رغم واقعهن المرير نساء الشرق الأوسط تناضلن من أجل غداً أفضل

تواصل النساء النضال من أجل الحفاظ على مكتسباتهن التي واجهت تهديدات جدية، ومنهن من أشعلن الثورة وأخريات كن ضحية الحروب، لكنهن رغم جميع التحديات أكدن على تضامنهن وفضحن نفاق المجتمع الدولي كما في السودان وقطاع غزة.

سميرة سوزدا

مركز الأخبار ـ في العام 2023 تعرضت النساء لانتهاكات بالجملة فالقتل مستمر في غزة والعنف الجنسي في السودان، فلا حقوق ولا تطورات خلال هذه السنة فلم يصدر أي قانون أو قرار يصب في صالح النساء مع استمرار التهميش والإقصاء والعنف بمختلف أشكاله.

يتم استهداف المرأة والشبيبة والطبيعة فهذه الفئات هي المستهدفة من قبل نظام المدنية، والمرأة نالت نصيب الأسد من القمع والقتل والاستهداف المباشر وغير المباشر في الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط والمستمرة حتى اليوم دون أي حل من قبل ما يسمي نفسه بالمجتمع الدولي.

 

قوانين وردية وواقع مرير

لم يكن عام 2023 سهلاً على النساء في تونس، فقد كان عاماً استثنائياً خسرن فيه قانون التناصف الأفقي والعمودي وغُيّر فيه القانون الانتخابي الذي أنتج برلماناً مذكراً بـ 25 امرأة فقط مقابل 129 رجلاً ومجالس محلية ذكورية بنسبة نسائية لم تتعدى الـ 12 بالمئة، حيث تمكنت 231 امرأة فقط من التواجد في 133 مجلس محلي من مجموع 277 مجلس، أي بمعدل 9.75 بالمئة في الانتخابات عموماً فضلاً عن المحاكمات بسبب المرسوم 54 المقيد لحرية التعبير والرأي، علاوة على تزايد نسب قتل النساء حيث بلغت العام الماضي حدتها (حوالي ثلاثين ضحية) في محافظات سوسو جندوبة ونابل واريانة بمعدل امرأة ونصف شهرياً مع تسجيل 5 حالات في أقل من شهر بداية السنة الحالية ما دفع الجمعيات النسوية إلى دقّ ناقوس الخطر والضغط من أجل تطبيق القانون عدد 58 لمكافحة العنف ضد النساء.  

وبرغم أن دستور البلاد خصّ النساء لأول مرة في تونس بفصل مستقل وهو الفصل 46 الذي عبّر عن التزام الدولة بحماية الحقوق المكتسبة والتشريعات وتطويرها وضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات، إلاّ أنّ الواقع ظلّ مريراً.   

وتعتبر الجمعيات النسوية أنّ الحكم على قاتل رفقة الشارني بثلاثين عاماً بعد سنتين من الجريمة، هو الحدث الأبرز السنة الماضية، كون القاتل يعمل في السلك الأمني، وتلك التخوفات التي عاشتها النسويات قبل الحكم بفترة لا تعطي حق الضحية.

وعانت الحقوقيات والطالبات والناشطات في المجتمع المدني من التضييقات والمحاكمات والعنف خاصة في الفضاء الرقمي وتفاقم العنف الجسدي وخاصة قتل النساء الذي بلغ 25 جريمة في 2023.

ويثير المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال مخاوف النساء من المحاكمات الظالمة (على غرار ما حدث مع الناشطة شيماء عيسى) بينما كنَّ تعتقدن أنه سوف يحد من العنف السيبراني الموجه ضدهن خاصة في ظل تغافل القانون عدد 58 عن ذلك.  

كما أن 600 ألف عاملة في القطاع الفلاحي تواجهن يومياً حوادث الطرقات رغم القانون عدد 51 لسنة 2019 الذي يهدف إلى الحد من تجاوزات شاحنات الموت وصيحات فزع من المجتمع المدني خاصة النسوي لإيقاف النزيف ووقف الانتهاكات التي تطالهن رغم أنهن المسؤولات عن غذاء التونسيين فنسبة تواجدهن بالعمل الزراعي تجاوزت 80 بالمئة.

ولكنهن لم تتوانين عن دعم أهالي غزة من خلال المشاركة في الاحتجاجات رفضاً لما تتعرض له نساء غزة من عنف ومجازر.

