تونس... كادحات بين الطموح والتحديات

تواجه النساء في منطقة قلعة الأندلس بمحافظة بنزرت شمال العاصمة تونس ظروفاً صعبة في ظل نسبة بطالة مرتفعة حيث اتجهت أغلب النساء للعمل في قطاع الصيد البحري وتربية الماشية وتحويل وتثمين المنتوجات الفلاحية.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ في إطار الاستماع إلى مشاكل النساء نظمت وحدة المرأة الفلاحة زيارة ميدانية إلى الفلاحات والكادحات وصاحبات الشهادات العليات اللواتي دفعتهن الظروف الاقتصادية إلى العمل في مجال تحويل وتثمين المنتوجات الفلاحية، لتسليط الضوء على معاناتهن.

قلعة الأندلس منطقة ساحلية حيث البحر مورد رزق للنساء اللواتي تخيطن شباك الصيد، وبحسب الإحصائيات فإن أكثر من350 امرأة تعملن في هذا القطاع ونورة بن أحمد واحدة من اللواتي تحكن الشباك يومياً لمساعدة زوجها على تأمين الاحتياجات الأساسية وتوفير مصدر دخل لها.

وأوضحت أن حياكة الشباك قد تبدو للبعض عملية سهلة ولكن في الحقيقة هي عملية يدوية صعبة وشاقة وتتطلب التركيز الذهني حتى لا تقع في أي خطأ في شبك الخيوط فتكون سهلة الانفلات وسط ماء البحر.

تقول نورة بن أحمد وهي تفترش الأرض وتثني ساقاً وتمد الأخرى وتضع الخيط بين أصابع الإبهام والوسطى "خياطة الشباك تتطلب الجلوس بهذه الطريقة لساعات طويلة لذلك مع مرور الزمن تشعر المرأة بآلام شديدة في الظهر والرقبة وتصاب بالتهابات عديدة في الساقين بسبب برودة الأرض في حين لا تتمتع بالتغطية الاجتماعية وليس لديها بطاقة علاج".

وأوضحت أن خياطة الشباك تعلمتها من أسلافها وهي حالياً تعلم ابنتها، فأغلب نساء المنطقة تحاولن تعلمها لتوفير مورد رزق رغم كل المصاعب.

 

 

حبيبة بن رجب تعلمت المهنة من شقيقتها وتحبها كثيراً، لكنها تسببت لها بآلام عديدة في الكتفين والظهر لذلك توقفت عن العمل، وتتمنى أن يكون لديها شهادة تتمكن من خلالها إيجاد فرصة عمل.

 

 

أما كريمة مامية فتحرس أغنامها في قطعة الأرض الصغيرة المجاورة لمنزلها، فإلى جانب مشاقها الكبيرة تواجه غلاء الأعلاف وكذلك الأمراض التي تصيب الأغنام وحوادث السرقة التي تمثل خسارة كبيرة للمربين الصغار.

كريمة بن أحمد كغيرها من الكادحات في القطاع الفلاحي ليس لديها تأمين اجتماعي ولا بطاقة علاج، وتطالب السلطات بتقديم المساعدة لهن وتوفير الأعلاف، موضحةً أن تربية الماشية هي مصدر رزق أساسي للأسرة لذلك لا يمكن أن تتخلى عنها رغم كل العراقيل.

 

 

تركية بن محرز بن حميدة خرّيجة جامعية اختصاص إدارة مالية تقول "بالرغم من حصولي على شهادة جامعية إلا أنه في ظل الأزمة الحالية، نواجه صعوبة في الحصول على وظيفة لذلك لجأت للعمل في مجال تثمين أحد المنتجات الفلاحية".

وأشارت إلى أنها عضو بمجمع الازدهار التنموي الذي يضم مجموعة من الكادحات اللواتي تعملن لإنجاح مشاريعهن وتواجهن جميع الصعوبات من تمويل وترويج، موضحةً أنهن "تشاركن بالمعارض باسم المجمع لكنهن بحاجة إلى فضاءات لترويج منتوجاتهن كنقاط البيع من المنتج إلى المستهلك".

وأكدت أنه "على المرأة وخاصة صاحبات الشهادات العليا العاطلات عن العمل عدم التقيد بالشهادة العلمية والبحث عن عمل في أي مجال خاصة المجالات الفلاحية وخوض تجربة الكفاح لتحقيق الذات".

 

 

وحول الموضوع ذاته قالت صليحة سعيدي بن حميدة "يجب على المرأة الاعتماد على ذاتها وعدم انتظار المساعدة من أي شخص، وعليها النضال ومواجهة جميع صعوبات الحياة لتتمكن من بناء ذاتها".

مروى بن حميدة خريجة جامعية وحاصلة على شهادة تقنية في الصناعات الغذائية تقول "تركت العمل بمؤسسة صناعية بعد أربع سنوات وتلقيت تدريباً في مجال تحويل وتعقيم المنتوجات الفلاحية بمركز مختص في التكوين والتعليب والتعقيم، وتعلمت حينها كيفية تحويل المنتوجات الفلاحية بجميع أنواعها بطريقة طبيعية وتعلبيها وبيعها".

وأوضحت "انطلقت في البداية من العمل في المنزل بعد ذلك بدأت العمل في معمل صغير، فنجاحي في تثمين وتحويل المنتوجات وانتمائي لمجمع التنمية مكنني من المشاركة في المعارض وترويج المنتوج، كما قادتني رغبتي في تعليب المنتوجات إلى التقدم لمشروع رائدة وتم قبولي لكن الأنظمة البيروقراطية الإدارية حالت دون الحصول على قرض إضافة إلى أن شروط البنك التونسي للتضامن المتمثلة في التعامل مع أشخاص معينة وتحديد مدة استرجاع القرض بفترة قصيرة جداً لا تتجاوز ستة أشهر فقط".

 

 

وقالت لمياء قم الرجايبي مديرة وحدة المرأة الفلاحة في الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري "زيارتنا تمثلت في الحديث مع الفلاحات وبعض القطاعات الأخرى كالصيد البحري والتحويل، للاستماع إلى مشاكلهن وتذليل الصعوبات أمامهن وتقديم المساعدة لهن".

وأوضحت "لاحظنا من خلال زيارتنا أن هناك نسبة بطالة مرتفعة في صفوف صاحبات الشهادات العليا، ونتيجة الأزمة الاقتصادية أتجهن للعمل في مجالات مختلفة".