عبر الكومينات استعادت المرأة مكانتها في المجتمع

مع انطلاق ثورة شمال وشرق سوريا والتي عُرفت بثورة المرأة استطاعت النساء في مقاطعة الشهباء الوقوف في وجه العادات والتقاليد البالية، وأثبتن مكانتهن ضمن الكومينات وعززن دورهن في المجتمع

روبارين بكر
الشهباء - ، بعد أن أصبحن الداعم الأساسي لحل مشاكل المرأة وتوعيتها من الذهنية المتسلطة.   
بعد معاناة المرأة في مقاطعة الشهباء من قيود العادات والتقاليد البالية المستهدفة لحريتها ومكانتها في المجتمع، تمكنت وتحت سقف فكر القائد عبد الله أوجلان من تحطيم هذه القيود وإثبات مكانتها بالعمل في الكومينات للعمل من أجل نفسها ومجتمعها.
يعتبر الكومين أهم نقاط مشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان وهو الحجر الأساسي للفيدرالية وبناء المجتمع المنظم، والذي أتخذه أهالي شمال وشرق سوريا أساساً لإدارة أنفسهم وسط الحرب السورية، وكانت المرأة عنصراً هاماً وفعالاً فيه وبوجودها ازدهرت الأعمال وما زالت تزدهر وينمو دور الكومينات في المجتمع بنمو دور المرأة.
زيارة النساء لكل منزل لحل المشاكل والقضايا المتعلقة بالمجتمع مشهدٌ مميز وملفت تشهده المقاطعة التي كانت محاصرة بالأفكار الرجعية وفترة من همجية داعش الذي سيطر عليها.
 
 
الرئيسة المشتركة في كومين الشهيد درويش بقرية الوحشية نهيدة مسلم (40) عاماً قالت "في بداية عملي بالكومين تعرضتُ لعدة صعوبات ومشاكل وأهمها عدم تقبل المجتمع لعمل المرأة في الكومين".
وكان المجلس التنفيذي لمنطقة الشهباء في البداية ينظم نفسه ضمن المجالس بعد التحرير من المجموعات الإرهابية، وبعد عدة أشهر تم البدء بتفعيل الكومينات والاعتماد عليها من أجل تنظيم كل منطقة لنفسها فافتتحت الكومينات في جميع القرى، وأكثر من كومين في الأحياء الكبيرة، وكان تفعيل أول كومين بالمقاطعة في قريتي كفر أنطون وتل عجار ببلدة تل رفعت ويطلق عليه أسم الشهيد شيار، ويوجد في مقاطعة الشهباء 28 كوميناً و8 منسقيات مشتركة بين الشهباء وعفرين، والمرأة مشاركة في جميع اللجان المفعلة في الكومينات. 
وحول العمل في الكومين قالت نهيدة مسلم "تجاوزتُ المشاكل من خلال التدريبات التي تلقيناها في الشهباء، تلك التدريبات جعلتني أطور نفسي وأثبت ذاتي في كومين قريتي، وأصبحت جميع النساء يلجأن إلينا لحل مشاكلهن العائلية والاجتماعية، ويوماً بعد آخر أصبح جزءاً كبيراً من أهالي الشهباء يتقبلون دور المرأة في الكومينات وتم اكتشاف هذا التقبل من خلال زيارتنا للمنازل".
وبينت أن هناك جزء من الأهالي ما يزال رافضاً لعمل النساء في الكومين "يوجد جزءاً قليلاً من الأهالي يرفض عمل المرأة في الكومينات وهذا يعود لاختناقهم بالعادات والتقاليد البالية، ولكن نحن العاملات في الكومينات نحاول وبكافة قوتنا أن نقضي على تلك المشاكل وذلك عبر التوعية وشرح ميثاق الكومين لهم، ونعرفهم على فكر القائد عبد الله أوجلان الذي أكد على حرية المرأة والتمتع بحقوقها ضمن المجتمع، وبأننا من خلال هذا الفكر نستطيع أن نحرر أنفسنا".
وفي ختام حديثها طالبت نهيدة مسلم من كافة النساء اللواتي ما زلنّ ضحية للعادات والتقاليد حيث ما تزال الذهنية الذكورية متسلطة عليهن أن يكسرن تلك القيود فلهن دور هام في المجتمع كما للرجل، مبينّة بأنها لن تتخلى عن عملها وستقف في وجه كافة العوائق لتسطيع أن تقف إلى جانب كافة النساء حتى وصولهن إلى حريتهن في المجتمع.
 