وفي أيام اليوم العالمي للمرأة تواصل المرأة التونسية النضال من أجل الحفاظ على مكتسباتها التي واجهت تهديدات جدية بعد 2011 خاصةً خلال فترة حكم الإسلاميين وتواصل العمل على سن قوانين وتشريعات تحمي حقوقها في جميع المجالات وتعمل على بلوغ مواقع القرار والتصدي للعقلية الذكورية التي تحول دون ذلك، بالمثابرة والجدية في العمل كما سجلت بروزاً لافتا للحراك النسوي المطالب بالحفاظ على حقوق النساء وضمان الحريات ومراجعة المنظومة القانونية.

 

عام التضامن النسائي

من أبرز التحديات التي واجهت المرأة هي الحرب التي اشتعلت منذ نيسان/أبريل ٢٠٢٣ التي استُهدفت النساء بالاعتداء الجنسي والاغتصاب، وعلى الرغم من تهميش المرأة لسنوات طويلة وحالة الردة في المكتسبات والحقوق بسبب القيود الجنسانية التي فرضتها حكومة إسلامية، إلا أن هذا الواقع أسهم في خلق حراك نسوي ساعد على إبقاء الأخريات على قيد الحياة وسط الصراع في السودان، فخلال 2023 شكلت أكثر من عدد 49 منظمة ومبادرة تقودها نساء منصة السلام من أجل السودان لدعم المساعدات الإنسانية، إضافة إلى تنظيمهن العديد من المبادرات وإطلاق الدعوة الجماعية التي تقودها النساء لإنهاء الصراع، كما شاركن النساء في تقديم خدمات الدعم والإغاثة في حالات الطوارئ، وتعملن في الظل وتوسعن هامش الإمكان من خلال الاستخدام الذكي للتكنولوجيا.

ومن الخارج استخدمت الطبيبات السودانيات تطبيق واتساب لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن بعد في العيادات.

 

ثورة آب... نساء السويداء أشعلن الثورة من جديد

في ثورة ١٨ أب/أغسطس ٢٠٢٣ بمدينة السويداء عبرت المرأة عن رأيها بكل جسارة وجرأة وبدأت تطالب بحقوقها وتغيير واقع الشعب السوري وسن قوانين تساوي بين الجنسين وتضمن حقوق المرأة، وأصبحت مكون أساسي في التغيير رغم ما تتعرض له من محاولات لتهميشها من خلال كتابة التقارير الكيدية، وحافظت على الطابع السلمي للحراك، ولعبت دوراً مهماً عن طريق التنظيم ورفع الصوت عالياً وكونت مجتمع جديد لا يخشى من مشاركة النساء في قول لا للسلطة الحاكمة.

وبعد أن أثرت الأزمة السورية على أغلب النساء بسبب غياب المعيل انخرطن بسوق العمل، فكانت هناك عدة مشاريع، والعمل في مجالات مختلفة ومنها ما كان حكراً على الرجال.

 

كفاح من أجل الحياة

لا تزال المرأة في إدلب محرومة من معظم حقوقها منها حق التعليم والعمل في ظل سيطرة ما يسمى بهيئة تحرير الشام، فضلاً عن صعوبة الموازنة بين رعاية الأسرة والعمل، وعدم توفر وسائل النقل إلى أماكن العمل وانحدار التعليم العالي مع انتشار الجامعات التابعة للمرتزقة المدعومة من الاحتلال التركي.

ولكنها كما في السابق تشغل جميع الأدوار ولها دور في مجال الاستجابة الإنسانية الأولية والرعاية الصحية، واستطاعت إثبات وجودها بمختلف المواقع، غير أنها ما زالت تناضل للحصول على حقوقها المشروعة في الحرية والعيش الكريم والتخلص من العنف والعنصرية.

وقد واجهت المرأة خلال عام 2023 عواقب وآثار كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب الشمال السوري، ومنهن من فقدن منازلهن واضطررن للعيش في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء وتأثرن بشكل مباشر بتبعات النزوح وانعدام الخصوصية والأمان.

وفي هذه المدينة التي تخضع لما يعرف باتفاقيات خفض التصعيد تأمل النساء بإنهاء آلامهن في العيش الآمن بعيداً عن أصوات الطائرات والمدافع التي أنهكت حياتهنَّ وأرعبت أطفالهن، فآلة القتل لا تزال تحمل موتهنّ مع أبنائهنّ، حتى بعدما هربهنّ إلى خيم قماش لا تقي حرّ صيف ولا برد الشتاء.

