'الفنانة التشكيلية تعبر أكثر من الرجل الفنان عن هموم المرأة'

في المغرب، وعلى غرار باقي بلدان العالم، يعتبر تثمين النفايات وتدويرها رهاناً بيئياً واقتصادياً هاماً، وخطوة مهمة في اتجاه الحفاظ على الموارد الطبيعية والطاقية، وخلق فرص اقتصادية ومناصب شغل مستدامة، وبالتالي حماية البيئة، وفي إطار هذه الجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية في البلد، هناك مبادرات فردية لأشخاص يحملون هم الحفاظ على البيئة من خلال تسخير الفن

حنان حارت
المغرب ـ .
فتيحة بنطلحة فنانة تشكيلية تعتمد في لوحاتها على النفايات الصلبة والعلب البلاستيكية التي يقذفها البحر وتحويلها إلى أعمال فنية، بهدف تثمين النفايات ورفع وعي المجتمع في الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بيئياً ومجتمعياً، وإعادة تشكيلها وتدويرها فنياً بطرق إبداعية وثيمات متنوعة.
وتؤمن فتيحة بنطلحة أن التوعية والتحسيس في مجال البيئة، لا يقتصر على مجال معين، حيث تعتبر أن الفن التشكيلي، هو شكل آخر من أشكال التعبير، وللتعرف على كيفية استخدامها النفايات الصلبة في تشكيل لوحاتها الفنية؟ وماهي الرسائل التي ترغب في إيصالها من خلال هذه المبادرة؟ كانت لوكالتنا معها الحوار التالي:
 
كيف بدأت علاقاتك مع الفن التشكيلي، وما الذي أردت إيصاله من خلال إصدار كتاباً حول فن التدوير؟
بدأت علاقتي مع الفن التشكيلي منذ نعومة أظافري، نظراً للبيئة التي كنت أعيش فيها وأنا صغيرة، حيث ترعرعت في بيت كان محاطاً بالحقول وفي نفس الوقت كان قريباً من الشاطئ، فهذا التمازج بين الحقول والبحر كان مصدر إلهام بالنسبة لي، فحاولت ترجمة ما أراه في الطبيعة إلى لوحات فنية، عبرت من خلالها عن ذاتي.
عندما كنت أخرج للنزهة في الشاطئ، كنت أرى الكم الهائل للنفايات التي تقذفها أمواج البحر من مختلف الألوان والأشكال، من بينها لعب للأطفال، وكانت تبدو لي وهي متراصة على جنبات الشاطئ وكأنها لوحة فنية، أراها تتلألأ في الرمال فكانت تستهويني كثيراً، وهكذا مع مرور السنوات استطعت أن أخرج فني إلى حيز الوجود على الشكل الذي ترونه الآن. 
وإصداري لكتاب حول فن التدوير بعنوان "التربية البيئية وفن التدوير"، جاء لأني أريد من خلاله ترسيخ الثقافة البيئية لدى الناشئة من أجل الحفاظ على البيئة، عن طريق إعادة تدوير النفايات الصلبة بطريقة إبداعية، كما أنني ألفت كتاب لتنمية المهارات والخيال الإبداعي لدى الأطفال.
 
هل تحتل المرأة جانباً في أعمال فتيحة بنطلحة، وكيف تقدمينها في لوحاتك؟ وهل تؤيدين مصطلح الفن النسوي؟
موضوع المرأة دائماً حاضر في لوحاتي سواءً بالنسبة للفن التشكيلي أو التدوير؛ المرأة في لوحاتي أجسدها دائماً الأم والأخت والزوجة والبنت، وأشكل معاناتها وآلامها وآمالها وأفراحها وأحزانها، أنقل ما تعانيه من اضطهاد في المجتمع من عنف وتحرش وغيرها من  المشاكل التي تصادفها في الحياة.
بالتأكيد أؤيد مصطلح الفن النسوي، فالفنانة التشكيلية تعبر أكثر من الرجل الفنان عن هموم المرأة، لأنها تحس بمعاناتها كونها امرأة مثلها، لهذا فهي لها القدرة على نقل الواقع الاجتماعي للنساء بكل موضوعية فتعبر عن ذلك بريشتها وأناملها.
 
