدولي بالعراق.

تمثيل المرأة في المؤسسات الدولية والقانونية يعد خطوة محورية لتمكين المرأة العراقية وتعزيز حضورها في المحافل العالمية، فهو يسهم في تطوير مهاراتها وبناء شبكات علاقات دولية فاعلة، ويعكس صورة إيجابية عن العراق في الخارج، ودورها في مجالي التحكيم والدبلوماسية يعزز مكانتها ويؤكد قدرتها على قيادة ملفات قانونية دولية باقتدار، مما يدعم الثقة بين العراق والمجتمع الدولي، وهناك أهمية كبيرة بفتح مركز لضمان مشاركة المرأة بدور فعّال.