ناشطة تؤكد أن النساء بحاجة لقانون يضمن حقوقهن بعد الطلاق في المدونة المرتقبة

أكدت الناشطة بهيئة مراكش زهيرة هيدان على ضرورة وجود قانون يحمي النساء من الحيف الذي يطالهن بسبب حرمانهن من نصيبهن في الممتلكات المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية.

رجاء خيرات

المغرب ـ يعد اقتسام الممتلكات واحدة من الإشكالات المطروحة في التعديل المرتقب لمدونة الأسرة بالمغرب، حيث تعد النساء أكثر ضحاياه بعد حدوث الطلاق بين الزوجين.

بعد انتهاء الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة ورفعها لملك البلاد، تمت إحالتها إلى المجلس العلمي الأعلى للنظر في البنود ذات الصلة بالشريعة الإسلامية قبل صدور صيغتها النهائية التي تتطلع لها الهيئات الحقوقية والنسوية بالمغرب، ومن بين المواد التي تطرح إشكالات كبيرة هناك المادة 49 التي تنص على أنه "لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الأخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام العلاقة الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها، حيث يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج".

 

"الكد والسعاية" و "حق الشقا" أعراف تمنح النساء حقهن في الثروة المكتسبة

تقول الناشطة الحقوقية والمحامية بهيئة مراكش زهيرة هيدان إن "النساء تساهمن في تنمية الثروة المتعلقة بالأسرة، وإن كانت هذه المساهمة في بعض مناطق المغرب يتم تحديدها بشكل دقيق، فمثلاً في جهة سوس جنوب المغرب يطلق عليها "الكد والسعاية"، في حين أنه في شمال المغرب تسمى بـ "حق الشقا" النصيب من الواجبات المنزلية"، لافتة إلى أنه بالرغم من اختلاف التسميات حسب المناطق، فإن المبدأ واحد حيث أنه في القديم كانت القبائل تجتمع في حال وفاة الزوج أو حدوث طلاق، وتمنح الزوجة نصيبها من الثروة التي تركها الزوج بحكم أنها مساهمة في تكوين هذه الثروة.

وبالرجوع لطبيعة هذه المناطق، أوضحت أن النساء تعلمن في مجالات مختلفة في المناطق الجبلية، مثل الحياكة ونسج الزرابي والأغطية الصوفية وغيرها من المنسوجات اليدوية وكذلك في الحقول، في حين أن الأزواج يعملون في مدن بعيدة عن قراهم، وهو ما يفرض إعطاء النساء حقهن من الثروة المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، بحكم مساهمتها في تكوينها وتنميتها، حيث تبقى مجرد أعراف كانت سائدة في هذه المناطق في وقت سابق ولم يعد معمولاً بها، بعد صدور مدونة الأسرة التي تنص في مادتها 49 على اقتسام الممتلكات بين الزوجين بعد الطلاق، لكن بشروط لا تضمن حق الزوجات. 

 

قانون غير منصف للنساء

وأشارت إلى أن المشرع المغربي ارتأى أن يطبق مبدأ "الكد والسعاية" من خلال هذه المادة، حيث ينص على أنه "يمكن للزوجين أن يتفقا على اقتسام الممتلكات التي تم تكوينها أثناء قيام العلاقة الزوجية" وهو ما يوضح على أن الأصل هو استقلال الذمة المالية لكل طرف، وأن ذلك لا ينتفي إلا إذا تم الاتفاق بين الطرفين على أنه ما تم اكتسابه أثناء العلاقة الزوجية هو حق للطرفين.

وأوضحت أن ذلك لا يتم إلا بوجوب عقد بين الاثنين يكون متضمناً عقد الزواج ومستقلا عنه، حيث ينص على أن ما تم كسبه أثناء العلاقة الزوجية هو حق للطرفين معاً، وفي حال عدم وجود هذا العقد يتم اللجوء إلى القواعد العامة للإثبات، أي أن كلا الطرفين مطالب بإثبات عبر وثائق عينية.