ولكنهن ما تزلن تأملن بدعم قضايا المرأة والاهتمام بشؤونها المختلفة وتمكينها في كل المجالات وفتح السبل أمامها لإثبات ذاتها.

 

اليمن  

هناك بعض التطورات التي حققتها النساء منها التعينات التي كانت لأول مرة مثل تعيين قاضيات وأيضاً تعيين نساء في مكاتب تنفيذية ومرافق حكومية، لكنهن تواجهن العديد من التحديات أهمها المعوقات التي تقف أمامهن خصوصاً أثناء انخراطهن في العمل السياسي والحقوقي والتشويه والتضليل الذي تتم ممارسته عليهن.

كما أن هناك العديد من التحديات الحقوقية منها استمرار اعتقال عدد من النساء لدى الحوثيين، ومنع حرية التنقل والسفر للنساء في مناطقه شمال اليمن، وإصدار قرار يقضي بإعدام الناشطة فاطمة العرولي، وانتهاكات شملت اعتقال فتاة ناجية من العنف المنزلي هربت من مناطق سيطرته إلى مناطق الحكومة المعترف بها دولياً في الجنوب ولكن تم اعتقالها وتسليمها إلى عائلتها، وفي عدن قتلت امرأة ونجت أخرى في ارتفاع لمعدل العنف الممارس ضد النساء.

وتأمل النساء بتحقيق سلام دائم لليمن وفتح الطرقات وإشراك النساء في المشاورات والمباحثات من أجل تعزيز الجهود لحماية الفتيات خاصة الهاربات من مناطق سيطرة الحوثي.

 

الجزائر

تحققت بعض التطورات الإيجابية لحقوق المرأة في الجزائر خلال عام 2023، ومع ذلك، ما زالت هناك تحديات تواجه النساء في هذا البلد.

فقد شهد عام 2023 تبني تشريعات جديدة تعزز حقوق المرأة، مثل قانون حماية النساء من العنف الأسري والتحرش الجنسي وتم تفعيل صندوق دعم النساء المطلقات أو ما يسمى بصندوق نفقة المطلقات الذي تم اقراره عام 2015.

كما شهدت البلاد جهوداً متزايدة في تعزيز التوعية بقضايا حقوق المرأة، سواء من خلال وسائل الإعلام أو الحملات التوعوية المجتمعية.

ولكن استمر اقصائهن من المشاركة السياسية، بما في ذلك تعيينهن في مناصب قيادية وتمثيلية، كما أن العنف الأسري والتحرش الجنسي شكلا تحدياً كبيراً للنساء مع ارتفاع معدلات العنف والتأخر في اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحته، مع استمرار التمييز بين الجنسين في العديد من المجالات، مثل الوظائف، والتعليم، والمشاركة السياسية، وتواجه النساء تحديات اقتصادية كبيرة في ظل ضعف الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة، مما يؤثر على قدرتهن على تحقيق الاستقلال المالي.

ولديهن الآمال وتسعين من أجلها وعلى رأسها تعزيز الحقوق القانونية وسن قوانين تحمي حقوق المرأة وتعزز مكانتها في المجتمع، وزيادة مشاركة النساء في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دورهن في صنع القرار، وكذلك تعزيز الجهود لرفع مستوى الوعي بقضايا حقوق المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.

 

تعديل قانون مدونة الأسرة

من أبرز الأحداث التي شهدتها سنة 2023، هو فتح باب النقاش لتعديل قانون مدونة الأسرة المغربية، وذلك بعد مرور ما يناهز 20 عاماً على تعديلها، حيث تم تشكيل لجنة للاستماع لآراء الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات وغيرها.

أما وضع النساء فيما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سيء، إذا ما تم تذكر وضع العاملات في المجال الزراعي والنساء في الريف واللواتي تعملن في القطاعات غير المهيكلة، كما أن تفاوت الأجور بين النساء والرجال ما زال مستمراً، إضافةً إلى أن الهدر المدرسي يسجل نسبة أكبر في صفوف الإناث واستمرار الأرقام المخيفة للعنف المنزلي.

ولا يمكن إنكار وجود تقدم في بعض المؤشرات خاصة التمثيل السياسي للنساء ونسبتهن في مواقع صنع القرار وإن كانت هذه النسب لا ترقى إلى تحقيق المناصفة، وتفيد الإحصائيات أن تأنيث المناصب العليا ارتفع من نسبة 16% عام 2018 إلى 19% عام 2022، ليبلغ بذلك عدد النساء في المناصب العليا 619 امرأة عام 2023.  

