تنتظر تعيينها منذ 15 عاماً!

يعد المعلمون الذين لم يتم تعيينهم من أكبر ضحايا نظام التعليم في تركيا. فنظراً لأن الفجوة بين عدد المعلمين المتخرجين وبين من يتم تعيينهم كبيرة جداً، يبقى آلاف المعلمين عاطلين عن العمل أو ينتظرون التعيين كل عام

تنتظر سيبل ساري التي أُجبرت على العمل في معاهد التعليم الخاصة منذ سنوات. تخرجت سيبل من قسم التاريخ في كلية الجغرافيا والتاريخ بجامعة أنقرة منذ 15 عاماً، ولكنها تدرّس بالساعات في المعاهد الخاصة وتقول "كان منزلي ومعهد التعليم قريبين من بعضهما البعض. ذات يوم، وأنا في طريقي للذهاب إلى المعهد رأيت الأشجار خضراء. لكنني لم ألاحظ ذلك منذ فترة طويلة. في ذلك اليوم قررت أن الحياة ليست مجرد عمل. كنت غريبة عن نفسي وعن الطبيعة وعن الناس أيضاً".
 
ألز ياغمور
أنقرة ـ . سيبل ساري هي واحدة منهم. تعمل في القطاع الخاص منذ سنوات بسبب عدم تعيينها، وبينت أن هذه هي حالها منذ 15 عاماً.
تسأل سيبل ساري التي لم يتم تعيينها بسبب قلة عدد الشواغر في القسم الذي تخرجت منه؛ "كيف سيتم التعامل مع هؤلاء الضحايا؟" وأوضحت أنها تدافع عن التعليم العام لكنها مجبرة على العمل في القطاع الخاص وأشارت إلى أنه بالرغم من وجود نقص كبير في عدد المعلمين إلا أنه لا يتم تعيين العدد الكافي منهم، وقالت "لهذا السبب حُكم علينا بالتدريس في القطاع الخاص والمعاهد التعليمية".
كما أشارت إلى أنها قضت حياتها في الإسكندرون وأعدت نفسها للامتحان في ظل ظروف صعبة، وأوضحت أنها تخرجت من المدرسة الثانوية، ودرست بدعم من أختها وجهودها، ودخلت الجامعة ودرست في القسم الذي اختارته بنفسها.
 
"امتحان KPSS ظالم"
ذكرت سيبل ساري أنه منذ عام 2006 لم يتم تعيين العديد من الأشخاص في قسم التاريخ "سبب عدم التعيين هو النظام. حصلت على 82 درجة في امتحان KPSS ولكن لم يتم تعييني. كما لم يتم تعيين أصدقائي الذين حصلوا على 92 درجة. لا يمكن أن يحصل المؤرخ المختص الذي لم يدرس الرياضيات على 100 درجة فكيف لنا الحصول على بضع نقاط. ولا يمكن للمؤرخ الحصول إلا على 90 نقطة كحد أقصى. ولا أعرف ما يكفي للتعيين. ما يسمى KPSS ظالم، فأنا مؤرخة ولم أدرس الرياضيات أبداً في المدرسة، ولكن تم سؤالي عن الرياضيات في امتحان التعليم العلمي الذي قدمته أعلاه. ليس لهذا الامتحان أي علاقة باختصاصي. يجب أن يكون الامتحان متعلقاً بالقسم الذي درسته. لقد تلقينا بالفعل محاضرات ومعلومات قيمة في الجامعة وقمنا بحفظها. لكن إذا ما كانوا يسألوننا أسئلة تتعلق بتعليمهم العلمي، عندها سيكون هناك مشكلة".
 
"أشعر وكأنني عبدة"
أشارت معلمة التاريخ سيبل ساري أنها عملت في العديد من المعاهد التعليمية، معبرةً عن مشاعرها "عندما كنت أدرس في المعهد، شعرت وكأنني عبدة. المعاهد التعليمية لديها نظام يزعج المرء ويستنفذ قواهم. فالوقت هو جزء من العقد. وساعات العمل متروكة تماماً لقرار صاحب العمل وهي طويلة جداً".
تعكس ملاحظات سيبل ساري ظروف العمل الصعبة للمعلمين الذين يعملون في المعاهد التعليمية الخاصة بسبب عدم تعيينهم.
 
