نساء غزة: الأعشاب البرية الحل الأخير لمواجهة المجاعة
تلجأ نساء قطاع غزة مع استمرار الحرب منذ أكثر من عام ونصف إلى جمع الأعشاب البرية لطهيها وإطعام الأطفال الذين يعانون من الجوع الشديد، مما يؤدي إلى تزايد حالات التسمم وسوء التغذية والذي يدفعهن للسؤال "متى سينتهي هذا البؤس؟".

رفيف اسليم
غزة ـ يعيش السكان في قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، حيث يتفاقم الجوع جراء الحصار المستمر ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، في ظل غياب أبسط مقومات الحياة والذي يجبر السكان على البحث عن بدائل وسط بيئة محفوفة بالمخاطر.
للمرة الثالثة تشتد المجاعة على سكان قطاع غزة إثر حصار القوات الإسرائيلية للمدينة المنكوبة ومنع إدخال كيس دقيق واحد لها منذ آذار/مارس الماضي، فلجأت النساء للأعشاب البرية كي تطبخها وتطعمها للصغار بالملعقة دون الخبز، مما سبب للبعض منهم حالات تسمم، إثر عدم قابلية طبخ البعض منها أو ظهور عشبة ضارة بين بقية الأوراق السليمة.
"بلغت المجاعة خلال الفترة الحالية"
وحول ما يجري من مجاعة في القطاع المحاصر قالت صابرة الزعانين "بلغت المجاعة خلال الفترة الحالية ذروتها فلا دقيق، أو معلبات، في الوقت الذي تتكدس به المساعدات على المعبر وتمنع القوات الإسرائيلية إدخالها، مما دفعها هي ومجموعة من النساء للبحث عن الأراضي التي تنمو بها الأعشاب البرية لالتقاطها وطبخها".
وتبدأ تلك الرحلة المضنية بحسب صابرة الزعانين، في الصباح الباكر، حيث تنادي النساء بعضهن البعض وتجتمعن في منطقة واحدة ثم تسرن على الأقدام عدد من الكيلومترات حتى إيجاد غايتهن، لافتةً إلى أنهن تتفرقن وتبدأن بالجمع إحداهن تجد خبيزة، الأخرى تجد بقلة، أو السلق أو الزعتر، وهناك من تجد نباتات أقل شهرة مثل بيض أبو علي أو اللسان وغيرها من النباتات البرية الأخرى التي تشتهر بها فلسطين.
وأوضحت أن تلك الرحلة تكون محفوفة بالمخاطر فالطائرات المسيرة لا تغادر الأجواء، وتبقى فوق رؤوسهن، في بعض الأحيان تطلق النيران عليهن مما يصيبهن بالفزع وتتفرقن، وفي أحيان أخرى تكتفي بإرهابهن، مؤكدةً أنها تجبر على المخاطرة بنفسها فلديها 14 فرد من الأبناء والأحفاد يحتاجون للطعام كي يبقوا على قيد الحياة.
أطفال غزة يتسائلون هل سنموت جوعاً؟
وتحاول صابرة الزعانين، إخفاء الدموع في عينيها وهي تروي أنها في ذات مرة عادت خاوية اليدين فالتقطت الخشاش أي الحشيش الأخضر الذي ينمو في الأراضي والغير صالح للطبخ أو الأكل البشري، لتطبخه وتقنع أطفالها على أنها ملوخية ذات مذاق مختلف، مشيرةً إلى أنه في ذات الليلة أصيب الجميع بألم حاد في معدته استمر عدة أيام.
ورغم ما تمر بها من ظروف سيئة تتساءل صابرة الزعانين وهي مريضة سرطان وتحتاج للعلاج في الخارج لكن القوات الإسرائيلية تمنع خروجها كما تفرض قيودها على آلاف المرضى في قطاع غزة "متى سينتهي هذا البؤس؟ ماذا تفعل دول العالم هل هم سعداء كوننا نجوع ونعطش، ونباد أمام الكاميرات؟، تخلصت لبنان من الحرب وكذلك سوريا حتى الهند وباكستان، فمتى سيأتي دور غزة بالخلاص".
وناشدت جميع دول العالم "أن لم تستطيعوا إيقاف الإبادة الجماعية في مدينة غزة فليدخلوا الطعام والشراب للأطفال الذين يتضورون جوعاً في كل يوم"، مضيفة أنها سئمت من عدم قول الحقيقة للصغار في كل يوم وهم يسألونها متى سنأكل رغيف خبز ذات مذاق طيب؟ هل سنموت جوعى؟ متى سنتناول وجبة العشاء كما بقية أطفال العالم؟ وهي لا تدري متى سيأتي الفرج".
مناشدات تدعو إلى إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة
من جانبها قالت ليلى أبو كرش، إن المجاعة التي تضرب قطاع غزة في الوقت الحالي هي الأقسى في تاريخ فلسطين فحتى خلال أحداث نكبة عام 1948، أو في المرات السابقة خلال حرب الإبادة الجماعية لم تكن بتلك الوتيرة، مرجعةً ذلك إلى العدد الكبير الذي تم الزج به في مدينة غزة دون إمداده بما يكفي من الطعام والشراب.
ولفتت إلى أنه حتى النباتات والأعشاب البرية في الوقت الحالي من الصعب الحصول عليها، كونها تغذيها مياه الأمطار فهي تنمو في فصل الشتاء وتنتشر في أراضي الخلاء، محذرةً أنها تنمو بينها نباتات سامة وضارة أيضاَ لذا يجب توخي الحذر عند طبخها وغسلها جيداً كي لا تحدث الأمراض بالجسم.
وأكدت أنه على الفتيات اللواتي تجمعن الأعشاب الانتباه إلى الطريقة التي ستطبخن به النباتات البرية كونها ستؤثر على المذاق، لافتةً أن تلك النباتات مفيدة للمرضعات، لكنها غير كافية ولا تعتبر طبق طعام أساسي لذا تدعو إلى إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة في أقرب وقت لينتهي مسلسل الجوع الذي يعيش فصوله أهالي غزة منذ أكثر من عام ونصف.