أما على مستوى البرلمان فقد شهد ارتفاعاً في عدد النساء بين عامي 2002 و2021، الأمر الذي يعكس الديناميكية والتعبئة التي خلقها نظام "الكوتا" مما ساهم في وجود 95 امرأة تحت قبة البرلمان حالياً، ولكن ما تزال هناك ممارسات تمييزية بحقها سواء في المجتمع أو داخل الأحزاب من قبيل تهميش دورها السياسي.

 

شلل كامل لتحركات النساء نحو المطالبة بحقوقهن

لا يمكن الحديث عن التحديات التي واجهتها المرأة في لبنان عام 2023 بمعزل عن الحرب الحالية في قطاع غزة خاصة وأن الحرب امتدت فعلياً إلى جنوب لبنان بحيث أطاحت بكامل الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف وباختصار لم يتم حماية المرأة وتحييدها في الحروب بل استهدفت بشكل مباشر وتعرضت للقتل مع أو بدون أطفالها في مشهد مرعب هذا التحدي يعتبر اليوم الأصعب خصوصاً وأن قرى وبلدات بأكملها هجرتها الحرب فأصبحت المرأة الجنوبية نازحة في بلدها ومحاصرة أيضاً في مناطق مختلفة تتحمل كما العادة الثمن الأكبر للحرب وتداعياتها بحيث خسرت النساء أعمالهن وأرزاقهن نتيجة النزوح وعدم الاستقرار إلى جانب ما يترتب على النزوح من تبعات في تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي وغيره.

إلى جانب الحرب المستجدة لبنان يعاني أصلاً من أزمات مختلفة اقتصادية سياسية واجتماعية الأمر الذي سبب في العام 2023 شللا كاملاً لتحركات النساء نحو المطالبة بحقوقهن وأطاح بكامل نضالات المرأة السابقة، على الصعيد التشريعي مثلاً لا جديد في ظل غياب اجتماع المجلس النيابي الدوري، وفي ظل التعطيل الرسمي للقضاء والمحاكم مما يزيد من تهميشها وإضعافها.

هذا المشهد أسس لأزمات إضافية تدفع ثمنها النساء من جهة ضيق المعيشة وضعف إمكانية التوفيق بين احتياجات العائلة ومن جهة المطالبة بتحسين القوانين والنضال لأجل حقوقها بسبب غياب الاستقرار، فالأزمة الاقتصادية زادت التحديات التي تواجهها النساء فضلاً عن التحديات الاجتماعية والنفسية فيما جاء الغذاء والدخل في سلم أولويات الفتيات والنساء وانعكس ارتفاع أسعار الدواء على تجاهل النساء أولوياتهن في مجال الصحة والغذاء لصالح أسرهن، إضافةً للصعوبة في تأمين الحاجات الأساسية لعائلاتهن ولأطفالهن كالحليب واللباس والتعليم مما يسبب لهن الضغط النفسي والتوتر بشكل دائم ويؤدي في بعض الأحيان إلى عنف متواصل داخل المنازل.

بالمقابل لا تزال مشاركة المرأة في القوى العاملة في لبنان ضئيلة حيث لا تصل نسبتها إلى 28 بالمئة، أي ثلث معدلات مشاركة الرجل تقريباً، وتعود أسباب هذه الظاهرة إلى قيام النساء بـ 94 بالمئة من مهام رعاية الأطفال، ما يحد من فرصهن في متابعة المسار الوظيفي.

واستمرت أزمة المدارس الرسمية مما أدى إلى تردي الأوضاع المعيشية لغالبية الكادر التعليمي الذي يرتكز على غالبية العاملات في هذا القطاع.  

كما أنجزت الهيئة الوطنية استطلاع آراء حول "العنف ضد النساء والفتيات والابتزاز والتحرش الإلكتروني والتحرش الجنسي" في إطار مشروع "مكافحة العنف ضد النساء والفتيات في لبنان والحؤول دون وقوعه "وعقدت سلسلة لقاءات تدريبية مع نساء راغبات في الترشح للانتخابات البلدية المقبلة ضمن مشروع تعزيز المشاركة السياسية للنساء على الصعيد المحلي، إلى جانب جلسات توعوية في عدد من الثانويات الرسمية في مختلف المحافظات اللبنانية.  

