اليوم الدولي للاعنف أقوى قوة في متناول البشرية

كان الثاني من تشرين الأول/أكتوبر يوماً عادياً لكن الحروب والنزاعات خلفت الكثير من العنف وقمع الحريات وخوض الصراعات وانتهاك الحقوق الإنسانية ولا سيما الحقوق المدنية، ذلك ما شرع لهذا اليوم ليكون دولياً

مركز الأخبار ـ .
العنف طريقة مؤقتة لمواجهة المشاكل وحلها كما أنها أصبحت طريق غير صالحة خصوصاً مع التطور الثقافي والعسكري الذي منع الدول الكبرى من التحارب فيما بينها بسبب ترسانتها النووية التي ستؤدي إلى إفناء كل الأطراف في حال استعمالها.
ولعل اللاعنف تميز عن غيره من أساليب الدفاع عن القضايا السياسية أو الاجتماعية حيث يتم اللجوء فيه إلى تحكيم العقل، كما أنه لا يحتاج لخسائر بشرية أو مادية وبالمقابل يتم الحصول على أفضل النتائج وبأقل الإمكانيات والجهود.
تبنت العديد من الحركات السياسية والاجتماعية لا سيما التي تدعو للسلام، فلسفة اللاعنف لإعلان رفضها الحرب كوسيلة لحل الخلافات وتعميم مفهوم الحوار والمفاوضات طبقاً لقواعد القانون الدولي، فيما تتخذ الحركات النسوية من اللاعنف وسيلة لتحصيل حقوق النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين.
 
يوماً دولياً
منذ عام 2008 يحتفل سنوياً باليوم الدولي للاعنف بعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحادية والستين التي عقدت عام 2007 أن يوم ميلاد مهاتما غاندي زعيم حركة استقلال الهند يوماً عالمياً للتسامح، كما أنه يوم مهم لنشر رسالة اللاعنف عن طريق التعليم وتوعية الجمهور، بالإضافة للرغبة في ترسيخ ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف لفض النزاعات ومكافحة العنف بكافة أشكاله.
لم يكن القرار فردياً بل قدمته 140 دولة للتصويت عليه وهو أول مشروع قرار يعرض من قبل هذا العدد من الدول على الجمعية العامة، ويعزا هذا الإجماع إلى أهمية فلسفة اللاعنف التي تعتبر بحسب مهاتما غاندي أقوى قوة في متناول البشرية، حيث رأى أن مواجهة العنف بالمقاومة اللاعنفية التي تجمع بين الغايات والوسائل الشريفة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام بعيداً عن العنف والكراهية.
وعرفت منظمة الصحة العالمية العنف بأنه الاستعمال المتعمد للقوة الفيزيائية المادية أو القدرة سواءً بالتهديد أو الاستعمال المادي الحقيقي ضد الذات أو شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع، بحيث يؤدي إلى حدوث إصابة أو موت أو إصابة نفسية أو سوء نمو أو حرمان.
وبترسيخ مفهوم اللاعنف تسعى الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وذلك من خلال تعزيز حقوق الإنسان والعمل على حل النزاعات بالوسائل السلمية، بالإضافة للقضاء على العنف ضد المرأة وبناء الجسور بين الثقافات ومكافحة الكراهية والتطرف، كما أن العديد من المواثيق والمرجعيات الدولية أكدت على نبذ العنف، فالبند السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030 ينص على "السلام والعدل والمؤسسات القوية"، ويشجع على وجود المجتمعات السلمية الشاملة للجميع، والهدف الخامس يسعى لـ "تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات".
 
المقاومة اللاعنفية والحركات النسوية
ويرفض مبدأ اللاعنف المعروف باسم المقاومة اللاعنيفة، استخدام العنف الجسدي لتحقيق تغيير اجتماعي أو سياسي، ويعد هذا الشكل من أشكال الكفاح الاجتماعي يوصف بسياسة الناس العاديين المتبنى من قبل الناس في مناطق مختلفة من العالم خلال حملات ترمي لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعلى الرغم من استخدام مصطلح اللاعنف كمرادف لمذهب السلام إلا أن كثير من الحركات الداعية لتغيير المجتمع مع عدم معارضتها الحروب استخدمت مصطلح اللاعنف منذ منتصف القرن العشرين.
أما الحركة النسوية فهي من أبرز الحركات المدنية التي تدعو للثورة على المفاهيم المجتمعية المغلوطة التي تستهدف المرأة وتسعى للتقليل من شأنها. وتعمل بشكل دؤوب دون عنف لتحطيم الذهنية الذكورية بشكل سلمي. 
وبحسب أحد المختصين بقضايا المقاومة اللاعنفية تم تعريف العمل اللاعنفي على أنه أسلوب يستطيع فيه الناس الذين يرفضون السلبية والخضوع، أن يخوضوا صراعاتهم بدون عنف، كما أنه ليس محاولة لتجنب أو تجاهل الصراع بل هو استجابة لإمكانية العمل خصوصاً باستخدام القدرات بفاعلية، كما عرف بحسب الموسوعة السياسية على أنه سلوك أو تحرك سياسي يتميز بغياب كل تصرف عنيف، وأنه وسيلة من وسائل العمل السياسي والاجتماعي يحاول أن يجعل قوة الضعيف وملجأه الأخير مرتكزاً على إثارة الضمير والأخلاق لدى الخصم أو على الأقل الجمهور الذي يحيط به، ويرمي إلى ترجيح كفة الحق والعدالة.
وتم تقسيم العمل اللاعنفي لثلاثة أقسام الأول يبدأ بالاحتجاج ومن ثم الإقناع بعدالة المطالب ووجاهة الأهداف وقانونية وشرعية الوسائل كالمسيرات والاعتصامات، والثاني يتجسد برفض التعاون مع السلطات بهدف نزع الشرعية عنها وشلل أجهزتها ومؤسساتها كالعصيان المدني الذي يتسم بالسلمية، أما القسم الثالث فيكون بمحاولة السيطرة على الأماكن والمواقع من خلال مواجهة بشرية لاعنفية ضد استخدامات العنف كالدروع البشرية والاقتحامات السلمية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة عام 2020 أن وقف إطلاق النار يخفف من شدة المعاناة الإنسانية ويساعد على الحد من خطر المجاعة، كما أنه يمهد السبيل أمام مفاوضات السلام، وقد تم وضع منحوتة المسدس المعقود الفوهة بمقر الأمم المتحدة في العاصمة نيويورك، رمزاً للاعنف وهو تمثال من صنع الفنان السويدي كارل فريدريك رويترزوارد.