دبس الرمان المنزلي صناعة قديمة ما زالت نشطة في مدينة منبج

مع نضوج الرمان وبدأ موسم قطافه تباشر النساء في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا والتي تشتهر معظم قراها بزراعة أشجار الرمان وعلى وجه الخصوص قرية الياسطى التي تقع شمال شرق المدينة بصناعة دبس رمان

سيلفا الإبراهيم  
منبج ـ .    
تشتهر مدينة منبج بصناعة دبس الرمان وتتوزع معامل صنعه في عدد من أحياءها لكن الدبس الذي تصنعه النساء في المنازل يبقى الأفضل بالنسبة للعديد من العائلات.
 
50 عاماً من عمل متواصل كان إرثاً لتوفر به دخل لعائلتها
 
 
العديد من العائلات تتخذ من صناعة دبس الرمان مهنة لتوفير دخل الأسرة، وتقع مسؤولية إعداده بشكل أساسي على النساء.   
فطينة العبد الله (60) عاماً تعمل في صناعة دبس الرمان منذ طفولتها، واللون الأسود المطبوع على يديها يحاكي الجهد والتعب الذي عاشته خلال نصف قرن من العمل "عملت في صناعة دبس الرمان منذ كان عمري عشر سنوات عندما كنت أساعد والدتي". مضيفةً "ما دفعني للعمل هو شغفي اتجاهه إضافةً إلى أنه لا يمكنني الجلوس بدون عمل وهذا ما جعلني استمر لمدة 50 عاماً، فقد اعتدت عليه". 
ورغم اختلاف الدوافع استمرت في العمل حتى بعد زواجها "في طفولتي عملت لمساعدة عائلتي وبعد زواجي عملت لتوفير دخل لأسرتي الصغيرة".  
تسترجع فطينة العبد الله ذكرياتها أيام الشباب وترى أن على المرء العمل والاعتماد على ذاته في أي عمر كان "في شبابي وطفولتي كنا نستأجر بساتين ونعمل فيها ونصنع جميع أنواع المونة ومنها دبس الرمان. نعتمد على ذاتنا لكيلا نحتاج لأحد، فهذا العمل يوفر لنا دخلنا، فمنذ طفولتنا تعلمنا إذ احتجنا لشيء نعتمد على أنفسنا وتعبنا، فعندما يكون المال من عرق الجبين تكون فيه بركة وقيمة أكثر". مؤكدةً أن بإمكان الجميع العمل طالما يمتلكون الصحة.
وتصنع فطينة العبد الله مع بناتها كافة أنواع المونة "مع بناتي أصنع المونة الشتوية بجميع أنواعها للبيع". وأضافت "أبدأ بصناعة دبس الرمان مع بداية شهر تشرين الأول ونستمر بالعمل بشكل يومي حتى نهاية الموسم".
كل يوم أو يومين تجلب كمية من الرمان تتراوح ما بين 100 و150 كيلو غرام، وبعد إخراج الحبات من الثمرة تعصرها وتسخن العصير على النار لأكثر من ثمانِ ساعات "أضع القدر على النار منذ الساعة الخامسة صباحاً، واستمر بغلي عصير الرمان لـ 10 ساعات تقريباً، وبذلك لا انتهي من عملي للساعة الثانية أو الثالثة عصراً".
تقول إن الإقبال على شراء دبس الرمان المصنوع في المنزل جيد "في بعض الأحيان لا تكفي الكمية التي نصنعها لجميع الزبائن فنضطر لبيع مونة المنزل فلا يمكننا ردهم خائبين". وتضيف "أغلب زبائني من مدينة حلب، اتعامل معهم منذ 20 عاماً".
وعن الصعوبات التي تواجهها قالت "مرحلة طبخ الرمان صعبة لأنها تأخذ ساعات طويلة، فطبخه على نار الحطب ممل ومتعب، ويستوجب المراقبة الدائمة"، مبينةً "لا يمكنني أن أغفل عيني عنها فإذا غلى الدبس وانسكب سنخسر مربحنا". كما ذكرت أن سوء الطريق وبعد المسافة عن حلب إحدى الصعوبات التي تواجهها. 
 
بدافع الحب تعمل في صناعة الدبس منذ 3 أعوام
 
 
فاطمة السالم (44) عاماً عملت على افتتاح مشروع صناعة دبس الرمان مع زوج ابنتها منذ 3 سنوات، "بالتزامن مع موسم قطف الرمان نستأجر عاملات لصناعة الدبس"، مبينةً أنها لا تعمل من أجل الاستفادة المادية فقط "لا نعتمد على هذا العمل لإعالة الأسرة فكل فرد من عائلتي يملك عملاً، لكن الشغف هو ما دفعني لإطلاق مشروعي".
العاملات اللواتي في مشروع فاطمة السالم في صناعة الدبس يتراوح عددهن بين 6 و9 عاملات "هناك الكثير من النساء بحاجة للعمل، لذلك فمشروعنا يقدم فرصة لهن"، وتضيف "لا أكتفي بالإشراف على العمل بل أساعد العاملات، ونقضي أوقاتاً ممتعة".  
وحول السبب الذي يدعوها لعصر الرمان يدوياً دون الاستعانة بالمعامل تقول "لا أحبذ دبس الرمان المصنوع في المعامل لأني أهوى العمل النظيف، أفضل متابعة طريقة صنعه من التنظيف إلى التقشير حتى عصره وغليه".
وأوضحت "أغلب المشتريين يلجؤون لشراء دبس الرمان المصنوع يدوياً لمرضى السكري ففي حال عدم نظافته أو تواجد الملح أو السكر فيه سيضر المريض".  
تصنع فاطمة السالم كمية من دبس الرمان تصل إلى نحو 200 أو 300 كغ "رغم مشقة العمل إلا أنه خير من أن تمد يدك لأحدهم".