وتأمل المرأة اللبنانية بزيادة نسبة مشاركتها السياسية عبر إقرار مبدأ الكوتا المرحلية، وأن تتعدل القوانين الشخصية لجهة الولاية على الأطفال، والحصول على الجنسية لزوجها ولأطفالها، وتعديل العقوبة على العنف المتمثل بالقتل والعنف الجسدي بحيث يصبح رادعاً.

 

المستقبل يبدو واعداً

لازالت المرأة في ليبيا لا تمتلك الكثير من الشجاعة للخوض في مجالات المطالبة بالحقوق سواء بالطرق السليمة المعتادة أو من خلال المطالبات التي تشحذ الهمم وتصدح بالصوت حتى أولئك النساء اللاتي رفعن أصواتهن لمناصرة قضاياهن تم إسكات هذا الصوت بالقتل أو بالإخفاء.

المرأة الليبية لازالت أسيرة المجتمع حتى أولئك اللاتي تراهن ينشطن في المجتمع المدني الحقوقي لا تستطعن الخروج في الشارع والمشي بمفردهن معظمهن يختفين خلف الكيبورد يكتبن ما يخطر على بالهن لكن لو طلب منه النزول للميدان في مظاهرة أو اعتصام فهي لن تخطو خطوة واحدة نحو الشارع.

وتصطدم المحاولات الجدية والأكثر عملية بجدار الأجهزة الأمنية التي بدأت في بسط سيطرتها من جديد على الشارع الليبي، إضافة إلى خوف المرأة من الإعلام فهي تخشى الظهور والحديث في مواجهة الكاميرا وبالتالي كثير من الحقوق والمظالم لا تظهر للعالم، ولكنها كسرت حاجز الصمت والخوف في المجال الاقتصادي تحديداً فقد نجحت فيه وخرجت بمشاريع نافست فيها الرجل.

ورغم ذلك ترى الليبيات أن المستقبل يبدو واعداً من خلال الفتيات اليافعات اللاتي تعملن في صمت بعيداً عن ضجيج الإعلام يبتكرن ويقدن مرحلة جديدة أكثر عملية وعلمية وجدية، فعلى الرغم من أنهن لم يطالبن بحقوقهن بشكل واضح وصريح إلا ما يقمن به في المجتمع المدني المحيط بهن أكثر واقعية وسيأخذن به حقوقهن من المجتمع قريباً.

 

شهور من الحرب دمرت ما بنته النساء لسنوات

أدت الهجمات إلى انقطاع العمل المدني والنسوي والذي شهد نشاطاً كبيراً منذ بداية العام 2023 من أجل دعم النساء وتمكينهن في مختلف القطاعات، فجمعية أجيال للإبداع والتطوير أطلقت في آب/أغسطس حملة "تتنازليش"، لطرح معاناة النساء اللواتي تحرمن من حقهن في حضانة أطفالهن بعد الطلاق، وكان من المتوقع أن تمتد لعام وأكثر حتى يتم تحقيق العدالة وتوفير الحماية بشكل مستدام، كما أطلقت جمعية تنمية المرأة الريفية في آب/أغسطس حملة "كوني أنتِ"، بهدف تسليط الضوء على العنف النفسي تجاه المرأة وآليات التعامل مع جميع الفئات النسوية، ودمرت جميع المشاريع التي أسستها النساء فالقطاع مدمر بشكل شبه كامل منذ بدأ الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وخلال خمسة أشهر قتل ما يزيد عن 30320 شخص وإصابة أكثر من 71533 وارتكاب 10 مجازر ضد العوائل في القطاع، وبدأت المجاعات تلوح في الأفق وقد مات 10 أطفال جوعاً بحسب منظمة الصحة العالمية، وقتلت أكثر من 9 آلاف امرأة.

 

بالتحدي والتوعية نصل للحرية

تظل المرأة الموريتانية في معركة دائمة من أجل انتزاع حقوقها وهذا ناتج عن عدة أسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية.

والمرأة في الريف حين يهجرها زوجها إلى المدينة تظل تكابد من اجل البقاء وتكافح الظروف القاسية مع ابناءها كل مقومات الحياة الاساسية منقوصة، هذا فضلا عن العنف الذي تتعرض له.

