' بناء سوريا المستقبل يتطلب اللامركزية وتمثيلاً عادلاً لجميع المكونات'

في ظل الواقع السوري المؤلم، تبرز الحاجة الملحة إلى تطبيق نظام اللامركزية كخيار استراتيجي لإعادة الأمن والاستقرار وضمان مشاركة فعالة لكل المناطق السورية في إدارة شؤونها، وللحد من اندلاع حرب أهلية شاملة، وهو ما تدعو إليه الإدارة الذاتية بشكل مستمر.

شيرين محمد

قامشلو ـ دعت عضوة الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية شيرا أوسي، القوى الوطنية إلى تحمل المسؤولية وقراءة المشهد السوري السياسي بعمق، مؤكدةً على ضرورة بناء سوريا المستقبل على أسس جديدة ترفض نظام المركزية وتؤمن بالديمقراطية والتعددية وبسوريا تحترم التنوع الثقافي وتضمن حقوق جميع المكونات، لا سيما المرأة التي تعاني من تهميش واضح في العملية السياسية الحالية.

تشهد سوريا تصاعداً خطيراً في النزاعات المسلحة والمجازر التي تودي بحياة آلاف السوريين يومياً، وسط فوضى أمنية وسياسية مستمرة. إن استمرار هذه الأزمة يضع البلاد أمام خطر الانقسام والتفكك، ما يهدد وحدة البلاد واستقرارها، وفي ظل هذا الواقع المؤلم، تبرز الحاجة الملحة إلى تطبيق نظام اللامركزية كخيار استراتيجي لإعادة الأمن والاستقرار وضمان مشاركة فعالة لكل المناطق السورية في إدارة شؤونها، وللحد من اندلاع حرب أهلية شاملة.

وحول هذا قالت عضوة الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية شيرا أوسي "إن سوريا تشهد اليوم أحداثاً سياسية متسارعة، خاصة بعد أكثر من ثلاثة عشر عاماً من الأزمة السورية"، مؤكدة أن "سوريا تقف أمام مفترق طريق حاسم"، مشددة على ضرورة أن تتعامل القوى الوطنية السورية بمسؤولية، وأن تقرأ المشهد السياسي بعمق من خلال فهم تشابكات الصراع وتداخلاته وتأثيراته التاريخية على مستقبل البلاد.

وأضافت "عندما نتحدث عن بناء سوريا المستقبل، يجب أن يكون ذلك على أسس جديدة كلياً، لا على أنقاض النظام البائد. فقد عانى الشعب السوري منذ استلام حزب البعث للحكم من ظروف مأساوية من قتل ودمار. وبعد سقوط النظام، كان من المتوقع أن يعيش الشعب حياة عادلة وديمقراطية، لكن الواقع كان عكس ذلك".

وأكدت أن الهدف ليس إقامة دولة خرجت من الحرب لتعود إلى نظام مركزي بثوب ديمقراطي، بل بناء جمهورية ديمقراطية تعددية قائمة على اللامركزية، تحترم حقوق جميع مكونات الشعب السوري وتنوع ثقافاتهم، مبينة أن هنالك تهميش واضح لكل المكونات، وخاصة المرأة، في العملية السياسية الحالية، والمشهد الحالي يشبه إلى حد كبير ما عانى منه السوريون في السنوات الماضية.

وأشارت شيرا أوسي إلى أن "القرار مركز في العاصمة، دون تمثيل حقيقي للمكونات أو دور للمرأة، ما يبرز التهميش الواضح الذي يعاني منه السوريون، خاصة في مؤتمرات الحوار الوطني والإعلان الدستوري، التي لا تعكس تطلعات الشعب، وحتى في انتخابات مجلس الشعب التي لم تمثل تنوع النسيج السوري، بل شهدت لوناً واحداً وإقصاءً متعمداً".

 

أهمية الحوار الوطني لضمان حقوق السوريين

وترى أن السوريين بحاجة إلى اتخاذ قراراتهم عبر طاولة حوار وطنية تحمي حقوق الجميع، لكيلا يتكرر سيناريو التهميش الذي استمر لعقود من ظلم واضطهاد وسلب حقوق، خصوصاً الشعب الكردي الذي حرم حتى من حق التحدث أو التعليم بلغته، مؤكدةً أن "الإعلان الدستوري المطروح لا يتضمن حقوقاً للمكونات، ولا تمثيلاً عادلاً للمرأة في المجتمع، والحل الوحيد لسوريا يكمن في تطبيق اللامركزية التي تضمن حقوق جميع المكونات في كافة المجالات، ولذلك اللامركزية هي الخيار الأوضح لتحقيق استقرار مستدام بعد سنوات من الصراع والنزاعات".

ولفتت إلى تجربة الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا التي تمثل كما تؤكد نموذجاً يحتذى به في اللامركزية، حيث يوجد تمثيل عادل لجميع المكونات، مع مناصفة تمثيل المرأة والرجل بنسبة 50% لكل منهما، ما يتيح للمرأة التعبير عن رأيها وحقيقتها "نموذج الإدارة الذاتية يهدف إلى خلاص الشعوب من الدمار والفوضى والصراعات".

 

"العقلية المتطرفة للحكومة المؤقتة تعمق الأزمة السورية"

وتطرقت إلى تهميش المرأة بشكل كبير، رغم دورها الفاعل في قيادة الثورة السورية ومشاركتها في صفوفها "الحكومة المؤقتة تمارس إقصاءً واضحاً لدور المرأة، وتفرض عليها ارتداء الحجاب، مما يقيد حرية تعبيرها عن نفسها، يجب أن تتخلص سوريا من هذه العقلية الضيقة، وعلى الحكومة المؤقتة التفكير في مصلحة الشعب السوري بعيداً عن مصالح الدول الكبرى المتدخلة في الشأن السوري".

وحذرت من استمرار الحكومة المؤقتة في نهجها الحالي "سوريا لن تبنى بلون وشكل واحد، وإذا استمرت الحكومة المؤقتة بهذا التفكير، فستتعقد الأزمة أكثر، وسندخل في حروب كبيرة. المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا يجب أن تعبر عن تطلعات الشعب، وليس عن عقلية قرارات تفرض دون الرجوع إليه، كما حدث في الانتخابات الأخيرة التي جرت دون مشاركة حقيقية للشعب".

وأبدت عضوة الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية شيرا أوسي موقفاً إيجابي بخصوص العلاقات مع الحكومة المؤقتة في دمشق بالقول أنه يجب تعزيز التعاون بين القوى الوطنية والحكومة المؤقتة، لضمان خروج سوريا إلى بر الأمان، ولكنها ذكرت أيضاً بأن الأزمة مستمرة حتى بعد سقوط النظام، مع استمرار المجازر وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي ضد المكونات السورية "نعيش مرحلة حساسة ومفصلية في تاريخ سوريا تحدد مصير شعبها، لذلك يجب أن نتعاون جميعاً لإيصال سوريا إلى بر الأمان، فسوريا التي نريدها هي سوريا قائمة على الوطنية الحقيقية، الديمقراطية، اللامركزية، التعددية".

 

تجديد الدعوة لإقامة مؤتمر وطني سوري

واختتمت شيرا أوسي حديثها بتجديد الدعوة لإقامة مؤتمر وطني سوري شامل من أجل بناء سوريا المستقبل، يعبر عن جميع مكونات الشعب السوري، ويؤسس لدستور جديد يعكس تطلعاته، مطالبةً بحقوق المرأة والمساواة العادلة بينها وبين الرجل في جميع المجالات، خصوصا السياسية، ورفض القرارات التي تتخذ دون مشاركة النساء.