ولادة تحت النيران والحصار... فلسطينية تواجه أهوال الحرب في غزة

في إحدى مراكز الإيواء القاتمة في غزة، أنجبت شادية النمر مولودها وسط ظروف قاسية غير إنسانية، في ظل انعدام الرعاية الطبية ونقص الإمدادات الأساسية للحياة.

نغم كراجة

غزة ـ في بقعة غزة المحاصرة، تتجسد معاناة المرأة الفلسطينية التي تواجه أهوال الحرب والحصار وتكافح من أجل البقاء وتوفير الحد الأدنى من الرعاية لأسرهن، فتفاصيل الحياة اليومية تكشف التحديات ومأساة آلاف النساء الفلسطينيات في ظل الحرب المستمرة.

 

المأساة تبدأ بفقدان العائلة تحت القصف

كانت الثلاثينية شادية النمر حاملاً بطفلها الرابع عندما اندلعت نيران الحرب على قطاع غزة ولم تتخيل أن الحرمان والجوع سيكونان أقل مشاكلها حيث فقدت الأسرة إمكانية الحصول على الضروريات الأساسية من غذاء ومياه وكهرباء، ومع اشتداد القصف قرر زوجها الذهاب إلى منزله المتضرر في محاولة يائسة لتأمين ملابس لأطفالهم، لكن الأقدار جاءت قاسية والحتف كان بانتظارهم "استهدفهم صاروخ على باب المنزل، قتل زوجي وأبنائي الثلاثة على الفور، وتحولت حياتي إلى كابوس لا يطاق".

 

الولادة تحت القصف والحصار

وبعد فاجعة الفقدان بدأت تشعر بألم المخاض ولم يكن هناك طبيب أو قابلة بسبب خروج المستشفيات عن الخدمة ومنع القوات الاسرائيلية الحركة، وبالرغم من أن النازحات كن مثقلات بأحزانهن لكنهن تحدين الظروف، وداخل تلك الغرفة المظلمة وتحت ضوء خافت في ظل ظروف قاسية وغير إنسانية، اجتمعت النساء في المركز حولها، محاولات توفير الحد الأدنى من العناية والتوليد بإمكانيات بدائية، وتمكن من توليدها بعد جهود شاقة، وقطع الحبل السري للطفل دون وجود مواد طبية معقمة وسط ظروف لا يتحملها بشر وتحت حصار القوات الإسرائيلية للمنطقة وفرض أوامر منع تحرك السكان، كانت تلك اللحظات تجسيداً لمعاناة مجتمع بأكمله يعيش تحت الحصار.

 

البقاء على قيد الحياة وتحديات ما بعد الولادة

وبعد الولادة، واجهت شادية النمر تحديات جديدة منها الحصار المفروض على غزة والذي منع دخول المواد الغذائية والأدوية الأساسية، مما جعل تأمين الحليب والمستلزمات الضرورية للطفل مهمة شبه مستحيلة، مع غياب الرعاية الصحية، والمراكز الطبية التي لم تتوفر فيها التطعيمات الأساسية للأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم "بات كل يوم يمر يحمل مخاطر جديدة على حياة طفلي وصحته، أصبحت المسؤولية ثقيلة ومضاعفة بعدما كنت أعتمد على زوجي كمعيل للأسرة التي تقطعت أوصالها، وجدت نفسي الآن وحيدة في مواجهة مصير مجهول".

 

التحديات اليومية في البحث عن الغذاء والأمان

وتحت وطأة الحصار كان الحصول على الغذاء والمياه النظيفة تحدياً يومياً، إضافة إلى الظروف المعيشية في مركز الإيواء التي كانت مزرية، والتي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة "أقاتل من أجل توفير الغذاء لصغيري الوليد في ظل تناقص الإمدادات واستمرار القصف الذي يحول النهار إلى ليل دامس من الرعب، وأحاول جاهدة الحفاظ على نظافة طفلي وتقديم الرعاية الأساسية له، بينما أنا أعاني من سوء التغذية والإجهاد في غرفة صغيرة للغاية ومعتمة مجردة من الراحة النفسية وخالية من الأمان".

 

الأثر النفسي والجسدي في ظل الصدمات

المعاناة اليومية تركت آثاراً نفسية وجسدية عميقة على شادية النمر، الفقدان المفاجئ لعائلتها، والمخاوف المستمرة من القصف، والحرمان من الضروريات الأساسية، كلها عوامل أثقلت كاهلها، الأطفال الذين يكبرون في مثل هذه الأوضاع المأساوية ويتعرضون لصدمات نفسية تؤثر على تطورهم ونموهم بشكل دائم، هذه المعاناة تعكس الصمود والألم، ما هي إلا صورة لما يعانيه آلاف النساء والأطفال في غزة.

 

 

دعوة للتحرك الفوري

قصة شادية النمر ليست مجرد حكاية فردية، بل هي مرآة تعكس واقعاً أوسع وأكثر تعقيداً، ومناشدة بضرورة تقديم الدعم الإنساني العاجل للمدنيين في غزة لا سيما النساء والأطفال وضمان وصول المساعدات الغذائية والطبية لتخفيف معاناتهم، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، للعمل على إنهاء الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر.