شابة تكسر القيود وتثبت قدراتها في مجال الرخام
تحولت أحلام حسيني من مبتدئة إلى رائدة في مجال الرخام والحجارة، متحدية الصعاب المجتمعية والجسدية، ومؤكدة قدرة المرأة على النجاح في المهن التقليدية.
إخلاص حمروني
تونس ـ أحلام حسيني شابة من مدينة الحسينات في ولاية سيدي بوزيد، استطاعت أن تخترق عالم الرخام والحجارة، لتثبت أن الإرادة والمثابرة قادرتان على تجاوز القيود الاجتماعية والمهنية.
عن بداية مشوارها، قالت أحلام حسيني البالغة من العمر 34 عاماً، إنها بدأت العمل تدريجياً مع الآخرين، وتعلمت شيئاً فشيئاً "اكتشفت أنني أستطيع قيادة نفسي في هذا المجال. صقلت مواهبي وبدأت أنجز المهام بمفردي خطوة خطوة".
وأضافت أن بدايتها كانت مليئة بالتحديات، خاصة كونها فتاة صغيرة في السن تعمل في مهنة يحتكرها الرجال تتطلب قوة بدنية كبيرة "تساءلت بين نفسي كيف لطفلة أن تعمل في الرخام؟ كيف ترفع الحجر وتتعامل مع كل هذه الصعوبات؟ كان هناك تعب وجهد شديدان، جعلاني أفكر كثيراً، لكنني في الأخير اعتمدت على قدراتي وقررت البدء في العمل، رغم أن البعض قال لي إنني لن أستطيع، لأن العمل صعب وليس مخصصاً للفتيات".
وأوضحت أن الدعم الذي تلقته من أسرتها، وخاصة شقيقتها، كان حاسماً في استمرارها وتعلمها "وقفت شقيقتي بجانبي وشجعتني على التعلم والممارسة اليومية لمدة عامين. تعلمت كل شيء بنفسي، وأصبحت أحب عملي فهو رزقي وهوايتي".
عملها في الرخام يشمل الإبداع الفني والديكور
وعن طبيعة عملها في الرخام، بينت أن الأمر لا يقتصر على القص والحفر، بل يشمل الإبداع الفني والديكور "عملي هو ديكور الحجر، سواء في المنازل أو في الديكور الخارجي والدرج وزينة البيوت. الرخام موجود في كل أنحاء تونس وأصبح مادة مطلوبة كثيراً في السوق"، مضيفةً "في البداية كنت أخاف من العمل والمواد، لكنني تعلمت كيف أصلح أي شيء وأتعامل مع كل مهمة بمفردي، كنت أحمل الحجر وأعمل وحدي، ثم بدأت أساعد الآخرين فيما بعد".
وأكدت أحلام حسيني أن التحديات اليومية لا تزال قائمة "ما زلت أواجه صعوبات، مثل ارتفاع أسعار المواد وعدم توفرها أحياناً، لكنني أحرص على الجودة حتى يعود الزبون ويطلب المزيد"، مشيرة إلى أنها تعمل خارج المدينة أحياناً، وفي كل مكان تذهب إليه تحرص على تقديم الأفضل.
وعبرت عن تقدير المجتمع المحلي لعملها "الناس يفرحون بعملي ويقولون لي أنتِ شابة وتعملين في هذا المجال"، وشرحت قولها بأنها الشابة الوحيدة في سيدي بوزيد التي تعمل في الرخام، الأمر الذي ساعدها على كسب حب ودعم الجيران والعائلة "أبي دائماً يقول إنني امرأة قوية".
كما أوضحت أن نجاحها لم يقتصر على الجانب المادي، بل شمل الجانب المعنوي والاحترام في التعامل مع الآخرين "أعرف كيف أتعامل مع الناس، وأحافظ على الاحترام وحسن التعامل".
وعن مشاريعها المستقبلية، قالت "أطمح أن أكبر مشروعي ليشمل كامل الولاية، وأن أضيف آلات جديدة وأوظف آخرين. وجدت في هذه المهنة مصدر رزق لي وللفريق الذي أعمل معه، وكلنا نعمل معاً لتحقيق النجاح".
وأشارت أحلام حسيني إلى أهمية المثابرة في هذا المجال "المسيرة ليست سهلة، تارة نصعد وتارة نسقط، لكن سنواصل النجاح"، موضحة أنها تريد أن يصبح مشروعها نموذجاً يُحتذى به، وأن يثبت عملها أن الفتاة قادرة على العمل في المهن التقليدية.
وأوضحت أيضاً أثر عملها على الآخرين من حولها "أصدقائي صُدموا عندما شاهدوني أعمل في الرخام لأنها وفق رأيهم مهنة "ذكورية" وصعبة على الفتاة، لكنهم اقتنعوا عندما أصريت على تحقيق حلمي وساعدوني في التعلم والعمل وتحقيق النجاح".
قصة نجاح تمثل إصرار النساء ونجاحاتهم
قصة أحلام حسيني تمثل نموذجاً حياً على تمكين المرأة في تونس، وعلى قدرة النساء على تحدي الصعاب وإثبات أنفسهن في مجالات تتطلب قوة بدنية ومهارات تقنية، كما تعكس تطور المجتمع وتوسيع فرص المرأة الاقتصادية، وتشجع الفتيات على اقتحام مجالات جديدة وكسر الحواجز التقليدية.
أحلام حسيني أثبتت أن الإرادة والعزيمة والدعم المعنوي، إلى جانب الصبر والعمل المتقن، يمكن أن يحول أي تحدٍ إلى قصة نجاح تلهم غيرها من النساء الشابات لتحقيق أحلامهن، مهما كانت الصعوبات والتحديات.