وحول هذه الإثباتات لفتت إلى أن أغلب النساء اللواتي تعملن في مهن غير هيكلة، أو هن ربات بيوت لا يتوفر لديهن أي إثباتات يقدمنها أمام القضاء لبيان مساهمتهن في بناء هذه الثروة، وهو ما يطرح إشكالات متعددة في هذا الباب، حيث يعتمد الإثبات على تقديم وثائق توضح لهيئة المحكمة تحويل أموال مثلاً لفائدة الزوج، أو اقتناء بعض المستلزمات المنزلية أو المساهمة في بناء بيت الزوجية، وفي حال تعذر على الزوجة تقديم هذه الإثباتات فإنها تخرج خاوية الوفاض لا تحتكم إلا على تعويض يتم تحديده، بالاحتكام لظروف أخرى ويسمى بـ"المتعة".

وأكدت أن هذا التعويض بدوره يطرح إشكالاً كبيراً حيث تعتبره هيئات الحركة النسوية حاطاً بكرامة النساء، لأن مصطلح "المتعة" في حد ذاته لم يعد مقبولاً استعماله في الوقت الحالي وأصبح متجاوزاً وتطالب بإلغائه.

 

الحاجة إلى قانون يحمي النساء بعد الطلاق

وقالت زهيرة زيدان "لكي تحتفظ الزوجة بوثائق تثبت أنها ساهمت في بناء الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، فهذا يفرض وجود نية مبيتة لديها بكون هذه العلاقة الزوجية لن تدوم وبالتالي يجب أن توفر إثباتات وتحتفظ بها في حال وقع الطلاق حتى تحمي مصالحها.

وحول أهمية إبرام عقد أثناء الزواج كما ينص المشرع أكدت أن أغلب النساء بغض النظر عن الوظائف أو المناصب التي يمكن أن تتقلدنها (سواء كن طبيبات أو ربات بيوت أو غيرهن) فإنهن ترفضن إبرام هذا العقد أثناء الزواج، لأن من شأنه أن يخلق عدم ثقة بين الطرفين، حيث شرط وجوده يعني وجود نية مبيتة بعدم إكمال العلاقة الزوجية، ولتفادي هذا الحرج تصرح أغلب النساء للعدول المتكلف بإبرام عقد الزوج لا حاجة له، وهو ما يحرمها من حقوقها بعد حدوث الطلاق.

وبينت أن المادة 49 التي تنص على اقتسام الممتلكات لم تحل هذا الإشكال، بل كرسته بشكل كبير لأن أغلب الزيجات لم يتم فيها إبرام هذه العقود التي تنص على اقتسام الممتلكات، حيث تبقى حالات قليلة جداً هي التي اعتمدت هذا العقد وضمنته لعقد الزواج. 

كما أكدت أن هناك بعض المحاكم التي أنصفت بعض الزوجات بأحكام قضائية ذهبت إلى منحهن نصيبهن من الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، لكنها تبقى حالات معزولة بالنظر للملفات المعروضة على قضاء الأسرة.

ولفتت إلى أن هذا الإشكال يطرح بشكل كبير بالنسبة للزوجات اللواتي تعملن في مهن غير مهيكلة أو ربات بيوت أو بعض المهن الحرة، حيث لا تملك هؤلاء النساء على ما يثبت أن لهن مدخول مالي تساهمن من خلاله في تنمية الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية.

وفي ختام حديثها أكدت على ضرورة وجود قانون واضح يحمي النساء من الحيف الذي يطالهن بسبب حرمانهن من نصيبهن من الممتلكات المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية، لافتةً إلى أنه حتى ربات البيوت تساهمن بشكل أو بأخر في تنمية الثروة، من خلال السهر على تدبير شؤون البيت ورعاية الأطفال وغيرها من المهام والأعباء اليومية، خاصةً وأن المادة 49 من المدونة يشوبها خلل في التطبيق باعتبار أنها تركت المجال مفتوحاً في حال عدم وجود عقد صريح ينص على الاقتسام، ودعت إلى الرجوع لوسائل الإثبات المعمول بها بشكل عام، وهو ما يشكل ظلماً وحيفاً بحق العديد من النساء.