'ليس من مصلحة السلطة أن يكون المواطنين واعين وأحرار'

رغم محاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، إلا أن الناشطين مستمرون في الاحتجاج، لكن السلطات تلتزم الصمت لأنها تريد خلق مجتمع فاقد الوعي لا يرفض السلطة.

هيلين أحمد

السليمانية ـ بعد حملة تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، عرض الناشطون ومنظمات المجتمع المدني حقيقة القانون وأهميته في المجتمع، كما أعربوا عن خطورة التعديل الذي يتسبب في تدمير نظام الأسرة والمجتمع، لكن السلطات والجهات المعنية لم تتحدث بعد، في حين يتم حرمان النساء والأطفال من حقوقهم ويتم بناء مجتمع بعقلية ذكورية.

وقالت المحامية جاشا دارا "حدثت بعض التغيرات التاريخية في العراق من الملكية إلى الجمهورية، والقانون 188 لسنة 1959 للأحوال الشخصية، هو الذي جاء نتيجة لهذه التغييرات ولأن المجتمع العراقي مسلم فقد أخذ تشريعاته من القرآن والسنة".

ولفتت إلى إن القانون نفسه يحتاج إلى تعديل بسبب عيوبه وتم تعديله بالقانون رقم 15 لسنة 2008 في برلمان كردستان "القانون يحوي على العديد من النقائص، ولكن يمكننا الآن أن نقول إنه القانون الوحيد الذي يوفر الحقوق المدنية، وقد شهد بعد التعديل تغييرات وتطورات جيدة، مثل مسألة تعدد الزوجات التي أصبحت مشروطة".

 

"مشروع ينتهك حقوق المرأة والطفل بشكل كامل"

وترى أن عدة محاولات جرت لتعديل القانون لصالح الرجال، لكنها باءت بالفشل، وهذه المحاولة لتعديل القانون ليست لصالح المرأة "إذا لم تتخذ الأحزاب السياسية موقفاً، فلا ينبغي للمثقفين والناشطين أن يصمتوا بل أن يستمروا بحملات التوعية، خاصةً أن هذا مشروع قانون ولم يصبح قانوناً بعد"، لافتةً إلى أنه "يهدف إلى جعل البرلمان العراقي يقرر أن كل فرد يجب أن ينظم أحواله الشخصية حسب دينه، مما يخلق مشاكل ويعمق الطائفية".

وبينت إنه "لا يوجد مجتمع منفتح لأن الدين دخل في البنية الثقافية وعقلية الفرد فإذا أصبح هذا المشروع قانوناً، فسيتم تقسيم المجتمع والأسرة، ولن ينفذ العراق التزاماته بشأن حقوق الطفل والمرأة، أولاً وقبل كل شيء، سوف ينتهك حقوق الأطفال لأن المذهب الجعفري يسمح بتزويجهم في سن التاسعة أو أكثر بقليل في حين يحتاج الطفل إلى قضاء طفولته، إلا أنه بالزواج يصبح عبداً للجنس".

 

"مواد الدستور متناقضة"

وأوضحت "بحسب المشروع، إذا اختار رجل وامرأة أن يتزوجا وكان هناك تعارض بين مذهبيهما، فسيتم اتخاذ القرار حسب دين الرجل، وهو ما ينتهك مرة أخرى حقوق المرأة لأن هناك المادة 41 في الدستور التي تسمح للعراقيين باختيار مذهبهم حسب ظروفهم الشخصية، بينما يتحدث الدستور عن الديمقراطية والحقوق والحريات الفردية، وبحسب المادة 14 فإن العراقيين متساوون أمام القانون بغض النظر عن الدين أو العرق أو الطائفة، إلا أن مشروع القانون هذا يخالف هذه المادة".

وفيما يتعلق بتأثير مشروع القانون على إقليم كردستان، قالت إن مجتمع الإقليم مسلم ولكن من الصعب قبول هذا القانون في المجتمع الكردي "المشكلة ليست في العصبية الدينية، المشكلة ليست في الفرد، بل في السلطة التي تفرض نفسها، لأن السلطة تريد تحويل المجتمع العراقي إلى مجتمع شيعي".

 

"الأمر كله يتعلق بثقافة تلك العقلية"

وتعتقد المحامية جاشا دارا أنه يجب على الأفراد أن يكونوا على وعي وأن يدعموا الحركات المدنية التي عارضت تنفيذ هذا المشروع "من واجبنا أن نوضح للمواطنين أن هذا القانون يشكل خطراً على المجتمع والأسر، وقد يسبب صراعاً داخل المجتمع، هذه إرادة السلطات، وهم يريدون بناء المجتمع وفق إرادتهم، وليس على أساس الإنسانية والحريات، حتى لا يكون الفرد حراً، ليس صاحب قرار وليس شخصية قوية، فالفرد القوي يخلق مجتمعاً قوياً ويرفض الحكم الدكتاتوري".

وأشارت في ختام حديثها إلى أن الحزب وحدة حضارية، خاصة تلك الأحزاب التي تعتبر نفسها علمانية وتؤمن بأن المجتمع يجب أن يكون متساوياً بكل اختلافاته "لذلك من المهم أن نكون على دراية بهذا القانون وأن نكون مسؤولين تجاه المجتمع ومستقبل الفرد، لكن حتى الآن لا توجد بوادر ولا موقف، إذا كان للأحزاب موقف، فيجب على الأفراد والمجتمع ووسائل الإعلام العمل على خلق الضغط الاجتماعي وإلا فإن تاريخ العراق الدموي سيستمر وسينشأ عدم الاستقرار وعدم المساواة".