اضطرابات جسدية وهرمونية... المجاعة في غزة تؤثر على صحة النساء

في ظل الحروب التي تعيشها العديد من الدول، تتعرض النساء والفتيات لتحديات صحية جسيمة لا تقتصر على الإصابات المباشرة أو فقدان المأوى، بل تمتد لتشمل اضطرابات جسدية وهرمونية تؤثر على وظائف الجسم الحيوية، ومن أبرزها اضطرابات الدورة الشهرية.

رفيف اسليم

غزة ـ أكدت أخصائية التغذية سوار حلس أن الهجوم الإسرائيلي لم يسلب من النساء حياتهن، وبيوتهن، وخصوصيتهن فقط، بل سلب منهن الأمن الغذائي والنمو الطبيعي والحياة الصحية والذي يزيد من احتمالية إصابة نسبة منهن بسرطانات نتيجة حرمانهن الكثير من العناصر الغذائية لفترات طويلة.

أثرت المجاعة بشكل كبير على طبيعة عمل وجسد المرأة البيولوجي، خاصة دورتها الشهرية فالبعض منهن انقطع عنهن الطمث بشكل دائم، بينما البعض الآخر أصبحت تأتيهن بشكل متقطع برفقة ألم حاد، إلا أن تلك الآثار ليست المعضلة الكاملة فهناك احتمالية كبرى لتضاعف تلك الأعراض وإصابة الكثير منهم بسرطانات نتيجة حرمانهن الكثير من العناصر الغذائية لفترات طويلة.

 

اضطرابات الدورة الشهرية

تقول أخصائية التغذية سوار حلس أنه "في ظل الأزمات المنتشرة بالعالم وعلى الرغم من كثرتها خاصة بالبلدان التي تشهد حروب وصراعات تبقى المجاعة أكبر تلك المشكلات التي لا حل لها من قبل الدول كون المتضررين كثر، وضحاياها هم الفئات الأكثر هشاشة أي الأطفال والنساء".

وبينت أن "الهجوم لم يسلب من النساء حياتهن، وبيوتهن، وخصوصيتهن فقط، بل سلب منهن الأمن الغذائي والنمو الطبيعي والحياة الصحية، فبات يستهلك أجسادهن عبر فقدان الوزن والعضلات بشكل غير طبيعي، بالتالي امتدت تلك الأثار للجهاز المناعي فبات يظهر عدد من الاضطرابات الجسدية والهرمونية كفقدان الدهون التي يعتبر الطعام العنصر الأساسي له".

وأوضحت أن "كل ذلك ساهم بظهور عدة أمراض لدى النساء مثل فقر بالدم، وهشاشة بالعظام، بالتالي بدأت تحدث لدى العديد من النساء اضطرابات بالدورة الشهرية مثل انقطاع نهائي، أو تأخير موعدها، وربما تغير في لون الدماء أو طبيعتها مع اختلاف الشكل الذي يتخذه من امرأة لأخرى".

 

توفير عناصر التغذية يمكنه ضمان صحة المرأة

وتُرجع سوار حلس ذلك الخلل الذي يحدث لجسد المرأة وخاصة دورتها الشهرية، لحرمان النساء من هرمون الاستروجين "هو أساس استمرار تدفقه للجسد، والذي تحصل عليه المرأة من عدة عناصر غذائية البروتينات، والدهون، والحديد، والزيوت الصحية".

وأوضحت أن "النظام الغذائي المليء بالمعلبات والسكريات قلل من فعالية ودور الجهاز المناعي بالجسم بالتالي جعل الجسد غير قادر للتعرف على وجود الخلايا السرطانية"، مشيرة إلى أن المرأة هي الأكثر عرضة للإصابة بالمرض خاصة الحوامل والأجنة، فهناك العديد من الأطفال الذي يولدون حاملين أمراض غريبة لم نشهدها من قبل.

وفي ظل الأوضاع التي تشهدها غزة من مجاعة وحصار أكدت أن "جسد النساء والفتيات يحتاج في هذا الوقت للكالسيوم، والزنك، والمغنسيوم، فيتامين د والحديد، بالإضافة لفيتامين C، تلك العناصر جميعها موجودة بالخضروات والحليب إن لم تتوفر فيجب اللجوء للمكملات الغذائية وخاصة المرضعات والحوامل، التي تحتاج أجسادهن لتلك العناصر أكثر من سواهن".

وشددت أخصائية التغذية سوار حلس على أهمية التوعية والتثقيف الصحي بالنسبة للنساء والفتيات للحفاظ على أجسادهن فالكثير منهن انقطعت الدورة الشهرية عنهن لكنهن لم يقمن بمراجعة طبيبة لمعرفة ما هي الإجراءات التي يجب اتباعها أو التوجه للمؤسسات التي تعني بصحة المرأة وتقدم الدعم لهن"، منوهة أن بعض الحالات يلزمها استشارة طبية كيلا يتفاقم الوضع بشكل أكثر سوء.

ففي غزة اليوم لا تُقاس المعاناة فقط بعدد الضحايا، بل بما يُسلب من النساء بصمت الغذاء، الصحة، الأمان، والكرامة، المجاعة هناك ليست مجرد أزمة غذائية، بل كارثة إنسانية تُنهك أجساد النساء وتُهدد حياتهن، خاصة الحوامل والمرضعات، اللواتي يُحرمن من أبسط حقوقهن في الرعاية والتغذية.