تمكين النساء اقتصادياً يساعدهن على تجاوز البطالة وتحسين وضعهن المعيشي

هن نساء اخترن ان يكون الإصرار على مكافحة الصعاب مبدأهن في الحياة وبفضل العزيمة والثبات تمكنت كل واحدة منهن من التعلم والتدريب وتجاوز البطالة وتحسين الوضع المعيشي لأسرهن

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ هن نساء اخترن ان يكون الإصرار على مكافحة الصعاب مبدأهن في الحياة وبفضل العزيمة والثبات تمكنت كل واحدة منهن من التعلم والتدريب وتجاوز البطالة وتحسين الوضع المعيشي لأسرهن.

زينة معايزية أرملة لخمسة أطفال تعيش بمنطقة ريفية فقيرة منعدمة الموارد، وجدت نفسها في مواجهة الفقر بمفردها، وابناؤها مهددون بالانقطاع عن الدراسة، لكنها لم تستسلم لقدرها وتمكنت من أن تكون امرأة متعلمة وصاحبة مشروع.

تقول زينة معايزية التي تعيش في منطقة تكرونة بمحافظة الكاف "تركني زوجي مع خمسة أطفال، لا أعرف كيف أعيلهم وأنا أعيش في منطقة نائية قريبة من الحدود الجزائرية لا يتوفر فيها أي مورد للعمل، ولا على بنية تحتية ملائمة وانا امرأة غير متعلمة، ولم أعتد التواصل مع الناس فكان الحمل ثقيلاً اضطرني إلى التضحية بدراسة اثنين من ابنائي"، مستدركةً "لكن بفضل مساعدة مؤسسات المجتمع المدني تمكنت من التعليم والقراءة، وأصبحت قادرة عل استعمال الهاتف المحمول والتعامل مع الوثائق وتلقيت تدريباً في تقطير النباتات الغابية، وتحويلها الى زيوت صحية، ومكنني ذلك من بيع منتوجاتي عن طريق تعاونية لمجموعة من الفلاحات".

وحول الصعوبات التي تمر بها قالت "نجلب الأعشاب من الغابات وهي ليست بالعملية السهلة، نظراً لخطورة الغابة، كما يعتبر الترويج هو الهاجس لصاحب أي مشروع"، مؤكدةً أنها من خلال هذا العمل تمكنت من انقاذ أبنائها من الانقطاع عن الدراسة.

ولأنها تسكن بمنطقة نائية تقطع مسافة طويلة جداً على الأقدام حوالي (8كم) في غياب وسائل النقل، قاصدةً التعلم من خلال التدريب على تربية النحل "استفدت من التعليم فأصبحت قادرة على مساعدة ابنتي في الدراسة، وبدأ الناس بسؤالي عن مشروعي الصغير لإعداد العسل البيولوجي".

وبينت أنها تمكنت من التوفيق بين الاهتمام بأسرتها والتعلم والتدريب، ولم تفوت حصة واحدة من حصص التكوين، وتشارك في المعارض وتشارك في الرحلات أيضاً.

الفكر الرجعي الذي ما يزال مسيطر على المجتمع خاصة بالأرياف، تسبب في منع الكثير من الأزواج لزوجاتهم من تلقي التدريب والتكوين، أو العمل ونبيلة نبتي واحدة من هؤلاء النساء، اذ تزوجت وهي في سن الـ 17 عاماً، وانجبت 3 بنات وكان زوجها متسلطاً، حاول حرمان بناتها من مواصلة الدراسة، لذلك قررت الانفصال عنه لإنقاذ مستقبل بناتها، والعمل بصناعة المنتجات الغذائية المحلية وبيعها في حيها.

تقول "للأسف لم يكن زوجي سنداً لي، لكني تمكنت بفضل العزيمة والثبات من تحقيق ذاتي بعيداً عنه، ووجدت مورد رزق يكفيني أنا وبناتي".

أما مريم خلفاوي التي تمكنت من متابعة دروس الخياطة بمركز الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بمحافظة القيروان، تقول "أحببت الخياطة منذ فترة المراهقة، ولكن عائلتي رفضت ذلك، وانقطعت عن الدراسة عند مرحلة الثالث الثانوي، وتزوجت وانجبت الأطفال لكن شغف بالخياطة لم يفارقني".

وتبين أن زوجها شجعها على تعلم الخياطة "حققت حلمي بتعلم الخياطة، وساهمت في إعالة أسرتي، فالمعيشة مرتفعة ومرتب واحد لا يكفي".

أما نادية ساسي مدرسة لتعليم الكبار ومكونة في إطار مركز نموذجي للفلاحة بمحافظة نابل فتقول "درست الأبجدية ومحو الامية في البداية ثم انتقلت الى التدريب في ورشة تربية النحل". مبينةً أن التدريب يتواصل على امتداد سنة كاملة بمعدل حصتين في الأسبوع، ثم تتمكن بعد الدارسة من تأسيس مشروعها في تربية النحل وإنتاج العسل الطبيعي.

وهذا التكوين يجد إقبالاً من الدارسات القادمات من مناطق بعيدة ونائية بحثاً عن تحسين وضعهن المادي، والمساعدة في تربية الأبناء "صاحبات المشاريع بحاجة للتمويل ليصبح المشروع أكبر، وكذلك نطالب الجهات المسؤولة بالاهتمام أكثر بهذه المشاريع".

وذكرت نجاة الأسود النقابية والمشرفة على تعليم هذه الشريحة من النساء أن المقاربة الجديدة لتعليم النساء وتعليمهن إحدى المهارات التي ساهمت باستقطاب المزيد من الدارسات، مؤكدةً أن المرأة ترغب دائماً في التمتع بتكوين اختصاص يضمن لها إيجاد مورد رزق لتكون عنصراً فاعلاً في المجتمع.

وذكرت منية المناعي الباحثة في مجال تعليم الكبار وهي ناشطة بالمجتمع المدني أن تعليم المرأة بصفة عامة يكون أكثر عمقاً، ويمكن النساء اقتصادياً، مشيرةً إلى أن المتعلم الكبير لديه خصوصيات، وخاصة المرأة التي لديها الكثير من الأعباء، والعديد من المسؤوليات، "تعليم الكبار يمكن النساء اقتصادياً ويعرفهن على حقوقهن وواجباتهن".