شابة فلسطينية تقتحم مجال الطاقة الشمسية في قطاع غزة وتتحدى مصاعب العمل

في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية واستمرار أزمة الحصار المفروضة على قطاع غزة، لجأت رماح البحيصي للعمل في تركيب الألواح الشمسية والطاقة البديلة المهنة التي يهيمن عليها الرجال في فلسطين

نغم كراجة 
غزة ـ .
تركيب الألواح الشمسية والطاقة البديلة مهنة وصفت بالشاقة وكانت حكرة على الرجال باتت تمتهنها رماح البحيصي البالغة من العمر 21 عاماً، بعد انضمامها للدراسة في تخصص تركيب الألواح الشمسية والطاقة البديلة في قطاع غزة، لتثبت دورها وتؤكد على أنها شريك في بناء المجتمع.
تقول رماح البحيصي من محافظة دير البلح وسط قطاع غزة، أنها تخرجت من كلية تصميم الجرافيك، إلا أنها اتجهت لتخصص دبلوم فني طاقة شمسية في كلية مجتمع تدريب غزة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وهو عبارة عن تركيب وتشغيل وصيانة أنظمة كهروضوئية.
وأوضحت أنها اختارت هذا التخصص للقضاء على البطالة وتحديداً لحداثته في القطاع، نظراً لأن الفلسطينيين يعانون من أزمة انقطاع الكهرباء لفترات طويلة وأصبح اعتمادهم الأكبر على الطاقة الشمسية؛ لمسايرة أعمالهم.
واستطاعت رماح البحيصي أن تجعل مشروع التخرج الجامعي مميزاً وتمكنت من تحقيق إنجاز لم يسبق له في جامعتها "لقد كان مشروع التخرج عظيماً حيث أنني صنعت كرسي متحرك لذوي الاحتياجات الخاصة وتمكنت من معالجة مشكلة شحن بطارية الكرسي المتحرك في ظل انقطاع وعدم انتظام التيار الكهربائي، من خلال اعتماد آلية شحن البطارية عبر تقنية الخلايا الشمسية كبديل مساعد لعملية الشحن أثناء انقطاع التيار الكهربائي".
وعن عملها في تركيب وتشغيل وصيانة أنظمة كهروضوئية تقول "يتطلب مني العمل أن أكون على دراية بكيفية تركيب الكهرباء الداخلية والخارجية وعمل صيانة للكهرباء والخلايا وتركيب الطبلونات، وأن أكون على معرفة بعمل الحداد"، مشيرةً إلى أن ذلك كله تمكنت من فعله بعد تلقيها التدريب على أرض الواقع.
وأشارت إلى أنه لكل عمل مخاطره لذا يجب توفر قوة بديهية بحيث تجنبها الأذى والضرر "هذا العمل متعب جداً وليس بإمكان أي فتاة العمل في هذا المجال، فهو يتطلب أن يكون الشخص ذو جسم قوي وقوة بدنية تتحمل العبء والقدرة على المشي والرفع، مثل العمل في اللحام ورفع الأشياء الثقيلة وغير ذلك من الخطوات الخطيرة"، لافتةً إلى أنها "الفتاة الوحيدة في هذا المجال التي تصعد المرتفعات العالية دون رهبة، مما جعلني في موضع شهرة في المجتمع".
ولفتت إلى أنه بالرغم مما تعرضت له من تنمر وانتقادات حادة من قبل المجتمع إلا أنها واصلت طريقها، وأوضحت "تلك الشروط التي توفرت في شخصيتي منحتني فرصة للعمل في عدة شركات تعمل في هذا المجال"، وأوضحت أنه "رغم حداثة التخصص ومشقته والانتقادات والتعليقات المحبطة حيث أصبحنا نشارك في مهام العمل من تجهيز الشبكة واللحام والتمديدات وغيرها من الأعمال، وبذلك تحديت العادات والتقاليد التي تجعل المرأة مقيدة بأعمال خاصة دون اقترابها من المهن التي يرى المجتمع أنها مناسبة للرجال فقط، إلا أنني أصريت على أن أكمل الطريق".
وحول تأثير أهمية مصادر الطاقة الشمسية في خوضها تجربة العمل في تخصص فني الطاقة الشمسية تقول "يعاني أفراد قطاع غزة من الحصار الذي ترتب عليه أزمة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ونقص الوقود في المحطات، مما اضطر الأهالي وأصحاب المصالح إلى استخدام الطاقة الشمسية التي تولد الكهرباء عن طريق الشمس والإقبال عليها كبيراً، لذلك بحثت عن المهن المطلوبة في سوق العمل ووجدت أن استخدامات الطاقة الشمسية أكثر المجالات اهتماماً في البلاد نظراً لأهميته لأفراد المجتمع".
وعن الخبرات العلمية التي تمتلكها أوضحت "قضيت أكثر من عام ونصف من العمل بمجال الطاقة الضوئية، والعمل داخل بيئة مليئة بالحماس والتطوير داخل مجتمع قطاع غزة، واعتبرت ضمن أول مجموعة شابات فلسطينيات عاملات في هذا المجال، كما أنني أجيد التصميم الجرافيكي باحترافية، ولدي خبرات عملية مثبتة في مجال الطاقة الشمسية والعمل المكتبي والتصميم".
وتعمل رماح البحيصي برفقة مجموعة من الفتيات لساعات طويلة حيث تقوم بتوصيل اللوحات الشمسية للمنازل والمؤسسات، وتأكد على أن الحماس واللهفة ورح الفريق ساعدها على تأدية العمل على أكمل وجه "طبيعة العمل ضمن الفريق المكون من أربعة أشخاص، يساعد في تأدية المهام مهما كان العمل شاقاً"، مشيرةً إلى أنه لكلٍ منهم مهامه "العمل يقسم على أعضاء الفريق، ومن مهامنا العمل على التمديدات الكهربائية، وتركيب دائرة العوام الكهربائي، والتحكم في تشغيل محرك ستار دلتا، وقياس الكميات الكهربائية للدوائر الكهربائية، وتصميم نظام شمسي كامل مع حساب عدد الألواح والبطاريات، وغيرها المهام الأخرى".
ومن التحديات التي واجهتها كما تقول "عدم وجود وقت محدد للعمل الذي يتطلب منا الذهاب إلى مدن تبعد مسافات طويلة عن مدينتي، بالإضافة إلى تقبل العمال عمل فتاة في مجالهم، إلا أنه مع الوقت تقبلوا وقدموا المساعدة في بعض أمور المهنة، المجتمع رفض تماماً فكرة عملي بدليل تنمر أفراده".
وقالت رماح البحيصي في ختام حديثها "أطمح في تأسيس شركة خاصة بي في مجال الطاقة الشمسية، وأن تتوفر لدي كافة المعدات التي تلزمنا في العمل الميداني، وأن أكون قادرة على إنجاز المهام المطلوبة منا بمشاركة فريق نسائي".