بعد 17عام من تطبيقها... نسويات يطالبن بإعادة تعديل مدونة الأسرة

خلقت مدونة الأسرة التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2004، الحدث في المغرب حينها، حيث جاءت بعد مخاض عسير وطويل، لتؤسس وتضمن حقوق المرأة المغربية والأسرة ككل

حنان حارت 
 المغرب - ، واليوم بعد مضي نحو 17 سنة على تطبيقها، ترى الحركات النسوية، أن هذه المدونة باتت تتناقض مع واقع المرأة والأسرة، حيث لم تعد تستجيب لمقتضيات دستور 2011 الذي يقر في الفصل 19 على تمتع كل من الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية. 
 
تعديل المادة 15
تطالب الحركات النسوية في المغرب تعديل المادة 15 من مدونة الأسرة التي تشكل صعوبات يعاني منها المغاربة المقيمون في الخارج، خاصة فيما يتعلق بالاختصاص المكاني لإيداع نسخ عقود الزواج المدنية وتسجيلها بمقتضيات المغرب الكائنة ببلدان الإقامة.
 
الذمة المالية بين الزوجين
وتثير المادة 49 من المدونة، أيضاً حفيظة الحركات النسوية، حيث تتطرق المادة إلى النزاعات المالية بين الزوجين، لكن في مضمونها تفتقر إلى المستند الخاص بإثبات ملاءة الذمة المالية، حيث ترى الحركات النسوية أن هناك إشكالاً يتعلق بطبيعة العناصر التي أدرجها المشرع بالفقرة الأخيرة من المادة 49، والتي يعتمد عليها القاضي في ترتيب حق الزوجين في المكتسبات خلال الحياة الزوجية في حالة غياب اتفاق كتابي، وهذه العناصر هي "عمل كل واحد من الزوجين، وما قدمه من مجهودات لتنمية أموال الأسرة، ثم ما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة"، فالمشرع لم يحدد طبيعة هذه الأعمال، ولا المجهودات، ولا حتى المقصود بتحمل الأعباء.
وعن مدونة الأسرة قالت الناشطة الحقوقية سعاد الطاوسي "إنه منذ تطبيق مدونة الأسرة ظهرت بعض الاختلالات، التي لم تتلاءم بشكل كبير مع ما جاء في الديباجة"، وتطرقت الناشطة إلى قضية النفقة "لم يصدر لحد الساعة أي حكم في موضوع النفقة خلال هذه المدة".
 
تناقض بين النصوص
وأبرزت الناشطة الحقوقية أن هناك تناقضاً كبيراً فيما بين النصوص الداخلية لمدونة الأسرة؛ موضحةً أن الفصل الرابع الذي يؤطر الزواج بين المرأة والرجل، ويعتبره عقد ترابط يؤسسان بموجبه أسرة؛ وأن هذه الأخيرة تكون في رعاية الزوجين، فإنه في فصول أخرى "يتم الضرب بهذا الأمر".
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن هذه المدونة تمنح الأم الحق في الحضانة، لكنها في ذات الوقت تمنح الأب حق الولاية الشرعية، الشيء الذي يمنع الأم من اتخاذ أي قرارات تخص الأبناء، سواء إذا تعلق الأمر بتعليمهم أو الذهاب معهم في رحلة خارج البلاد، أو حتى إنشاء حساب توفير في البنك لهم.
 
الملاءمة مع الدستور
وقالت سعاد الطاوسي "أصبحنا اليوم أمام ضرورة لفتح نقاش يتم من خلاله الإسراع بتعديل مدونة الأسرة، لكون الأمر يتعلق بنص خاضع للتحولات المجتمعية".
وأضافت "النقاش المطروح اليوم حول مدونة الأسرة تأخر كثيراً، حيث كان من المفروض أن يفتح قبل 9 سنوات، أي خلال إقرار دستور 2011"، مشيرةً إلى أن المدونة تظهر اليوم متناقضة مع ما جاء في الدستور وعن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
وشددت سعاد الطاوسي على ضرورة ملاءمة مدونة الأسرة مع الدستور المغربي، ومع كل المواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة خاصة مع اتفاقية مناهضة التمييز ضد النساء.
ودعت إلى ضرورة وضع قانون يساير التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي، من أجل تفادي كل النواقص والاختلالات والثغرات التي تتخلل المدونة، على أن تكون هناك الجرأة أيضاً لحذف كل الفصول التي أصبحت متجاوزة.
 
تزويج القاصرات
تشكل المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة، التي تتعلق بمسألة تزويج القاصرات، مثار جدل أيضاً لدى الحركات النسوية الحقوقية والسياسية، حيث أن النص القانوني الحالي يتيح للسلطة التقديرية للقضاء حق الترخيص لهذا النوع من الزيجات.
ومن جانبها أكدت الناشطة السياسية وعضو حزب التقدم والاشتراكية مجدولين العلمي، أن حزبها سبق وتقدم للمؤسسة التشريعية بتعديلات بخصوص المواد 20 و21 و22 من المدونة، المتعلقة بتزويج القاصرات.
وقالت "ندعو إلى إلغاء وحذف المواد 20 و21 و22 وأيضاً حصر أهلية الزواج في 18 سنة، أما فيما يتعلق بالمادة 16 من مدونة الأسرة والتي تسمح للمحكمة بإثبات الزواج غير الموثق بصفة استثنائية كذلك".
وأوضحت الناشطة السياسية أنه حان الوقت لإعادة النظر في هذه المادة، معتبرة أن الأمر يشكل تحايلاً على القانون للسماح بتزويج القاصرات دون توثيق الزواج.
 
فتح نقاش
وفي الوقت الذي تستمر مطالب عدد من الجمعيات النسائية والحقوقية وحتى الفعاليات السياسية بضرورة تعديل مدونة الأسرة، جاءت تصريحات عبد اللطيف وهبي وزير العدل أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، الذي قال في معرض عرض مشروع الميزانية الفرعية لوزارة العدل بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 2تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إن وزارته ستفتح نقاشاً حول مدونة الأسرة، بغية مراجعة مجموعة من المقتضيات فيها المحتاجة للتعديل.
وذكر الوزير المغربي في معرض حديثه، أن قرار التعديل في المدونة هو من اختصاصات الملك، وقال إنه سيتم أخذ قرارات حول مدونة الأسرة، وعرضها على العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي سيكون له القرار النهائي.