 
وحول دور المرأة في الكومين قالت الإدارية في لجنة الشؤون الاجتماعية بكومينات مقاطعة الشهباء شمال وشرق سوريا مجدولين شيخو (39) عاماً "شهدت الكومينات بالشهباء منذ بداية تأسيسها تطوراً كبيراً وفضل هذا التطور يعود إلى المرأة التي تعرضت إلى عدة صعوبات من قبل المجتمع فقاومت وتجاوزت كافة المشاكل لتثبت بأنها قادرة أن تدير الكومينات وقادرة أن تحل مشاكل مجتمعها".
وحول التغير الذي تعيشه المرأة بالمقارنة مع دورها قبل الثورة بينت مجدولين شيخو إلى أنه "قبل الثورة لم يكن للمرأة أي دور في مقاطعة الشهباء، فكان عملها ضمن المنزل، وحرمت معظم النساء من حقهن في التعليم، ولكن بعد الثورة والتعرف على المشروع الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان لكافة المكونات على أساس التعايش المشترك لعبت المرأة دوراً هاماً في الثورة والحياة الاجتماعية". 
عانى أهالي الشهباء من السياسات التي اتبعتها الأنظمة الحاكمة فالنظام السوري عمل على خلق الفتن بين المكونات المتعايشة فيها وذلك عبر محاولات تعريب الكرد، وفي ظل سيطرة مرتزقة داعش على مدن وبلدات الشهباء ما بين أعوام (2013 ـ 2015) مارسوا بحق الأهالي شتى أساليب التعذيب والظلم وحينها نزح الآلاف منهم إلى مقاطعة عفرين وتم افتتاح مخيمي الشهباء وروبار لإيوائهم. 
وأكدت مجدولين شيخو أن مشروع الأمة الديمقراطية وقف ضد الزواج المبكر للفتيات وكان له تأثير في مقاطعة الشهباء حيث قل عدد الحالات، "تميز عمل الكومين بأنه ميداني ولذلك كانت عضوات الكومين مطلعات على أحوال النساء وكن أقرب للأهالي وتعريفهم بمشروع الأمة الديمقراطية وحقوق المرأة وضرورة القضاء على العادات والتقاليد البالية ومنها زواج القاصرات".
وحول تفعيل لجان للمرأة ضمن الكومين بينت مجدولين شيخو أن "ضمن الكومين تم تفعيل لجان خاصة بالمرأة وهذه اللجان قادرة على حل مشاكل المرأة كالمشاكل الزوجية والفردية خارج نطاق الأسرة، وبات المجتمع أكثر تقبلاً لعمل المرأة".
وتحررت مقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا على يد قوات سوريا الديمقراطية في عام 2016 وعليها عاد الآلاف من الأهالي إلى مقاطعتهم وبدأوا بتنظيم أنفسهم وفق الحياة الكومينالية، وكانت المرأة هي السباقة في تشكيل مراكزها.
 
 
أما خولة محمد (35) عاماً وهي من أهالي قرية الوحشية بشمال وشرق سوريا قالت عن دور المرأة في الكومين والمساعدات المعنوية التي تقدمها العاملات للأهالي "العاملين في الكومين يلعبون دورهم بين جميع شرائح المجتمع، ويقفون إلى جانب الشعب وحسب الإمكانيات يحاولون تجاوز المشاكل والقضاء عليها". 
وأضافت "المرأة في الكومين لها دوراً هام أكثر من الرجل، كون مجتمعنا لن يتقبلها فهي أثبتت لهم بأنها تستطيع أن تكون قدوة في كومين قريتها، وعندما نتعرض للمشاكل نلجأ إلى كومين قريتنا ونرتاح أكثر بالتعامل مع امرأة مثلنا".
وفي الختام أكدت خولة المحمد وقوف العاملات في الكومين إلى جانبها ومساعدتها عندما تعرضت لمشكلة عائلية "تعرضتُ في أحد الأيام لمشكلة عائلية والرئيسة المشتركة في كومين القرية ساندتني واستطاعت إيجاد حل لمشكلتي دون أن احتاج أحداً لهذا نعتبر الكومين ملجأ لنا في القرية".