"ساعات العمل في المعهد طويلة جداً"
أشارت سيبل ساري إلى أنها تعمل 12 ـ 13 ساعة في اليوم وأن تأمينهم منخفض جداً، وأوضحت الصعوبات التي يواجهها المعلمون الذين لم يتم تعيينهم في المعاهد التعليمية الخاصة ""في المعاهد التعليمية على وجه الخصوص، يعطي المعلمون كل أسبوع الدروس المنصوص عليها في عقودهم والحد الذي تحدده اللوائح، ويذهبون إلى الفصول الدراسية الإضافية وغالباً لا يتلقون أجوراً على الدروس الإضافية التي يعطونها ولا حتى أي تقدير على جهودهم المبذولة. ومن ناحية أخرى، لا يتقاضى المعلمون عادةً رسوماً مقابل الكتب والأسئلة والكتيبات التدريبية التي يعدونها".
وأضافت "لا تنطبق ظروف عمل معلمي المعاهد التدريسية بالفعل مع عقود العمل. فساعات العمل طويلة جداً. نحن نأخذ يوم عطلة واحد في الأسبوع. ويعتمد تأميننا على الحد الأدنى للأجور. يتم دفع الأموال المتبقية نقداً. المعاهد توظف المعلمين تحت اسم المتدرب، حيث يوظفون خاصة الأصدقاء الشباب الذين توكل إليهم العديد من المهام مقابل تقاضيهم 1500-2000 ليرة تركية فقط. وبعد سنوات، لم يتجاوز أعلى أجر يتم دفعه حتى الحد الأدنى للأجور. ولأنه قطاع خاص، هناك ضغط مستمر وتهديد بالطرد من العمل. يعمل المعلمون المتدربون 12 ساعة في اليوم. أُجبر الكثير منهم على التخلي عن فترات تدريبهم أو التخلي عن العمل".
وتابعت "عندما يعود المرء إلى المنزل بعد فترة، لا يريد سماع أي صوت لأنه متعب. فالنظام يعزلك كثيراً ويتركك وحيداً. بعد فترة، تدرك أنه لا يمكنك تخصيص وقت لنفسك. لا يمكنك قراءة الكتب التي تريدها. لا يمكنك مشاهدة الأفلام التي تريدها. كنت قد تزوجت حديثاً عندما بدأت التدريس في المعهد. لم أستطع حتى قضاء الوقت مع زوجي. كنا نقضي كل وقتنا في العمل بالتدريس. في نفس الوقت، كنت أعود إلى المنزل وأعد الأسئلة للامتحانات التجريبية التي ستجري في نهاية الأسبوع. بالطبع هذه كانت خارج أوقات العمل".
 
"لم ألاحظ صفاء السماء بسبب العمل"
وضحت سيبل ساري أن النظام يجعل المرء غريباً وروت حكاية عن حياتها "كان منزلي ومعهد التعليم قريبين من بعضهما البعض. ذات يوم، وأنا في طريقي للذهاب إلى المعهد رأيت أن الأشجار كانت خضراء. لكنني لم ألاحظ ذلك لوقت طويل. في ذلك اليوم قررت أن الحياة ليست مجرد عمل. لقد كنت قد أصبحت غريبة جداً عن نفسي وعن الطبيعة وعن الناس أيضاً. في ظروف العمل الصعبة تلك، لم أقم بزيارة أحد الأصدقاء أو الأقارب لفترة طويلة. لم ألاحظ حتى صفاء السماء، كانت الشمس مشرقة لكنني لم أكن مهتمة. كنت أرغب في إنهاء دروسي لمدة 10 ساعات والعودة إلى المنزل في أقرب وقت ممكن للراحة والاسترخاء. للأسف معظم المعلمين العاملين في القطاع الخاص يعانون ويعيشون في هذه الظروف".