التحرش والتمييز والتقاليد... من أسباب تراجع المرأة المغربية في سوق العمل

تتسم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بانخفاض في معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة، إلا أن المغرب يبقى من بين عدد قليل من البلدان التي تسجل انخفاضاً مطرداً في هذه المعدلات.

حنان حارت

المغرب ـ لم تفلح المبادرات التي وضعها المغرب من أجل تعزيز حضور النساء في سوق العمل، حيث بقي نشاطها متأثراً بعبء الأسرة والاعتبارات الثقافية والاجتماعية التقليدية، وعوامل ترتبط ببيئة العمل مثل التحرش الجنسي واللفظي والتمييز.

بينت أحدث الإحصائيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أن نسبة ضعف نشاط النساء في المغرب تصل إلى أكثر من 70%، مرجعة هذا الرقم الكبير إلى ما اعتبرتها عوامل ثقافية واجتماعية تقليدية، تحول دون مشاركتهن الكاملة بسوق العمل، وأن نسبة عدم نشاطهن في القوة العاملة تصل إلى 73%، وهي نسبة أعلى بكثير من نظائرهن الرجال والمقدرة بنحو 7.5%.

وبحسب الدراسة فأن هذا التفاوت يتجلى أكثر بين النساء المتزوجات، اللاتي يصل احتمال عدم نشاطهن إلى 81.9% بفارق 3.1% لدى الرجال المتزوجين، مقارنة بالشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و34 عام مع احتمال يبلغ 79.4% بفارق 3.3% لدى الشباب، حيث أكدت المختصة في قضايا المرأة وعضوة ائتلاف المناصفة دابا أمينة التوبالي أن الأرقام المتعلقة بمشاركة المرأة في سوق العمل تعكس انتكاسة لواقع المشاركة الاقتصادية للمغربيات "يؤسفنا كحركات نسائية، أن نقف على هذه الأرقام التي تظهر بالرغم من الجهود التي تبذل فيما يتعلق بتحسين وضعية النساء في المجتمع المغربي لا زلنا أمام تمييز ضدهن في سوق العمل".

وأكدت أنه خلال السنوات الأخيرة بات هناك تراجع متزايد لنسب عمل النساء "لقد ساهمت جائحة كورونا في تراجع نسبة النساء في مجال العمل، خاصة أن أغلب النساء اللواتي كن تعملن في القطاع الخاص فقدن عملهن بسبب إعلان نسبة كبيرة من المؤسسات عن إفلاسها، كما أن تراجع نسبة النساء في سوق العمل سببه أيضاً التقاليد والعادات والموروث الثقافي، حيث أن هناك مشاكل ترتبط بالعالم القروي، وأيضاً في المدن الصغيرة التي لا توجد فيها مصانع أو فلاحة، خاصة مع توالي سنوات الجفاف".

وأوضحت أن "الأرقام التي وردت في تقرير المندوبية السامية للتخطيط، ترتبط كذلك بفرص العمل والتمييز ضد النساء في مسألة الأجور، وذلك لأن القطاع الخاص يتم فيه تغييب مجموعة من القوانين التي تعطي للمرأة الامتياز وتضمن حقوقها، كما أن هناك فجوة كبيرة ما بين النساء والرجال حيث أن 82 % من النساء لا تلجن لعالم العمل في المغرب "هذا رقم مخيف يؤثر على الاقتصاد الوطني وعلى النسيج الخام لأن التمييز ضد النساء في عالم العمل والدراسة وفي التكوين المهني، تدفع الحكومة تكفلته غالية"، مشيرة إلى أن سلبيات ذلك تؤثر على النسيج الاقتصادي الخام وعلى الأسرة والمجتمع ككل.

وأوضحت أن "هناك مشاكل فردية ومشاكل جماعية تؤثر على انخراط المرأة في سوق العمل، فبعض الأسر تشجع الذكور على متابعة دراستهم، فيما تحرم الإناث من حق التعليم والتكوين، وذلك واضحاً في العالم القروي حيث توجد فيه نسبة كبيرة من الإناث لم تتمكن من ولوج المدارس بشكل نهائي ليتم تزويجهن وهن قاصرات، وبالرغم من الجهود التي تقدمها الحكومة من أجل محاربة هذه الظواهر الاجتماعية، إلا أنه لم يتم لمس نتائجها بالشكل المطلوب".

وحول الحلول التي تراها كفيلة من أجل زيادة نشاط النساء أكدت أمينة التوبالي على أنه يجب التفكير في أن تكون للنساء ذات المكانة لدى الرجال "المعركة لازالت طويلة ويحتاج الأمر منا وضع حلول جذرية كفيلة بتحقيق المساواة في المجتمع، والحلول من أجل النهوض بوضع المغربيات وتعزيز حضورهن في سوق العمل، لن يكون إلا بتغيير الترسانة القانونية التي تدعم الحيف والتمييز، وتفعيل الفصل 19 من الدستور الذي ينص على المساواة بين الجنسين في كافة المجالات وتقديم حلول ترتبط بالتنمية، وخلق فرص عمل تراعي احتياجات كل منطقة أو كل مجال على حدى، من أجل تشجيع النساء على المشاركة في النسيج الاقتصادي".