فتيحة بنطلحة فنانة تشكيلية متفردة في المغرب تلجأ إلى النفايات الصلبة لتدعيم لوحاتها ما الرسالة التي ترغب في إيصالها؟
ليس من السهل القيام بتحويل النفايات إلى عمل فني، فالأمر يستغرق من يوم إلى أسبوع لمجرد الحصول على فكرة عمل فني وطريقة العمل عليه، وكفنانة تشكيلية متخصصة في فن التدوير هناك مجموعة من الرسائل أمررها في لوحاتي، التي تأخذ تيمة معينة إما أنها تعبر عن الثقافة المغربية أو السلام والتآخي بين الشعوب، وأستغل النفايات الصلبة والمتلاشيات التي توجد في البحر في تنفيذ الأفكار التي تنتابني والتي أحولها إلى لوحات فنية. 
 
في سياق ما يعيشه المغرب والعالم ككل في ظل جائحة كورونا، كيف تتفاعلين مع هذه الأزمة، وهل لهذه الظروف تأثير في تكوين لوحاتك؟
الفنان يتأثر بكل ما يحدث في الحياة، لأنه يستلهم لوحاته من الحياة اليومية، وبالنسبة لي أغلب لوحاتي كما سبق وأشرت، تتفاعل فيها كافة الأحداث التي تعبر عن مواقف وأزمات في الحياة، فما يمر به العالم اليوم بخصوص جائحة كورونا أثر في كفنانة تشكيلية وحاولت رصد ذلك في لوحاتي، فعملت على هذا الموضوع بشكل ملفت في إطار التوعية والتحسيس والتأريخ لهذه المرحلة والفترة الحرجة التي يمر فيها المغرب والعالم ككل. 
هناك لوحة فنية عملت عليها العام الماضي أتحدث فيها عن فيروس كورونا، واستعملت فيها اللون الأحمر الذي يمثل موت الكثير من الناس في مختلف دول العالم، وبالنسبة للمغرب رسمت تاجاً وعلم المغرب اللذان يمثلان الحكمة الرشيدة لجلالة الملك بأخذه الخطوة الاستباقية ضد الوباء، وفي الأسفل رسمت كرة وتمثل ضحايا الوباء والبيوت المقفلة تعني تطبيق الحجر في المنازل، أما الاشعاع فيعني الحماية، هناك عدة دلالات فلسفية أخرى تحملها هذه اللوحة.
 
هل اللون في اللوحة له أهمية مثل الفكرة أو الموضوع، وماهي الألوان التي تعمدين على أن تكون دائماً في لوحاتك والقريبة منك؟
الألوان الزاهية تعطيني مجالاً واسعاً للإبداع، بالنسبة لي حين ارسم اللوحة اختار الألوان أولاً والتي تتناسب مع الفكرة التي أريد تنفيذها، عموماً هناك مجموعة من الألوان القريبة من شخصيتي وتتمثل  في الأزرق، الأصفر، البرتقالي، الأخضر الفاتح، البنفسجي والوردي؛ هذه الألوان عندما تتجمع في اللوحة الواحدة تفرحني وتعطيني عالماً من المتعة والإبداع.
 
 ماهي مشاريعك وآمالك المستقبلية؟
نظراً للظروف التي باتت تفرضها جائحة كورونا، سأشارك خلال الأيام المقبلة في ملتقيات دولية ووطنية عن بعد، للحديث عن كيفية تثمين النفايات الصلبة والاقتصاد الدائري خاصة أن العالم أضحى اليوم يتجه نحو إعادة تدوير النفايات الصلبة التي تتخلص منها المصانع في إطار الاقتصاد الأخضر وخلق مشاريع مدرة للدخل.
وفي إطار التربية البيئية وعلاقة التدوير بخدمة البيئة بطريقة مبتكرة وجديدة وفي إطار التنمية المستدامة أطمح إلى ترسيخ الثقافة البيئية لدى الناشئة وذلك بإنشاء مدرسة بيداغوجيا تهتم بفن التدوير، وهكذا سيكون بإمكاننا الحفاظ على البيئة وخلق جيل جديد يهتم بها وله روح المسؤولية في الحفاظ على البيئة باستعمال الفن.