'البرامج الاجتماعية لدعم النساء فشلت في الحد من البطالة في صفوفهن'

كشفت بعض الدراسات والأرقام أن العديد من الأسر المغربية أصبحت تعيلها النساء، ورغم الجهود التي بذلت من أجل تمكينهن اقتصادياً، عبر مجموعة من البرامج والمخططات التنموية الرامية إلى تعزيز قدراتهن وتشجيعهن على إنشاء مشاريع مدرة للدخل.

رجاء خيرات

المغرب ـ بحسب التقرير الذي صدر على ضوء نتائج الإحصاء الأخير للسكان والسكنى في المغرب، فإن نسبة الأسر التي تعيلها النساء انتقلت من 16.2 في المائة عام 2014 إلى 19.2 في المائة عام 2024.

يعكس ذلك وقوع تطورات ملحوظة في الأدوار الاجتماعية والاقتصادية للنساء، كما يظهر بشكل أوضح في الوسط الحضري حيث تصل نسبة الأسر التي تعيلها نساء 21.6 في المائة مقارنة بالوسط القروي الذي تبلغ فيه النساء المعيلات 14.5 في المائة.

رغم الجهود التي بذلها المغرب في مجال التمكين الاقتصادي للنساء، من خلال إطلاق مجموعة من البرامج الحكومية لدعم النساء وتعزيز قدراتهن مثل برنامج "أوراش" الذي استفادت منه 42 في المائة من النساء، وبرنامج "إدماج" الذي بلغت نسبة المستفيدات فيه 61 في المائة، وبرنامج "تحفيز" بنسبة 32 في المائة، وبرنامج "تأهيل" بنسبة 40 في المائة، إلا أن المغرب لازال يحتل المرتبة 136 من أصل 146 دولة فيما يتعلق بنسبة النساء النشيطات‫.

وقالت الناشطة الحقوقية والنائبة بمجلس المستشارين زهيرة محسن، إن "طرح إشكالية النساء والتمكين الاقتصادي خصوصاً في الشق المتعلق بالبرامج الحكومية "أوراش" و"إدماج" و"تأهيل" وغيرها من البرامج التي أطلقت لدعم النساء وتمكينهن اقتصادياً، يحيلنا إلى الحديث على مدى تأثير هذه الأوراش ومساهمتها في الحد من البطالة بشكل عام، ثم الحديث عن مدى ملاءمتها في حل إشكالية تمكين النساء اقتصادياً وخلق أثر إيجابي على النساء وبالتالي على الاقتصاد الوطني ككل، حيث كشفت الأرقام والدراسات أن هذه البرامج برمتها لم تستطع أن تحقق الغاية التي أنشأت من أجلها".

وأضافت ‫"إن تلك البرامج هي برامج غير مستديمة ومرحلية وبدون أفق وتغيب فيها المواكبة، كما أن الإمكانيات المالية المرصودة لها محدودة، ولا يمكنها أن تخلق مناصب عمل حقيقية بل هي إجراءات محدودة في الزمان والمكان، وبالتالي فآثارها الاقتصادية محدودة جداً وبعيدة الاستدامة‫".

واعتبرت أن هذه البرامج لا يمكنها أن تحقق تمكيناً اقتصادياً ناجعاً للنساء، مما يجعل معدل البطالة بشكل عام في ارتفاع، لافتة إلى أن هذه البرامج هي برامج للإنعاش الوطني، لكن بصيغة أخرى، ومن ثم فهي لم تعمل إلا على تعميق الهشاشة وسط الشباب والنساء‫.

وبشأن النسب المهمة لانخراط النساء في هذه البرامج من أجل الاستفادة منها، أوضحت أن النساء هن أكثر عرضة للهشاشة، وبالتالي فبالرغم من النسب المسجلة في الاستفادة فهي غير ذات المعنى لأن أصل البرامج نفسها هشة، ومن ثم فهي لن تفيد في تمكين اقتصادي حقيقي للنساء مما يجعل النتيجة هي تواجد المغرب في المرتبة 136 من أصل 146.

كما أكدت على أن التمكين الاقتصادي رهين بسياسات عمومية تراعي مقاربة النوع الاجتماعي بهدف خلق فرص حقيقية لتمكين النساء على عدة مستويات‫.

وشددت على أهمية التدريب المستمر في كل المهارات التي يتطلبها سوق العمل، حيث أن أغلب المستفيدات من هذه المشاريع التمويلية الصغرى لا يتوفر على المهارات اللازمة والتدريب الذي يخول لهن إنشاء مقاولات وتدبيرها‫.

وبشأن التمويلات وصعوبة الحصول عليها، دعت زهيرة محسن إلى تسهيل حصول النساء على القروض والتمويلات الصغرى والتمويل التعاوني، مؤكدة على دعم المبادرات البنكية التي تستهدف المقاولات النسائية، وإنشاء صناديق استثمار مخصصة لريادة الأعمال النسائية.

ومن أجل تعزيز دور النساء في الانخراط في التنمية وإنعاش الاقتصاد الوطني، ركزت على أهمية مواكبة النساء في مجالات ريادة الأعمال والابتكار، ودعم المقاولات النسائية والتعاونيات، داعية إلى تقديم دعم تقني ومالي للتعاونيات النسائية والمقاولات الصغرى والمتوسطة، وذلك من خلال فتح آفاق تسويق المنتجات عبر المنصات الرقمية وتشجيع المشاركة في المعارض الوطنية والدولية‫.

ولتجاوز الاختلالات والتفاوتات الاجتماعية وكذلك نفور العديد من النساء من ولوج عالم المقاولة بسبب التدابير الإدارية المعقدة، مؤكدة على ضرورة تسهيل الإجراءات الإدارية في وجه النساء، من أجل تمكينهن من إنشاء المشاريع النسائية وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني‫، وتعزيز دور النساء في الاقتصاد عبر دعم المشاريع المجتمعية.  

ولفتت إلى أهمية القطاع التعاوني في المغرب، والذي تحتل فيه النساء نسبة مهمة، خاصة في مجال الصناعة التقليدية وبعض الأنشطة الفلاحية المدرة للدخل، رغم التحديات التي تواجه النساء في هذا المجال، وعلى رأسها مشاكل التسويق‫.

وفي ختام حديثها دعت الناشطة زهيرة محسن إلى ربط التعاونيات النسائية بشبكات التوزيع والتسويق وخلق بيئة قانونية ومؤسساتية داعمة، مطالبة بمراجعة القوانين والتشريعات التي تعيق انخراط النساء في المجال الاقتصادي‫.