التغيرات المناخية تؤثر على عاملات الزراعة والبائعات

تدفع النساء ضريبة التغيرات المناخية خاصة العاملات في الزراعة وبائعات المنتجات الزراعية، فعملهن يرتبط بالمناخ بشكل مباشر وذلك بسبب غياب الدعم المادي لهذه المجالات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ بسبب قلة الدعم الذي يتلقاه قطاع الزراعة وبعض المجالات التي تتأثر بالتغيرات المناخية أكثر من غيرها، تجبر العاملات فيه على الضلوع في مجالات أخرى لحين زوال الأسباب.

"لم يعد أمامي خيار سوى البحث عن عمل آخر نظراً لقلة فرص العمل في القطاع الزراعي على الرغم من أنه لن يحقق ذات الدخل" بهذه العبارة بدأت العاملة في القطاع الزراعي هدى عامر حديثها، مؤكدة أن عوامل الطقس الغير مستقرة تزيد الخسائر يوماً تلو الآخر.

وهدى عامر ليست الحالة الأولى أو الأخيرة فهناك آلاف النساء تعملن في الأراضي الزراعية، وتدفعن ضريبة ذلك خاصة في الظل التغيرات الكبيرة التي طرأت على المناخ في مصر خلال الأشهر الأخيرة، وما ترتب عليه من تلف في المحاصيل الزراعية أو نقص إنتاجها وبالتالي ارتفاع في الأسعار من جهة وفصل عدد ليس بالقليل من العاملات من جهة أخرى.

وكما هو معتاد النساء تدفعن ضريبة التغيرات المناخية وغيرها من الأزمات الأخرى بسبب هشاشة مكانتهن في المجتمع، وأيضاً لكون الكثير منهن أصبح عملهن جزء رئيسي من دخل أسرهن نتيجة ارتفاع الأسعار التي تجبرهن على المشاركة في تحمل الأعباء المالية، بالإضافة إلى وجود نسبة كبيرة من النساء معيلات بشكل كامل لأسرهن.

وأضافت "ما باليد حيلة لم تعد هناك فرص للعمل ففي الفترة الأخيرة باتت نساء وفتيات أصحاب المزارع تعملن فيها للاستغناء عن اليد العاملة المأجورة، لقد كنت أحصل على نصف أجر العامل وحقي مهدر والآن أقبل العمل بربع الأجر ومع ذلك لا أجد عملاً"، مؤكدة أنها اتجهت للعمل كوسيط في بيع الخضروات والفاكهة، إلا أن كميات كبيرة منها تتلف بفعل حرارة الصيف الشديدة وأن الربح الذي تتحصل عليه لا يكفي لتغطية الخسائر، لذلك اتجهت للعمل في بيع منتجات الألبان التي أيضاً ارتفعت أسعارها مؤخراً لذلك اضطرت لترك هذا العمل.

الاخصائية الاجتماعية ببرنامج مناهضة العنف ضد المرأة في مؤسسة قضايا المرأة المصرية منى فضالي، تؤكد أن النساء العاملات في الزراعة تعانين في صمت بفعل التغيرات المناخية التي نالت من قدرتهن على تلبية احتياجات أسرهن، وأن الأزمة الحقيقية باتت مرتبطة بهذه التغيرات بشكل كبير ففي فصل الشتاء تقل عدد ساعات العمل وتصاب الكثير من العاملات بأمراض سببها دراجات الحرارة المنخفضة، وكذلك فصل الصيف وما يصاحبه من ارتفاع في الدرجات التي لا يتحملها النبات ولا العاملات، وعدم توفر عقود عمل يزيد من حدة الأزمة التي تواجهها العاملات كون عدد كبير منهن تعملن في المزارع الخاصة بأجور يومية، كما أن موسمية العمل لها دور في ذلك حيث سيتوجب عليهن البقاء عاطلات عن العمل حتى يحين موعد الزراعة القادمة الذي يستغرق عدة أشهر.

وأضافت أن التبعيات السلبية للتغيرات المناخية لا تقتصر على العاملات في الأراضي الزراعية كما أثرت على البائعات في الأسواق الشعبية التي زادت خسائرهن نتيجة تلف المنتجات وانخفاض مستوى الإنتاج كماً ونوعاً للعديد من الأصناف وبالتالي ارتفاع الأسعار وعزوف نسبة كبيرة من الزبائن عن الشراء وجميعها أمور أثرت سلباً على دخل البائعات، مؤكدة أن عدد كبير منهن عندما تبلغن سن الشيخوخة تجبرن على العمل في القطاع الزراعي أو في الأسواق كونهن أصبحن خارج مظلة التأمين الاجتماعي والصحي وليس لديهن دخل لتغطية نفقات احتياجات أسرهن.

وأكدت أن الفئة الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وغيرها من الكوارث والأزمات هي النساء "كونه يقع على عاتقهن الجزء الأكبر من مسؤوليات الأسرة واحتياجاتها وهو الأمر الذي يجبرهن على خوض غمار العمل وتحمل الخسائر، والنسبة الأكبر من اليد العاملة في الأراضي الزراعية من نساء ومع ذلك نسبة الرجال ملاك الأراضي هي الأكبر كونهن لا يحصلن على حقهن في الميراث كما أنه عادة ما تحرر العقود باسم الرجال"، مضيفةً أن باقي الأعمال والمهن المرتبطة بالزراعة تحتل النساء المقدمة فيها سواء في منتجات الألبان المختلفة أو تربية الحيوانات وكذلك البيع بالأسواق الشعبية.

وقد ذكرت منى فضالي تجربة قرية دكرنس بمدينة القليوبية حيث أن النساء فيها تعملن بالصيد باستخدام أيديهن، إلا أنهن خلال فترات البرد القارص تستمررن في عملهن وتتحملن عنائه.

وأوضحت أن التغيرات المناخية تسببت بموجة جفاف تأثرت بها القرى بشكل كبير وكان هذا التأثير واضحاً على أوضاع النساء الاقتصادية فقد اتلفت العديد من المزروعات بسبب درجات الحرارة العالية وشح المياه، مؤكدة أنها ألتقت عدد من البائعات في الأسواق الشعبية تشكين حالهن بسبب خسائرهن الناتجة عن التغيرات المناخية، كونهن تتحملن أعباء تلك الخسائر وحدهن فليس هناك مؤسسة أو جهة تحمل على عاتقها تعويضهن.

وطالبت مؤسسات المجتمع المدني بوضع حد لمعاناتهن، وأن مؤسسة قضايا المرأة تعمل جاهدة على هذا الملف وقد أطلقت حملات وندوات توعوية بهدف التعامل مع تلك الأزمة وطرح الحلول المناسبة، موضحةً أن النساء أنفسهن بتن مدركات لحجم الأزمة وتسعين داخل منازلهن وخارجها للتقليل من أي ممارسة قد تؤثر سلباً على المناخ.