'ابني أحمد دافع عن كرامته ولم يتخلى عن رفاقه'

شهر آذار/مارس هو شهر المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الكردي بهدف إبادته والقضاء عليه، كما حصل في مجزرة 12 آذار/مارس في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا

قالت عيشان بركات، والدة أحمد أحد الشبان الذين حضروا مباراة فريق الجهاد والذي فقد حياته برصاص النظام السوري في الملعب يوم 12 آذار/مارس، "لا زالت نيران تلك الانتفاضة تحرق قلبي حتى الآن".

روج هوزان

قامشلو ـ شهر آذار/مارس هو شهر المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الكردي بهدف إبادته والقضاء عليه، كما حصل في مجزرة 12 آذار/مارس في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا، وكذلك 16 آذار/مارس في حلبجة بإقليم كردستان، وأخيراً 18 آذار/مارس في عفرين بشمال وشرق سوريا. الشعب الكردي الذي وقف بحزم ضد كل مجازر الإبادة هذه، جعل من كل هذه الأيام وسيلة لتصعيد النضال من أجل الحياة المشتركة لجميع المكونات. إحدى الأمهات اللواتي لا زالت تخفي في قلبها ألم فقدان ابنها في تلك المجزرة، منذ ذلك اليوم وحتى يومنا الراهن، تصدت بدون تردد للاحتلال، هي الأم عيشان بركات والدة أحمد من حي الهليلية في قامشلو. نجلها أحمد أحد شهداء 12 آذار/مارس، قاتل حتى النهاية ضد أسلحة النظام السوري ودافع عن شرفه. أحمد كان شاباً كردياً يبلغ من العمر 25 عاماً، أحب مشاهدة مباريات كرة القدم، ومثل جميع أصدقائه كان أحد مشجعي فريق الجهاد الكردي في 12 آذار. عندما اندلع الشجار في الملعب، ذهب والد أحمد لإعادته إلى المنزل، لكنه رفض العودة مع والده وفقد حياته في الملعب برصاصة أطلقها النظام السوري. كلما حل تاريخ 12 آذار تقف والدة أحمد أمام باب الدار تنتظر قدوم ابنها إلى المنزل وتتذكر آخر لحظة رأتها فيه. عيشان بركات تحدثت لنا حول الموضوع وحول الألم الذي عانته في ذلك اليوم.

 

"نظرت لأثره حتى غاب عن نظري"

وعن يوم خروج ابنها أحمد من المنزل عندما توجه إلى الملعب قالت عيشان بركات "في كل مرة أتذكر فيها يوم 12 آذار، يمتلئ قلبي بموجة جديدة من الألم. في ظهر ذلك اليوم عاد أحمد إلى المنزل وأخبرني أن هناك مباراة كرة قدم سأذهب إلى الملعب، وبدأ بالاستعداد للذهاب. قبل الخروج من الدار نظر خلفه عدة مرات وعانقني. في ذلك اليوم خرجت معه إلى باب المنزل، ونظرت لأثره حتى غاب عن عيني. جلست أمام الباب وشعرت بانقباض في قلبي، وهكذا كنت أدخل المنزل وأعود مرة أخرى إلى الباب بانتظار عودته، ولكنني لم أكن أعلم أنني لن أراه مرة أخرى. بعد أن وصلني الخبر عن وجود شجار في الملعب بين الكرد والعرب، طلبت من والد أحمد الذهاب إلى الملعب وإعادة أحمد على الفور. ذهب والده وطلب منه العودة إلى المنزل، لكنه لم يستجب لوالده وشارك في الشجار. وقال الوالد أن أحمد قال له 'لن أعود إلى المنزل وسأدافع عن شرفي'".

 

"عندما وصلت إلى الملعب لنجدة أحمد كانوا قد نقلوه إلى المشفى"

تتذكر عيشان بركات اللحظات الأولى عندما وصلت إلى الملعب وقالت "عندما عاد والده خالي الوفاض، قلت إنني سأذهب وأحضره. عندما وصلت إلى الملعب وجدت أنهم ارتكبوا مجزرة بحق الشباب الكرد، وكانت الدماء تسيل على الأرض. ذهبت لنجدة أحمد لكنه نُقل إلى المستشفى. في تلك اللحظات، لم يكن الناس يعرفون بعضهم البعض، كان الجميع يسأل عن ابنائهم وكان الرصاص ينهال مثل المطر على رؤوسنا. الحزن على الكرد أحرق قلبي، ومن ناحية كان قلبي يحترق على ابني. وصلت إلى مستشفى عزيز فرمان في قامشلو لكنهم لم يسمحوا لي بالدخول إلى المشفى، ابنه عمة أحمد تمكنت من المرور عبر الحشود ووصلت إلى داخل المشفى، وفجأة سمعت صراخها وهي تقول لقد رحل أحمد. عندما سمعت اسمه كأن خنجراً غرز في كبدي وأغمي علي. نعم كنت أنتظر أحمد لكن أحمد ودّعني عندما خرج من المنزل. وفي اليوم التالي، تم تشييع جثمان أحمد ورفاقه أمام مسجد قاسمو، حيث فتح النظام السوري النار مرة أخرى على المشيعين، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المواطنين. لا يستطيع المرء الحديث عن ذلك اليوم بسهولة. ما زلت أشعر بالبرد يوم 12 آذار، ومع ذلك أخرج إلى أمام باب الدار وأتذكر لحظة وداع أحمد وانتظر عودته".

 

"لا زالت نيران تلك الانتفاضة تحرق قلبي حتى الآن"

بالتزامن مع الذكرى السنوية لانتفاضة 12 آذار/مارس، أعربت عيشان بركات عن تعازيها لأسر الشهداء، واختتمت حديثها بالقول "في الذكرى الثامنة عشرة لانتفاضة 12 آذار أقول صحيح أنني فقدت قطعة من كبدي، لكنني لست نادمة، لأن ابني دافع عن الكرامة الكردية ورفض العودة الى البيت مع والده حتى استشهد. لا زالت نيران تلك الانتفاضة تحرق قلبي حتى الآن. ابني أحمد شهيد في سبيل قطع سلاسل عبودية الشعب الكردي، وجسراً لانبعاث الحرية. في الذكرى الثامنة عشرة لانتفاضة 12 آذار، أقدم التعازي لأسر الشهداء وسألتزم بذكرى أحمد ورفاقه ما دمت على قيد الحياة".

 

https://1128498596.rsc.cdn77.org/video/10-03-2022-eysan-berekat-dayika-sehid-ahemd-12-adare%20%281%29.mp4