'الأجندات التي تنخرط بها المرأة تجعلها أكثر تنظيماً'
انخراط المرأة في العمل ودخولها في مجموعات منظمة يكسبها العديد من المهارات والأدوات التي تفتقدها غيرها من النساء
أسماء فتحي
القاهرة ـ انخراط المرأة في العمل ودخولها في مجموعات منظمة يكسبها العديد من المهارات والأدوات التي تفتقدها غيرها من النساء، مما يجعلها الوجه الآخر لهن والأكثر قدرة على الوصول بصوتهن للجهات الفاعلة، وقد يجهل الكثيرون فضل التواجد في مجموعات منظمة حول أفكار بعينها سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو ذات بعد اقتصادي.
مع اقتراب الاحتفال باليوم العالمي للمرأة وكذلك الاحتفال المحلي في مصر سنسلط الضوء على الفرق بين المرأة المنظمة وغيرها سواء على مستوى الأفكار أو في إدارة شؤونها، كما سنرصد بعض الآراء التي لا ترى أن تلك الفروقات مؤثرة بل أن لكل منهن دور قوي في محيطه وتأثير سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع وكلاً منهم يكمل الآخر ويساعده.
قالت المحامية تغريد أنور، التي تعمل على قضايا المرأة والطفل، أن الانخراط في العمل السياسي في أحزاب أو مؤسسات أو غيرها من المجالات يتيح للنساء الكثير من الامتيازات التي تساهم في ثرائهم على مستوى التنظيم تحديداً، لأن لكل مؤسسة أو كيان أجندته وأفكاره ومبادئه الخاصة التي تعمل المجموعات المنظمة وفقاً لها، وبالتالي تتأثر المرأة المتواجدة في هذا التجمع بهذا التوجه فتصبح أفكارها وطريقة عملها منظمة ومرتبة إلى حد كبير.
واعتبرت أن المرأة المنظمة تستطيع أيضاً أن تساعد غيرها من خلال قدرتها على التواصل مع صناع القرار والجهات الفاعلة، كما أن أي عمل منظم في أغلب الأوقات يكون أكثر إثماراً على أرض الواقع، وله نتائج ملموسة.
وأكدت تغريد أنور أن عدد كبير من المؤسسات رغم الحروب التي تمارس عليهم من المجتمع بأفكاره وثقافته وعاداته وتقاليده، تؤدي عملها بشكل جيد في دعم النساء على مختلف المستويات، خاصة مؤسسات المجتمع المدني.
ولفتت تغريد أنور إلى أن الانخراط في نقابات أو مؤسسات أو في أحد مجالات العمل العام يساعد بشكل كبير النساء في التعبير عن ذواتهم، ويحتوي العديد من قضاياهم التي تفاقمت، ومنها التحرش على سبيل المثال فقديماً لم تكن الفتاة تمتلك الجرأة للتحدث عن هذا الفعل، أما الآن بفضل العمل على ذلك الملف أصبحت قادرة على انتزاع حقوقها والتبليغ عمن اعتدى عليها.
المرأة المنظمة تمكنت من خلق اختلاف كبير
وبدورها قالت سامية زكي التي تعيش بمحافظة نجع حمادي في صعيد مصر ولديها 5 أبناء، أن الوضع في صعيد مصر شائك والمرأة المنظمة هناك التي تخرج لعملها أو تشارك في العمل العام من خلال التواجد بنقابة أو حزب أو حتى في روابط اجتماعية تستطيع تحقيق ما لا يمكن لغيرها أن تراه في أحلامها.
وأكدت سامية زكي أن النساء في الصعيد لا يوجد أمامهم متنفس سوى الوظيفة التي يعملون بها، فتلك المرأة إلى حد كبير تستطيع الدفاع عن حقوقها التي تعلمها جيداً ولا تفرط في مكتسباتها بسهولة، مشيرةً إلى أن بعض النساء لا يرضخن للعادات المتجذرة ثقافياً في هذا المجتمع المنغلق إلى حد كبير.
وروت لنا سامية زكي جانب من حياة المرأة في الصعيد "بعض النساء تمكن من الخروج والعمل إلا أنهم يقعون تحت طائلة مجموعة من القيود التي تحول دون قدرتهم على الترقي والتصعيد في العمل أو حتى ممارسة الأنشطة المختلفة وتتعرض الكثير من النساء لضغط من قبل الذكور حولها سواء كان زوج أو أخ أو حتى مجرد واحد من الأقرباء لأنها تكسر الحالة السائدة والمناخ القائم".
أما عن وضع المرأة القابعة في بيتها وفق ما تراه سامية ذكي، فهي تكاد تكون مغيبة عما يحدث في المجتمع ومغلوبة على أمرها إلى حد كبير وقد تسلب منها الحياة في خدمة الزوج والأولاد وإن كانت حاصلة على شهادة ومؤهل عالي، معتبرة أن أقصى ما يمكن أن تقوم به هو الذهاب للنادي.
ولكن سامية ذكي ترى أن تعرض المرأة للعنف لا يختلف وضعه في الصعيد بالنسبة للمرأة المنظمة أو ربة المنزل، مؤكدة أن النساء بتن أكثر قوة في رفض العنف البدني، ولا تتعدى نسبة العنف حالياً الـ 25%، إلا أن ذلك يعود لمؤسسات المجتمع المدني والجمعيات النسوية على وجه الخصوص لأن الوضع قديماً لم يكن كذلك حيث كانت المرأة تقبل في صمت ما يحدث لها من تعنيف أو انتهاك لفظي وبدني، إلا أن تلك المؤسسات ساهمت إلى حد كبير في تحرير المرأة ورفضها لسلطة الرجل وممارساته السيئة.
ومن جانبها ترى محاسبة وعضو الاتحاد العربي للنقابات فاطمة عدلي عثمان، أن هناك فرق كبير بين المرأة التي تنتمي لنقابة أو حزب وغيرها، فهي تطلع على أحوال مجتمعها وتعي جيداً القوانين المحلية وجانب من القضايا الدولية المطروحة على الساحة، وتلك التي تجلس في المنزل مهما كانت درجتها العلمية فوعيها وإدراكها لمسار الحياة العامة أقل ويكاد يكون منعدم في كثير من الأحيان.
أما عن التفاعل مع قضايا العنف، قالت فاطمة عثمان أنها تحدثت عنه تفصيلاً في أحد المؤتمرات التي حضرتها بعمان وتلى عملها ضمن مجموعات على الاتفاقية 190 التي تكثف الجهود خلال العامين الماضيين على قبول الحكومة المصرية بها والتصديق عليها لما لها من دور في الحد من ظاهرة العنف.
وللمجتمع تأثيره في أشكال العنف الممارس ضد النساء بحسب فاطمة عثمان، فلكل مكان تقاليده والكثير منهم يحولون دون تمكين المرأة من المطالبة بحقوقها، مؤكدة أن النساء المنظمات يعملن على دعم بنات جنسهن ممن لا يستطعن الوصول لقنوات الاتصال لنيل حقوقهن بالطرق التي تناسبهن.
وأكدت فاطمة عثمان، أن مستوى وعي المجتمع في الوقت الحالي بقضايا النساء وحقوقهم تقدم بنسبة تصل لنحو 70% نتيجة الجهود المبذولة سواء من المرأة المنظمة وما تقدمه من أدوار مختلفة أو للمؤسسات النسوية والنقابات والمجتمع المدني بشكل عام.