نزيهة أرحومة: غياب الحصانة عن محرر العقود تعرضه للكثير من المشاكل

من خلال اطلاعها على قرارات السماح بمزاولة مهنة محرر العقود التي يتم نشرها في الجريدة الرسمية، أوضحت نزيهة أرحومة أن نسبة النساء بدأت تطغى على نسبة الرجال في هذه المهنة.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ حين تتساوى شروط القبول في العمل كمحرر عقود تتساوى كذلك المسؤولية، فلا يتم احتساب كونها امرأة مسؤولياتها ستقل، فهي تتحمل أعباء المهنة، والمواجهات الصعبة سواء مع الجهات الأمنية أو الأفراد أثناء القيام بالمعاملات، مثلها مثل الرجل، هذا ما أكدته نزيهة أرحومة.

عن خوضها لمجال محرري العقود، تقول محررة عقود موثقة بمحكمة استئناف في بنغازي نزيهة أرحومة أنها من خلال دراستها في كلية القانون بجامعة بنغازي كان لديها ميل شديد للتوجه إلى مهنة محرر العقود، وليس المحاماة كما تطمح معظم الفتيات اللواتي تتوجهن لدراسة القانون، فإن مهنة المحاماة والتعامل مع الموكلين بمختلف شرائحهم يتطلب جهد ووقت، الأمر الذي جعلها تبتعد عن المحاماة كمهنة.

وأشارت إلى أنها في عام 2011 توجهت لتعلم مهنة محررة العقود بعد تخرجها كمساعدة في مكتب محررة عقود لها باع طويل في المجال، وهي الأستاذة نزهة الجراي، وكانت من الشخصيات القدوة بالنسبة لها، خاصةً من ناحية طريقة تعاملها مع المقبلين عليها أو مع المتدربات لديها.

وأوضحت أنها في عام 2017 توجهت للعمل بشكل رسمي في المهنة وحصلت على مكتبها وعملها الخاص، وواجهت بعض الصعوبات، ولكن استطاعت أن تتغلب عليها وتثبت وجودها في المهنة وكونت اسم مميز لها ويعرفه الجميع.

ولفتت إلى أن "النجاح في مهنة محرر العقود ليس سهلاً فلابد لمن توجه للعمل فيها أن يكون على دراية كافية وكاملة بالصفتين القانونية والشرعية، لأن القانون الليبي المختص بعمل محرر العقود ركز على هاتين النقطتين، للحفاظ على الصالح العام وحق الزبون. بالإضافة أن تكون لديك ثقة شديدة بنفسك، ولابد أن تكون الإجراءات التي يتم تداولها سليمة مائة بالمائة".

وشددت على ضرورة إظهار قوة الشخصية في إجراء المعاملات، لأن الأطراف هم من شرائح مختلفة التفكير والمستويات التعليمية والاجتماعية، مشيرةً إلى سعيها المستمر لإثبات نفسها في المهنة، رغم وجود أسماء كبيرة على الساحة، وعريقة في المجال.

وعن تميزها في المجال تقول نزيهة أرحومة "الأمانة والمصداقية أهم جزء في عملنا، فلا تخرج المعاملة من مكتبي إلا بعد التأكد من أنها مطابقة للقانون، وحرصت على أن يكون الأساس الذي انطلق منه في عملي أن يكون المصداقية والأمانة والنزاهة، وهذا ما جعلني أتميز".

وحول توجه النساء بشكل كبير لهذه المهنة بعد عام 2011 تقول "كانت بعض المهن القانونية حكراً على الرجال فقط ومهنة محرر العقود من ضمنها، ولم تكن تستطع إثبات وجودها فيها، خاصةً فيما يتعلق بالاتصال بالجهات القانونية، ولكن بعد عام 2011 بدأت النساء تتوجه لمهنة محرر العقود لأنهن تعرفن على ماهية المهنة بشكل مفصل وعميق، كما أن هناك نساء تركن مهنة المحاماة وتوجهن لمحرر العقود، ولكن السهولة تكون فيها بالالتزام بالأساسات القائمة عليها".

وذكرت أن المرأة عادةً ما يتم اتهامها بأنها عاطفية وهذا ما يجعلها لا تصلح لبعض المهن كما يرى البعض، ولكن في مهنة محررة العقود وغيرها من المهن استطاعت أن تتغلب على هذا الجانب، وحتى أن الطالبات بدأن تتوجهن للتعرف على هذه المهنة عن قرب، لإمكانية أن تكون مهنتهن مستقبلاً، موضحةً من خلال اطلاعها على قرارات السماح بمزاولة مهنة محرر العقود التي يتم نشرها في الجريدة الرسمية، أن نسبة النساء بدأت تطغى على نسبة الرجال.

وعن الصعوبات التي تواجهها أثناء ممارسة علمها، تقول أنها في أحيان كثيرة تجد صعوبة بشكل أساسي في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، من أجل توصيل المعلومة الصحيحة إليهم، وصعوبة التعامل مع الرجال خاصةً أولئك الذين يحضرون النساء من أجل توقيعهن على وثائق ليست في صالحهن، دون أن تعلمن عن محتواها، وبحكم عملها تضطر للشرح والتوضيح للطرف الذي يريد التنازل خاصةً من النساء حتى لا يتم هضم حقهن أو النصب عليهن وسرقة حقوقهن.

وأشارت إلى أنه "قانوناً أنا ملزمة بتوضيح كل بنود العقد للزبون سواء رجل أو امرأة، وماهي أبعادها؟، وهل ما كتب في العقد مطابق لإرادته/ها أم لا؟، ويتسبب التعامل مع بعض الأطراف المختلفة مشاكل في كثير من الأحيان".

وأضافت "متى ما كانت الإجراءات سليمة لا يستطيع أن يتعرض لك أحد بسوء حتى ولو كانت جهة أمنية، إذ لابد أن تأتي الأطراف المعنية بالعقود أو المعاملات شخصياً، وأنا اتحقق من هويتها، ويتم التوقيع والبصم أمامي، واستطعنا أن نسيطر على المشاكل التي تحدث في هذا الجانب، كما تعرضت لموقف وتم استدعائي من قبل جهة أمنية كشاهدة على موضوع تزوير وتم القبض على المتهم".

ولفتت نزيهة أرحومة إلى أن "مهنة محرر العقود هي مهنة كقطاع خاص ولكن يتم إدراجها أيضاً كموظف عام في قطاع الحكومة، أي أتبع للحكومة شكلاً، ولكن كعمل هذا يعتبر عمل في القطاع الخاص، فأنا ملزمة إلزام تام بمتابعة مهنتي ولدي إجراءات مع نهاية كل شهر لابد أن أقدم إحصائية كاملة لإدارة التفتيش حول عملي الذي قمت به، كما لدينا ضرائب نقوم بدفعها".

وأضافت "نقطة القطاع العام والخاص في عملنا قد أعاقت من حركتنا وبذلك توجهنا لمجلس النواب كي يحدد لنا المجال الذي نتبعه، حتى نستطيع العمل فأنا كموظف عام من غير المسموح لي أن أعمل في أي عمل آخر، سواء في الحكومة أو قطاع خاص، ورغم ذلك أنا أفضل التفرغ الكامل لهذه المهنة لأنها تحتاج للتركيز والمتابعة بدقة".

وأوضحت نزيهة أرحومة أن غياب الحصانة عن محرر العقود تعرضه لكثير من المشاكل قد يصعب الخروج منها في كثير من الأحيان خاصةً لو تم استدعائه من جهات أمنية كمتشبه فيه، وليس كشاهد.