في بلاد حين تتعلم المرأة وتنال المراتب العليا تعتبر معركة من أجل الوصول في ظل العقلية الذكورية فكل السياسات المعمول بها تقصيها من مراكز القيادة وصنع القرار والدليل على ذلك تغييبها من وزارة السيادة منذ نشأة الدولة الى يومنا هذا فكل المؤشرات تشير الى تأخرها الممنهج في البناء والتنمية.

ومع كل هذه التحديات تتجدد القوة والعزيمة عند المرأة في خوض معارك على جبهات عدة لانتزاع حقوقها التي تضمن لها المساهمة والمشاركة الفعالة في بناء بلد يسوده القانون والمؤسسات ويضمن كل الحقوق القائمة على القيم الانسانية والعدالة والمساواة.

 

انتفاضة "Jin jiyan azadî" مستمرة

انتفاضة "المرأة حياة حرة Jin jiyan azadî" التي اندلعت في الأشهر الأخيرة من عام 2022 بعد مقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد "شرطة الأخلاق"، غطت جميع مدن إيران وشرق كردستان واستمرت لأشهر، وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2023 سلم البرلمان الأوروبي، جائزة ساخاروف التي منحها لمهسا أميني لحركة " Jin jiyan azadî".

واستمر عصيان قوانين الحجاب الإلزامي بعد التراجع الجزئي لانتفاضة Jin jiyan azadî وواصلت النساء والناشطات التحدي من أجل حقوقهن.

وللتضامن بين الإيرانيات بمختلف انتماءاتهن تم تنظيم كونفرانس "المرأة حياة حرة Jin jiyan azadî" في 20ـ21 كانون الثاني/يناير في العاصمة السويدية ستوكهولم، من قبل جمعية المرأة الحرة لشرق كردستان ـ كيجار.

وصدرت العديد من الأحكام ضد سجينات حيث تم الحكم بالسجن لمدة 15 شهراً والحظر لمدة عامين من الإقامة في طهران لنرجس محمدي، ومُنعت الصحفيات الثلاثة إلهة محمدي ونسيم سلطان بيجي ونيلوفر حميدي، المعتقلات في سجن إيفين من حقوقهن في الاتصال وزيارة عائلاتهن، وصدرت لائحة الاتهام بحق السجينة السياسية فريشة مرادي بتهمة "العمل ضد الأمن القومي" من خلال عضويتها في حزب الحياة الحرة الكردستاني وتم اعتقالها.

وشهدت السجون احتجاج السياسيات في مختلف السجون الإيرانية، وأعلن الإضراب عن الطعام، وعقب الإعلان عن هذا الإضراب، أعلن مئات الأشخاص، بمن فيهم سجينات سياسيات سابقات ونشطاء حقوق إنسان وناشطون مدنيون وغيرهم من السجناء، أنهم سيضربون عن الطعام دعماً للسجينات السياسيات ووقف حكم الإعدام.

 

تراجع كبير ما يزال مستمراً

في العراق ما تزال المرأة تعيش أوضاعاً مأساوية، مع استمرار العنف المجتمعي وسط بيئة تشريعية لا تدعم المرأة بل تقف ضدها، فلم تفلح مشاركة النساء في البرلمان وفق نظام الكوتا بنسبة لا تقل عن 25 بالمئة في إجازة قانون مناهضة العنف الأسري حتى أن عدد منهن رفضن إجازته لعدم كفاءتهن في تولي منصبهن.

ودعم المجتمع الذكوري ممارسات معادية للمرأة أو تحد من حقوقها مثل الزواج القسري والعنف الأسري وزواج القاصرات والحرمان من التعليم والقتل تحت مسمى الشرف، وفي انتخابات مجالس المحافظات تعرضت العديد من المرشحات لشتى صنوف المضايقات والاستهداف، والمرتكزة في جلها على خلفية واحدة، وهي استضعاف المرأة والحط من شأنها، والاستخفاف بقدرتها على لعب دور فعال في الفضاء العام والسياسي.

وتزايدت خلال 2023 حالات العنف المبنية على النوع الاجتماعي وبالأخص العنف الجنسي، ونسبة طلاق لقاصرات زادت عن الـ 4 آلاف حالة، ويستمر الهدر بحقوق النساء لأن الآلاف من القضايا بعيدة عن الأنظار مثل زواج القاصرات وزواج المتعة والطلاق التعسفي والعنف الأسري وغيرها من الانتهاكات التي لا تصل إليها الإحصائيات.

مع الاستمرار في القسم الثالث